نفى رئيس حكومة إقليم كردستان العراق مسرور البارزاني تقريرا بثته وكالة رويترز الاثنين، ربط الهجوم الإيراني الصاروخي على أربيل في وقت سابق من الشهر الحالي باستضافة الإقليم محادثات غاز كانت تضم إسرائيل.
وقال البارزاني في كلمة أمام منتدى عن الطاقة في دبي إن “أربيل لم تستضيف أي اجتماع مع الإسرائيليين بشأن الغاز الطبيعي، وإن الأخبار المتداولة بشأن ذلك لا أساس لها من الصحة”. وأكد أن القصف الإيراني استهدف منزل رجل أعمال كردي في أربيل، مشددا على عدم وجود أي مبرر قانوني لهذا القصف.
واعتبر أن تطوير قطاع النفط والغاز في الإقليم قد لا يكون في مصلحة إيران المنتجة للطاقة، لافتا إلى أن محاولات إيقاف الإقليم لا تقتصر على الصواريخ ولكن أيضا هناك المؤسسات التي يجري التلاعب بها، في إشارة إلى قرار من المحكمة الاتحادية العراقية الذي اعتبر قانون النفط والغاز في الإقليم غير دستوري، وطالب السلطات الكردية بتسليم إمدادات الخام إلى الحكومة الاتحادية.
ووصف رئيس وزراء كردستان هذا القرار بأنه “ظلم فادح” وأشار إلى أنه يتفاوض مع الحكومة الاتحادية، وأنه مصر على الحفاظ على الحقوق الدستورية، وأكد أن الإقليم أعطي تطمينات لشركائه التجاريين والمنظمات الدولية بأنه لا يزال ملتزم باحترام عقوده.
وفي سياق آخر، أشار البارزاني إلى أن الإقليم سيبدأ بتصدير الغاز الطبيعي إلى أوروبا قريبا “وسنصبح مصدرا للغاز إلى بقية العراق وتركيا في المستقبل القريب، وسنساعد في تلبية احتياجاتهم” من أمن الطاقة.
تصدير الغاز لأوروبا
وكانت رويترز نقلت أمس عن مصادر عراقية وتركية وأميركية أن خطة وليدة لإقليم كردستان العراق -لتزويد تركيا وأوروبا بالغاز بمساعدة إسرائيل- تعد جزءا مما أغضب إيران ودفعها لقصف أربيل بـ 12 صاروخا باليستيا في وقت سابق من هذا الشهر، في هجوم وصفه العديد من المراقبين بأنه غير مسبوق.
وأثار اختيار الهدف حيرة العديد من المسؤولين والمحللين. وأصابت معظم الصواريخ فيلا رجل الأعمال الكردي باز كريم البرزنجي الذي يعمل في قطاع الطاقة في الإقليم المتمتع بالحكم الذاتي.
وأكد مسؤولون عراقيون وأتراك -تحدثوا إلى رويترز بشرط عدم الكشف عن هويتهم هذا الأسبوع- أنهم يعتقدون أن الهجوم كان بمثابة رسالة متعددة الجوانب لحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، غير أن الدافع الرئيسي كان خطة لضخ الغاز الكردي إلى تركيا وأوروبا بمشاركة إسرائيل.
وقال أحد المسؤولين الأتراك “توقيت الهجوم في أربيل مثير للاهتمام. ويبدو أنه كان موجها بالدرجة الكبرى لصادرات الطاقة من كردستان العراق وللتعاون المحتمل الذي قد يشمل إسرائيل” مشيرا إلى أن بعض المحادثات بشأن صادرات الغاز الطبيعي من كردستان العراق أُجريت “ونحن نعلم أنها تتم بمشاركة أميركية وإسرائيلية” كما أن تركيا تؤيد ذلك أيضا.
وأكد المسؤول الأمني العراقي أن اجتماعين على الأقل لبحث هذا الأمر مع خبراء الطاقة من الولايات المتحدة وإسرائيل عقدا في الفيلا التي يسكنها البرزنجي وهو ما قال إنه يفسر اختيار هدف الضربة الصاروخية الإيرانية. ولم يتعرض أحد لإصابات خطيرة في الهجوم لكن الفيلا ألحقت بها أضرار جسيمة.
ولفت مسؤول حكومي عراقي ودبلوماسي غربي في العراق إلى أن البرزنجي معروف بأنه يستضيف المسؤولين ورجال الأعمال الأجانب في منزله، وأن من بينهم إسرائيليين.
وقال المصدر الأمني العراقي والمسؤول الأميركي السابق إن مجموعة كار النفطية المملوكة للبرزنجي تعمل على تسريع خط أنابيب الغاز. وفي نهاية المطاف، وأضاف المسؤول الأميركي السابق أن خط الأنابيب الجديد سيربط بخط استُكمل بالفعل على الجانب التركي من الحدود.
ونفى مكتب رئيس إقليم كردستان نيجيرفان البارزاني عقد أي اجتماعات مع مسؤولين أميركيين وإسرائيليين لمناقشة خط أنابيب في فيلا البرزنجي. وينفي الأكراد أي وجود إسرائيلي عسكري أو رسمي على أراضيهم.
هجوم عنيف
وكان الهجوم الذي وقع في 13 مارس/آذار على أربيل بمثابة صدمة للمسؤولين في جميع أنحاء المنطقة لشراسته، وتبناه الحرس الثوري الإيراني على نحو علني نادر.
وأكد الحرس الثوري الإيراني أن الهجوم أصاب “مراكز إستراتيجية” إسرائيلية في أربيل، وكان ردا على غارة جوية شنتها إسرائيل وقتلت اثنين من أعضائه في سوريا.
ويضع هذا الكشف هجوم إيران على أربيل في سياق مصالح الطاقة للأطراف الإقليمية، وليس ردا على هجوم عسكري إسرائيلي واحد على الحرس الثوري الإيراني، كما ورد على نطاق واسع.
وقد شددت الخارجية الإسرائيلية على أنها ليست على دراية بالمسألة. ولم يرد بعد مكتب البرزنجي على طلب للتعليق.
وقالت مصادر تركية وعراقية وغربية -طالبة في أغلبها عدم الكشف عن هويتها- إن الخطوة تأتي في وقت حساس سياسيا بالنسبة لطهران وللمنطقة، إذ إن خطة تصدير الغاز قد تهدد مكانة إيران كمورد رئيسي للغاز للعراق وتركيا، في حين ما زال اقتصادها يرزح تحت وطأة عقوبات دولية.
وقد تعثرت جهود إحياء اتفاق نووي بين إيران والغرب الأسابيع القليلة الماضية، مما أثار الشكوك حول احتمال رفع العقوبات عن طهران بما في ذلك قطاعها النفطي.
ويأتي هذا في وقت تعزز فيه إسرائيل وتركيا علاقاتهما وتتطلعان للمزيد من التعاون بمجال الطاقة. في حين تهدد العقوبات المفروضة على روسيا، بسبب غزوها لأوكرانيا، بحدوث نقص حاد في الطاقة بأوروبا.