كيف تقول “لا” بأدب واحترافية؟

هل تواجه صعوبة في الرفض أو قول "لا" عندما يُطلب منك شيء ما؟ عندما نوافق دائماً على ما يُطلب منَّا، نخاطر بالتعرُّض للإجهاد وتحميل أنفسنا ما لا نطيق؛ لذا دعونا نلقي نظرة على كيفية قول "لا" بأدب واحترافية.

Share your love

ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن “مات أبوداكا” (Mat Apodaca)، والذي يُحدِّثنا فيه عن طريقة رفض الأمور التي لا نرغب في القيام بها، بطريقة مهذبة واحترافية.

هناك عدد كبير من الكتب والمقالات لشرح طريقة قول “لا” للعديد من الأمور التي تُطلَب منَّا في الحياة، فلقد نشأ معظمنا على نحو جعلنا نشعر أنَّه يجب علينا مساعدة الآخرين على الدوام، وأن نكون على استعداد دائم لمدِّ يد العون كلَّما أمكن ذلك، كما تعلَّم الكثير منا أنَّه من أجل التقدُّم في حياتنا العملية، يجب أن نكون على استعداد “للقيام بما يلزم” وتحمُّل مسؤوليات إضافية.

يجب عليك أن تعمل بجد لتتقدَّم في مهنتك، وهذه الأفكار صحيحة إلى حدٍّ ما؛ ولكنَّنا عندما نوافق دائماً على ما يُطلب منَّا، نخاطر بالتعرُّض للإجهاد وتحميل أنفسنا ما لا نطيق؛ لذا دعونا نلقي نظرة على كيفية قول “لا” بأدب واحترافية.

لماذا لا تُعدُّ الموافقة على كل شيء أمراً جيداً؟

هناك مصطلح يُطلَق على الأشخاص الذين يوافقون على تلبية رغبات الجميع، وهو “مُرضي الناس”، ومساعدة الناس عند الحاجة ليست أمراً سيئاً بالطبع؛ ولكن تكمُن المشكلة في قبول كل شيء مهما كانت ظروفنا.

باختصار، أنت تدرك أنَّك هكذا تعيش حياتك للآخرين وليس لنفسك؛ ممَّا قد يؤدي إلى بعض المشكلات السيئة طويلة الأمد، ومنها:

1. الشعور بالاستياء:

أحد أسوأ الأشياء التي تأتي من تلبية مطالب الناس طوال الوقت هو الشعور المتزايد بالاستياء تجاه الآخرين؛ فعندما يطلب منك صديقك الذي لا يكتب وظائفه دفتر وظائفك، كيف ستشعر عندما تمنحه إياه؟

ذات مرَّة، كنت أدرِّب زميلاً جديداً في فريقي، فعلَّمته كيفية القيام بشيء ما، ثم علَّمته مرَّة أخرى، ومرَّة أخرى، وبعد بضعة أشهر أدركت أنَّني بذلت الكثير من الجُهد لهذا الشخص لمجرد طلبه مساعدتي مرَّة أخرى، مدعياً أنَّه لم يفهم جيداً في المرَّة السابقة، وعندما أدركت ما يجري، أخبرته أنَّ الوقت قد حان ليتعلَّم بنفسه، وشعرت بالكثير من الاستياء من العمل مع شخص استغل كرمي ليتنصَّل من عمله.

2. الشعور بالتعب الجسدي والعقلي:

الشيء الآخر الذي يحدث عندما نقول “نعم” طوال الوقت هو شعورنا بالإرهاق العقلي والجسدي، فإذا كان يجب عليك ألَّا تنام من أجل التحقُّق من كل شيء في قائمة مهامك ومهام أشخاص آخرين، فسينتهي بك الأمر بالتعب أكثر فأكثر.

أعرِف من واقع خبرتي أنَّ المرء عندما يتعامل مع العديد من الأمور، يجد صعوبة في النوم؛ إذ لا يتمكَّن من إيقاف عقله عن العمل والتفكير؛ لأنَّه يفكر في كل شيء يجب أن يعتني به، رغم أنَّ هذا قد لا يؤثر في حياته؛ وهذا أمر مرهق للغاية.

3. عدم امتلاك حياتك:

عندما ينتهي بنا الحال إلى القيام بما هو أكثر ممَّا ينبغي من أجل أشخاص آخرين، فنحن لا نبذل في سبيل حيواتنا ما يجب أن يُبذَل من جهدٍ في سبيلها، حتى إنَّنا قد نصل إلى مرحلة نشعر فيها وكأنَّنا لا نعيش حيواتنا؛ وذلك لأنَّنا نولي الكثير من الاهتمام والوقت لأمورٍ هامَّة في حيوات الآخرين، وهذا ليس تصرُّفاً صائباً على الإطلاق.

وأحد أفضل الأمثلة على ذلك الشخص الذي يعتني بشخص آخر لا يمكنه الاعتناء بنفسه لسببٍ أو لآخر.

لا شك أنَّنا نريد بالتأكيد أن نساند أحبائنا عندما يحتاجون إلى مساعدتنا؛ ولكن عندما يتعيَّن على المرء الاعتناء بشخص آخر لفترة طويلة، قد يشعر الطرف المُهتَم بأنَّه لم يعد يمتلك حياته.

4. خسارة الحدود:

يُعدُّ وضع حدود من أفضل الطرائق لقول “لا” بأدب واحترافية، لقد تعلمتَ وضع الحدود مؤخراً، وبمجرد أن تكتشفها، سترغب في ترسيخها في حياتك؛ فالحدود بالأساس شيء تقوم بإنشائه لتعيش الحياة مثلما تريد، وتشبه مجموعة من الإرشادات التي وضعتها في حياتك، وقد تشاركها مع الآخرين من وقت إلى آخر حسب الموقف.

قد تتضمَّن بعضُ الأمثلة العملَ لمدة لا تزيد عن 45 ساعة في الأسبوع في وظيفتك، أو عدم قبول البقاء في علاقة غير صحية، فنحن نتعلم عادة وضع حدودنا عندما يحدث شيء ما في حياتنا يجعلنا نقول: “لا أريد أن يتكرَّر هذا الموقف مرة أخرى”ـ وإليك بعض الأمثلة على حدودي:

لقد اشتريت شاحنة منذ عدة سنوات، وبدأ الناس على الفور بطلب مساعدتهم لنقل بعض الأغراض، وهو ما فعلته في البداية بالطبع؛ ولكن ما إن وصلت إلى مرحلة كنت أساعد فيها الناس عدة مرات في الأسبوع، قرَّرت أن أساعد شخصاً ما مرَّة كل أسبوعين، وفي الوقت الذي يناسبني فحسب.

أحب أن تكون حياتي ممتلئة، وأستمتع بها على هذا النحو؛ ولكن لا أحب أن تكون حياتي مليئة بعملي اليومي فحسب؛ لذا أحدد عدد ساعات العمل الأسبوعية بـ 45 ساعة، وإذا استغرقت المهام الموجودة في قائمتي أكثر من 45 ساعة، -وكثيراً ما كان يحدث هذا- أمنح الأولوية لعمل الأمور المهمة أولاً وقبل كل شيء.

والآن، دعنا نعرف كيف نقول “لا” بأدب واحترافية من أجل الحفاظ على قوانا العقلية.

كيف تقول لا بأدب واحترافية؟

تتلخَّص أفضلل طريقة لقول “لا” بأدب واحترافية في تأطير الرفض بأساليب مختلفة بطريقة لا تحدق فيها في شخص ما بغرابة، ثم تغمغم قائلاً: “لا يمكنني فعل ذلك”.

وهناك طرائق لقول “لا” للعديد من الأشخاص الذين تتفاعل معهم بطريقة تناسبك، مع الحفاظ على التهذيب والاحترام تجاه الشخص الآخر، وإليك بعض الأشياء التي يجب النظر إليها بعين الأهمية:

1. بالنسبة إلى رئيسك:

قد يكون قول “لا” لرئيسك أمراً مخيفاً، وبالنسبة إلى رئيسك، يتعيَّن عليك رسم الصورة التي تُظهر أنَّك تتشرَّف باتِّخاذ عمل إضافي؛ ولكن ستجعل الأولويات الأخرى الأمر غير ممكن في الوقت الحالي، مثل أن تقول: “أقدر حقاً اختيارك لي لإنجاز هذا المشروع؛ ولكنِّي كنت أخطط لقضاء هذا الأسبوع أو الشهر على المشاريع كذا وكذا، وعلى ما أذكر، هذه المشروعات ذات أولويات عليا”.

أو بإمكانك القول أيضاً: “شكراً جزيلاً على تقديم هذا لي؛ ولكنِّي الآن أحمل عبئاً كاملاً للعمل في المشروع كذا؛ فهل تفضِّل أن أخصِّص وقتي للعمل على هذا المشروع الجديد بدلاً من ذلك؟”.

2. بالنسبة إلى زملائك:

أحب مساعدة زملائي وأقدِّر مساعدتهم من وقت لآخر أيضاً؛ ولكن أحياناً لا يمكنني مد يد العون نظراً لعبء العمل الذي يقع فوق كاهلي في الوقت الحالي، وفي هذه الحالة، يتوجَّب عليك قول الحقيقة إن أمكن ذلك، قُل مثلاً: “شكراً على طلب مساعدتي في هذا الاستطلاع؛ ولكنِّي في الحقيقة لست قوياً في هذا المجال، وربما أُبطِّئ الأمور، فلتسأل “فلان”، فهو يجيد القيام بهذه الأعمال”.

أو بإمكانك القول أيضاً: “تعرف أنَّني أحب عادةً القيام بهذا النوع من العمل، وأنا أقدِّر طلب مساعدتي في التخطيط حقاً؛ ولكنَّ التوقيت ليس جيداً للأسف، فقد طلب مني المدير إجراء عرض تقديمي هام”.

3. بالنسبة إلى عملائك:

قد يكون قول “لا” للعميل أمراً صعباً، فالعميل هو الهدف الأساسي من قيام الشركة، وهو الهدف الربحي للمنظمة، والشيء الرئيس هنا هو التأكد من أنَّ عميلك يشعر بأنَّك تسمعه وتفهمه، وبمجرد الإصغاء الكامل لرغبته، شاركه طريقة معالجة هذه المشكلة بالذات من زاوية أخرى، قُل مثلاً: “أنا أفهم ما تقوله تماماً ولكنَّي لم أتفق معك كلياً؛ إذ أعتقد أنَّنا سنقوى على معالجة الأمر عندما نُبرِز النتائج الإيجابية لكذا وكذا”.

أو بإمكانك القول أيضاً: “ما تقوله مدهش، وأقدِّر لك إشارتك إلى هذا الأمر؛ والتحدُّث فيه للتأكد من أنَّنا نتعامل معه جيداً، لقد كانت زميلتي في الفريق تنظر إلى ذلك أيضاً، وسوف أطلب منها مشاركة أفكارها حول ما اكتشفته في اجتماعنا الذي سيُعقَد يوم الخميس”.

4. بالنسبة إلى حياتك الشخصية:

بالنسبة إلى الأشخاص الموجودين في حياتك الشخصية، فمن الأفضل أن توضِّح سبب الرفض عندما ترفض، ربما تكون قد خططت بالفعل لشيء آخر، أو ربما لا تريد أن تفعل ذلك ببساطة، وومع أنَّه يجب عليك احترام مشاعر الناس بالتأكيد؛ ولكن في علاقاتك المُقرَّبة والأكثر شخصية، فمن الأفضل أن تكون صادقاً بشأن سبب رفضك.

ومن بين القواعد التي أستخدِمُها لعدم الموافقة على ما يُطلَب مني دائماً هي أنَّني أسعد جداً بمساعدة شخص ما، شريطة أن يقوم هو بالعمل الرئيس؛ ففي النهاية، يطلب مني هذا الشخص المساعدة فحسب؛ ولذا يجب أن يحمل هو الجزء الأكبر من العمل.

ولقد حدَث هذا في العديد من المواقف، فعندما كانت تشكو ابنتي الكبرى من عدم امتلاك الأموال، كنت أعرض عليها المساعدة في إعداد ميزانية، وكان يجب أن تُحدِّد فقط الوقت والمكان وسأكون سعيداً بمساعدتي إياها، وعندما يطلب مني شخص ما مساعدته في نقل شيء ما بشاحنتي، تسرَّني مساعدتي إياه بالطبع؛ ولكن عندما أكون متاحاً؛ “هل تحتاج إلى مساعدتي؟ من دواعي سروري؛ ولكنَّني لست متاحاً اليوم، فقد خططت بالفعل لبعض الأمور الأخرى”.

الخلاصة:

لقد تعلمت كيف أرفض وأقول “لا” بأدب واحترافية، ومع ذلك، تُعدُّ مساعدة الآخرين من وقت لآخر أمراً رائعاً، فمن الجيد أن تعرف أنَّ بإمكانك الاعتماد على الآخرين عند الحاجة والعكس صحيح؛ إذ يساعدنا ذلك على الشعور بالتواصل والاهتمام بالآخرين وليس بأنفسنا فحسب.

ولكن من المؤسف أنَّه من السهل للغاية قبول العديد من طلبات المساعدة، ممَّا قد يؤدي إلى الاستياء والإرهاق الشديد؛ لذا، عندما يطلب شخص ما مساعدتك، استغرق لحظة في التفكير فيما إذا كان هذا شيئاً ترغب في القيام به حقاً ويمكنك فعله، أو إذا كان من الأفضل أن تقول “لا” بأدب واحترافية.

 

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!