
خلال العقود الثلاثه الأخيره كان هناك من فتح النار على كل مؤسسات القطاع العام ليس بقصد إصلاح الخلل الذي لا يجوز إنكاره من ترهل او مشكلات في الأداء بل كانت الغاية القصف لغايات الأنهاك وتقديم البديل من مدارس جديدة ذات أجندة سياسية ،ولم يكن هناك تفريق بين إصلاح الخلل وتدمير البنى القائمة ،فالعنوان الشكلي إصلاح لكن النوايا سياسية .
وتحت هذه اللافتة كان هناك معارك بين أشخاص ومؤسسات ، وتعمد البعض ان يصنع معركة بين القطاعين العام والخاص ،مع ان تركيبة كل الدول وجود القطاعين فلا دولة دون قطاع عام قوي وقطاع خاص ناجح ،ووجود أحدهما ليس بديلا عن الآخر .
وللأسف كانت هناك معركة تشكيل قناعات جعلت الترهل والتخلف وضعف الإنتاج الاسم الآخر القطاع العام ،وهنا لا أقصد أن القطاع العام ليس بلا مشكلات بل كان القصد القول ان مؤسسات الدولة أو الأردن القديم ضعيف ومترهل مع ان كل المفاصل الصعبة في عمر الدولة قادها وتجاوزها ” مؤسسات ” الاردن القديم او البيروقراطية الأردنية ،وما تم بناؤه من انجازات كانت تحت قيادة القطاع العام أو الأردن القديم .
معركة كورونا اعادت انتاج الحقائق القديمة ،فالدولة عندما دخلت المعركة التي فشلت فيها دول كبرى اعتمدت على مؤسسات البيروقراطية الأردنية ،فوزارة الصحة مثلا التي تعاني من مشكلات في الأداء لا أحد ينكرها كانت العمود الفقري مع الخدمات الطبية الملكية في قيادة المعركة الطبية ،ورغم قلة الإمكانات إلا ان طاقمها الطبي والتمريضي والفني والاداري كان حاضرا بقوة ،وقدم النموذج الاردني المتميز في وقف زحف الوباء .
وحتى الإدارة العامة للأزمة والتي تسمى خلية الأزمة فإن عنوان النجاح فيها كان صلب القطاع العام وهي المؤسسة العسكرية والأمنية ،وهي التي حملت توجيهات ورؤية الملك وطبقتها باحتراف وقوة واستفادت من مخزون الثقة الذي يحمله الأردنيون تجاهها لتقدم الأداء في الجزء الأول والصعب في احتواء الوباء ومنع انتشاره.
مهما تكن مشكلات القطاع العام لكن معركة كورونا أثبتت انه قادر ويملك خبرات وإنسان يصنع النجاح ويحمل الدولة إلى بر الأمان ، كما كشفت ان كل النظريات القائمة على الاستعراض واستعمال شكليات الحداثة تقف عاجزة عن تجاوز ما يخصها من مهمات وأدوار .
لا نتحدث عن القطاع الخاص فهو من مفاصل الدولة لكننا نتحدث عن مدارس سياسية حاولت ان تقدم نفسها عنوانا لكل ما هو إصلاحي لكنها تتعثر مع اول حاجز ترابي ،وأن ما يسميه البعض ” الاردن القديم ” مازال عنوانا للقدرة على تجاوز المنعطفات الصعبة .
هي الاختبارات التي تقدم الأدلة على نجاح او فشل اي فريق ، وربما على الدولة أن تعاني كثيرا بالقطاع العام ومؤسساتها المفصلية وحل ما بها من مشكلات فمازالت هي الجبل الذي تأوي إليه الدولة في أزماتها .
