يترافق هذا الاضطراب مع مشاكل عديدة، ويؤثر على الثقة بالنفس ويؤدي لصعوبات مدرسية، والاعتقاد أنه يختفي مع العمر ليس صحيحاً دائماً، فهناك بعض المصابين بهذا الاضطراب قد يستمرون بالمعاناة حتى مع تقدم العمر، ولكن الكثير منهم يتعلمون أساليب للتعامل مع المشكلة.
• الأعراض:
قد تبدأ ملاحظة الأعراض بين الثانية والثالثة من العمر، وتكون الأعراض من خلال:
• صعوبة انتباه الطفل لما يجري حوله.
• صعوبة متابعة التعليمات وكأن الطفل لا يصغي للكلام أو لا يفهمه.
• قد يبدو الطفل في أحلام يقظة بعيداً عن التفاعل مع الواقع.
• صعوبة في تنظيم الواجبات والنشاطات.
• كثيراً ما ينسى الطفل وتضيع منه حاجاته و كتبه وألعابه.
• يفشل في إنجاز أي مهام تطلب منه أو واجباته المدرسية.
• سريعاً ما يتشتت، فبينما تقوم الأم أو المدرّسة بشرح شيء معين للطفل فإن أي صوت أو حركة في المحيط أو أشياء موجودة تجعله يتشتت عن الموضوع ويهتم بالمثيرات الأخرى المحيطة.
• لا تبدو على الطفل القدرة على الجلوس أو الوقوف بهدوء، فهو كثير الحركة، حتى وهو جالس أو واقف يحرك جسمه.
• يمكن القول إنه في حركة مستمرة وكثير الكلام والمقاطعة لمن يتكلم أو يلعب ولا يصبر لسماع باقي الكلام ولا يستطيع الانتظار أو أخذ دوره في أي شيء.
والأولاد أكثر إصابة بهذا الاضطراب من البنات، ويلاحظ أن البنات قد يعانين ضعف الانتباه مع بقاء الحركة في الحدود الطبيعية.
• الأسباب:
وكما هو الحال في معظم الاضطرابات النفسية فلا يوجد سبب واحد لهذا الاضطراب، بل مجموعة من العوامل:
• يلاحظ أن الاضطراب يزيد في بعض العائلات وأن بعض الجينات الوراثية تلعب دوراً في حدوثه.
• هناك عوامل بيئية مختلفة قد يكون لها أثر في فترات حرجة من تطور الطفل، مثل التسمم بالرصاص.
• فترة الحمل وما يتعرض له الطفل فيها من أخطار مثل تعاطي الأم للخمر وبعض الأدوية، قد تساهم في ظهور هذه الحالة.
• يلاحظ أيضا أن الأطفال المولودين بشكل مبكر أكثر عرضة للإصابة بالمرض.
• كثيراً ما تتهم السكريات بأنها سبب لفر ط الحركة، ولكن هذا لم يثبت علمياً، ويجتهد الناس في حال ربط الحالة بمأكولات معينة وهذا لا أساس علمياً له أيضاً.
قد يؤدي هذا الاضطراب إلى الفشل الدراسي واعتبار الطفل قليل القدرة، وهؤلاء الأطفال أكثر عرضة للحوادث والإصابات، ويؤدي هذا لاهتزاز النظرة للذات وضعف العلاقات مع الأقران وقبول الآخرين للطفل.
وقد يكون الاضطراب منفردا وأحيانا يكون مصحوبا بالإعاقات العقلية واضطرابات التطور المختلفة بالإضافة للاضطرابات السلوكية والمزاجية والانفعالية والقلق النفسي، ومع العمر قد يرتبط التشخيص مع اضطراب المزاج مزدوج القطب.
• التشخيص:
في تشخيص الحالة فإن الطبيب يتبع الخطوات المعروفة، وهي الفحص الجسدي والنفسي وجمع المعلومات من الطفل في مختلف الأماكن، والحصول على تقارير من المدرسة. ويمكن استعمال بعض الاستبيانات لمساعدة الأسرة والمدرسة في الإجابة على الأسئلة
وللتشخيص يجب أن يكون واضحا تأثير أعراض المرض على أداء وقدرات الطفل، ولا بد أن تكون هذه الأعراض قد استمرت لفترة لا تقل عن ستة شهور، ولا بد أيضا لهذه الأعراض أن تظهر في أكثر من موقف.
وهناك ثلاث فئات من الأطفال المصابين:
• من يكون عدم الانتباه هو المسيطر لديهم.
• من يكون فرط الحركة هو الأكثر وضوحاً عندهم.
• النوع المختلط بين الحركة المفرطة ونقص الانتباه.
وفي التشخيص كالعادة لا بد من الأخذ بالاعتبار التشخيص التفريقي، أي لا بد من استثناء اضطرابات أخرى قد تعطي أعراضا مشابهة، مثل صعوبات اللغة والتعلم واضطرابات المزاج والقلق وبعض أشكال الاضطرابات في النظر والسمع والنوم والغدة الدرقية أو إساءة استعمال المؤثرات العقلية وإصابات الدماغ المختلفة.
وعند الحديث عن انتشار هذا الاضطراب يتضح أن نسبته قد تكون بين 3% إلى 7% من الأطفال بعمر المدرسة، ولكن الأرقام تتفاوت في الدراسات المختلفة والمناطق المختلفة في العالم، وهناك ميل في الولايات المتحدة الأميركية لتشخيص هذا الاضطراب أكثر من أوروبا وباقي دول العالم.
• ليس غطاء للمشاغبة:
ويجدر الذكر أنه ليس كل طفل مشاغب وقليل الانتباه بالصف هو مصاب بهذا الاضطراب، وقد يبدو التشخيص أحيانا غطاء لمن لديهم تأخر عقلي بسيط أو صعوبات في التعلم أو مشاكل سلوكية وعاطفية أخرى، وقد يكونون أطفالاً طبيعيين لكن مدرسيهم أو أسرهم لا تتحملهم وتتوقع من الطفل أن يتصرف بهدوء وأن يصغي دائماً، وبالتدقيق قد تكون المشكلة لدى الأسرة أو المدرسة وليست بالطفل.
• العلاج:
لدى الحديث عن العلاج يتبادر للذهن فورا إعطاء الطفل عقارا معينا، والواقع أنه بعد التشخيص الدقيق لا بد من وضع خطة وأهم بنودها:
• أن يكون التعامل مع الطفل في البيت والمدرسة صحيحا، وأن يتمكن الطفل من الحصول على أساليب تعديل السلوك عبر الثواب والعقاب، والعقاب هو بأسلوب الحجز والحرمان والثواب عكس ذلك.
• قد يفيد استعمال لوحة يحصل فيها الطفل على نجمة عندما يكون سلوكه مقبولا ولا يحصل عليها إذا كان سلوكه غير مقبول، ويمكن أن يستعمل هذا الأسلوب لأكثر من طفل في الأسرة.
• يجب الحذر من الضرب والإيذاء والتوبيخ المتواصل الذي قد يعلم الطفل العنف.
• يحتاج بعض الأطفال لعلاجات دوائية يقررها الطبيب ويتابعها، ولا يجوز استعمالها دون الرجوع للاستشاري المتخصص.
وهذا لا يعني عدم الاستمرار في الأساليب السلوكية والتربوية وتعديل البرنامج اليومي للطفل، وحتى أسلوب الكلام، فالأطفال لا يصغون لفترات طويلة بالوضع الطبيعي فما بالك في الأطفال ذوي الانتباه القليل والحركة المستمرة. ولذلك فخلال الشرح في قاعة الصف على الأستاذ استعمال الجمل القصيرة لا الشرح المفرط، واستعمال لغة الطفل دون خلط كلمات عربية وإنجليزية أو فرنسية في نفس الوقت.
وبالمتابعة والمعالجة السلوكية والدوائية يتخطى الأطفال هذه المشكلة، وقد يبقى لها رواسب بعد المدرسة وفي الجامعة والحياة العملية، وقد تكون بدرجة بسيطة يستطع الإنسان التعامل معها، وقد يحتاج بعض الناس في العشرينيات وبعد ذلك للمعالجة، خصوصا إذا كان نقص الانتباه مستمرا ويؤثر على التقدم في العمل والحياة.
• المتابعة ضرورية:
ولا بد لي من أن أختم الحديث بالقول إن الأباء والأمهات العرب لديهم اهتمام بقراءة النشرات و”الكتالوجات” لأي جهاز هاتف أو كمبيوتر يشترونه، ويقرؤونها بعنايه ويبحثون عنها عبر الإنترنت، ولكن نادرا ما يقرؤون كتابا عن تطور الطفل والمراهق والأساليب الصحيحة للتعامل مع مشاكلهم.
ويدّعي الكثير من الناس أن أسلوبهم التربوي هو الأسلوب الحديث لأنه يختلف عن أسلوب آبائهم، وليس بالضرورة أن يكون أسلوب الآباء خطأ. كما لا بد من وضوح الأساليب التربوية، إذ إن المدارس في العالم العربي عموما مهتمة بالتحصيل الأكاديمي أكثر بكثير من التربية والسلوك والتفكير والانضباط وغيرها من أساسيات الفرد المتوازن الناجح في حياته، وهذا أمر يجب الانتباه إليه وتغييره بحيث تركز المدرسة على كافة جوانب تطور الطفل وشخصيته.