أقيم في غاليري أوبنتو في القاهرة: معرض استعادي لأعمال الفنان نور اليوسف
[wpcc-script type=”5551a7da002911b1d63b3202-text/javascript”]

القاهرة ــ «القدس العربي»: ربما لم يحظ اسم الفنان نور اليوسف (1928 ــ 2000) بما يستحق من الشهرة في عالم التشكيل المصري، خاصة وقد عاصر الفنان سيف وانلي، وتعلم الفن معه في مرسم الإيطالي أتورينو بيكي. ربما لحب العزلة والابتعاد عن الناس، كما تقول الأسطر القليلة التي تتحدث عنه عند التعريف به.
ونظراً للفئة الاجتماعية التي ينتمي إليها نور اليوسف، وعمله بعد ذلك قبطاناً، جعل عالمه الفني يدور حول شخوص وحكايات خاصة جداً، بدون أن يتورط مثل غيره من الفنانين في الانخراط في ما عصف بمصر، وهو ما تمثل في انقلاب يوليو/تموز 1952. هذا التورط سواء بوعي أو بدونه جعل العديد من الفنانين يعبرون عن تلك المرحلة، ويقتربون اقتراباً صورياً من الناس، كالتعبير عما سُمّى بالإنجازات وقتها، أو أن يصبح العامل والفلاح عنصراً لا غنى عنه في اللوحات ـ نقصد بذلك فئة الفنانين المترفة ـ أما مَن وجدوا أنفسهم بالفعل يتحققون فنياً، من أبناء الطبقة الوسطى التي كانت، فقد تلاقت تلك المرحلة وما تاقت إليه أنفسهم، من تعبير عن وجودهم في الأساس. فالرجل في النهاية أخلص لما يستشعره ويعيشه، وابتعد قدر الإمكان عن التورط في عالم لم يعرفه.
الشخوص
العديد من أعمال نور اليوسف تأتي لتمثل شخوصاً أثاروا مخيلته، سواء من الأصدقاء أو الأقارب، أو فئة أخرى يتعامل معها، كالخادمة ـ لوحة أم السيد ـ ولا ينقل اليوسف الشخص كما هو، بل يجسد تفاصيله كما يراها ويحسّها، كالمتأنق، والمتعجرفة، أو يطلق على إحداها كلمة توحي بصاحبتها ـ لوحة الربيع ورسائل ـ وصولاً إلى السخرية الحادة، حينما جسّد نفسه في لوحة أطلق عليها اسم (أنا الآخر).

التجريد والتعبير
ولا يكتفي اليوسف ـ كأغلب معاصريه ـ بالبورتريه، بل جاءت بعض أعماله لتمثل أعمالاً تجريدية خالصة، وبوعي فني شديد، كما في لوحتي «أغنية الوداع» و»أضواء وظلال»، حتى أنه يستخدم تقنية (الكولاج) ولو على استحياء، بدون الاستخدام السوقي والمجاني لهذه التقنية هذه الأيام.
من ناحية أخرى يؤمن اليوسف بأنوثة الطبيعة، وهو ما يتجلى في الخطوط المنحنية التي تكاد تتقارب في لوحة «أشجار وظلال»، فلا توجد خطوط حادة، حتى إن بدت كذلك للوهلة الأولى، هذه القوة التي تكمن في انحناءات ولو بسيطة، لكنها في الوقت نفسه توحى بمدى القوة. أما التفاعل ما بين الشكل وظله ـ الأشجار وظلالها ـ فهناك جرأة لونية في أن يحتل اللون الأسود مساحة كبيرة من اللوحة، خاصة أنه لون يتنافى تماماً عن اللون المعهود للأشجار، فقد توافقت وظلالها من خلال اللون، وهو تأكيد فني مستوحى من المدرسة التعبيرية.
تقنية اللون
السمة الأخرى من سمات أعمال نور اليوسف الخاصة باللون، هو أنه لا يميل إلى استخدام التباين الحاد بين الألوان، ولكن هناك دوماً تدرجاً لونياً، بحيث أن هناك لوناً يؤسس من خلاله اللوحة ـ في الغالب ما ترتديه الشخصية ـ وحوله تبدأ لعبة تباين الألوان، وهو ما يتيح فرصة للعين أن تتأمل بهدوء الشخصية، وتحاول الاقتراب منها قدر الإمكان، فيصبح اللون جزءاً لا يتجزأ من الشخصية، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى لا تنشغل العين به عن الشخصية نفسها. حالة الهدوء والتأمل هذه سمة غالبة على أعمال نور اليوسف، التي ربما لا تبتعد كثيراً عن شخصيته ومواقفه الحياتية.