التحرر من القيود

Share your love

 

أولاً :تحمل الألم:
عندما يتعود المرء على عادة سيئة لسنين طويلة، فإنه يصعب عليه تركها، و عندما يتركها يترتب على ذلك ألم يجده في نفسه، وربما في جسده أيضاً، و هذا يشمل جميع العادات السيئة.
و على سبيل المثال، فإننا نلاحظ في مجال المخدرات و خاصة العائلة الأفيونية (الأفيون، والمورفين والكوديين، والهيروين) إن من يتركها من المدمنين فإنه يشعر ببعض الآثار الانسحابية بعد مرور أربعة ساعات من الترك، مثل الصداع، و الشعور بالحر الشديد والبرد الشديد، والتعرق، والارتجاف، والآلام المفصلية، وآلام العظام، والتقيؤ، حيث تستمر هذه الآلام من أربعة إلى سبعة أيام، تعقبها آلام نفسية مثل الاكتئاب و الضيق، والرغبة في الانتحار، وحب الاعتزال والخوف، وتمتد هذه الآلام النفسية من ثلاثة شهور حتى ستة و بعضهم أكثر من ذلك.
وكذلك من يستكشف أحد قيوده هو الصاحب السيء، و الذي تعلق به تعلقاً كبيراً إلى درجة (الخلة) و عدم الاستطاعة لمفارقته، فإنه إن قرر تركه سيشعر بألم كبير لوجود فراغ في حياته، و سيصعب عليه في الأيام الأولى التأقلم مع الوضع الجديد، و في ذلك ألم.
ثانياً: صناعة كلمة (لا):
الناجحون في هذه الحياة هم وحدهم الذين يستطيعون صناعة كلمة (لا) لما يضرهم في دنياهم و دينهم، و لا يهمهم بعد ذلك غضب أحد من الناس، إنهم بعيدون كل البعد عن المرض الاجتماعي الكبير الذي يطلق عليه (المجاملة الاجتماعية) ففي سبيل عدم غضب أحد أو فقدانه يجامل الكثير من الناس الآخرين عندما يطلبون منهم أمراً مضراً لهم في دينهم و دنياهم فهذا يدعوهم لسيجارة، فيخجلون من رده، و هذا يدعوهم إلى سهرة ماجنة فيجدون حرجاً في عدم تلبية دعوته.
و هذا يقدم لهم أرجيلة في وليمته فيصعب عليهم الرفض، و هذا يدعوهم لقدح من الخمر، فيجاملون على حساب دينهم ويحتسون، و تتولى الطلبات و يتوالى القبول في مهرجان (المجاملات الاجتماعية) أما الأقوياء فهم الذين لا يجاملون أحداًً، و يقولون بكل قوة و ثقة بالنفس (لا) لما يضرهم، سواء جاء ذلك الطلب من أقربائهم أو أصدقائهم أو مسؤوليهم في العمل.
الشعور بالحرية:
إن الذين يصنعون كلمة (لا) يشعرون بأنهم ليسوا أسرى لأحد، وبأنهم سادة أنفسهم، وليس لأحد السيطرة عليهم، لذلك فهم أكثر الناس استشعاراً للحرية و قوة الشخصية. و إذا أردت أن تكون من زمرتهم.
فقل (لا) للعادات و التقاليد التي تصادر حريتك، و تعوقك عن الانطلاق إلى عالم النجاح.
قل (لا) للمنبهات (الشاي، القهوة).
قل (لا) للمهدئات.
قل (لا) للنوم الكثير.
قل (لا) للسهر الكثير للمحطات الفضائية.
قل (لا) للسمنة و الأكل الكثير.
قل (لا) لتضييع الأوقات.
قل (لا) للمظاهر و الماركات.
قل (لا) للجهل و عدم حب القراءة.
قل (لا) للكسل و ترك الرياضة.
عندما تجرؤ على التفوه بكلمة (لا) ستشعر أكثر بتقدير الذات، و الحرية و القوة.
الألم والمتعة:
ما الذي يدفع شخصاً ينتمي لبيئة حسنة إلى التصرف بهذه الوحشية دون أي رادع من ضمير بينما يقدم الآخر حياته لإنقاذ أشخاص غرباء تماماً عنه؟
ما الذي يخلق بطلاً أو إنساناً وضيعاً أو مجرماً أو شخصاً يساهم بدور نبيل؟ ما الذي يقرر تلك الفروق في السلوك الإنساني؟
لقد حاولت طيلة مسار حياتي العثور على أجوبة لهذه الأسئلة، و لكن لم يتضح لي إلا أمر واحد: و هو أن بني البشر ليسوا مخلوقات عشوائية و كل ما نفعله لسبب.
قد لا ندرك السبب في الواقع، غير أن هناك قوة دافعة واحدة دون شك تقف وراء كل السلوك البشري، و هذه القوة تؤثر على كل أوجه حياتنا، من علاقاتنا إلى أوضاعنا المالية التي تتحكم فيك الآن، و ستظل تتحكم فيك لما تبقى من حياتك؟
(الألم و المتعة) فكل ما تفعله أنت و أفعله أنا إنما نفعله بدافع حاجتنا لتجنب الألم، أو رغبة منا في تحصيل المتعة.
ثالثاً: تطوير مهارات التفكير:
الخطوة الثالثة في التحرر من القيود أن نطور مهارات التفكير لدينا و ذلك عن طريق سؤال النفس على الدوام..
          كيف يمكنني زيادة قوتي الذاتية؟
          كيف كانت قوتي في المرحلة السابقة؟
          هل كان بإمكاني أن أكون أكثر قوة؟
          ما هي الدروس التي أتعلمها كي أكون أكثر قوةً؟
          ما هي الأفكار التي أفكر بها أو أؤمن بها و تكون سبباً في ضعف قوتي؟ و عند هذا السؤال كن صريحاً مع نفسك، إذا أردت التطور وولوج عالم القوة، وضع قائمة لهذه الأفكار التي تسبب لك الضعف.
          هل يوجد فيما أعتقد أنه من المسلمات و يمكن التخلي عنه، و يسبب لي الانطلاق! سواءً كان ذلك من الأمثال العربية الشعبية، أو الأحاديث الضعيفة، أو الوصايا الخاطئة من الأقرباء و الأعزاء.
  
هذه الأسئلة نماذج لما يمكن أن نقوم به من تطوير مهارات التفكير، و لا بد أن تكون الصراحة والتجرد هو رائدنا عند التفكير في الإجابة على هذه الأسئلة، ولا بد من الانفراد عند الإجابة دون مشاركة الآخرين لكي يكون ذلك أدعى لدقة الإجابة.
إنها محاكمة للنفس و محاسبة دقيقة لمخزون الأفكار التي نختزنها في عقلنا الباطن التي تحول الكثير منها إلى واقع عملي كان سبباً في إعاقتنا عن الانطلاق إلى عالم القوة.
إن هذه الطريقة كفيلة -بإذن الله- أن تغير الكثير من أفكارنا السلبية، وتجعلنا نحفز ذاتنا للبحث عن كل الوسائل التي تجعلنا أكثر قوة، و تجعلنا نقارن الفترات الماضية والحاضرة، وتجعلنا نتخلص من قيودنا الداخلية.
البرادايم:
البارادايم مصطلح يعني التقوقع في إطار يضع الإنسان به نفسه، و يعتقد أن الصواب و النجاح و التقدم و الأصل و الوضوح محصور فقط في هذا الإطار الذي وضع نفسه فيه، و كل ما هو خارج هذا الإطار خطأ و ضلال، و تراجع و بدع و طلاسم، و فشل..
لذلك فهو يخاف أن يخرج خارج هذا الإطار أو حتى يفكر فيه.. و الذين ابتلوا بهذا المرض يلغون تماماً الآخرين الذين يخالفونهم الرأي و القناعة، فلا قناعة إلا قناعاتهم، و لا مسلمات إلا مسلماتهم، و لا معقول إلا معقولاتهم..
إن الذي يجعل هذا الصنف من الناس يقبع في تلك الشرنقة، ولا يغادرونها، أو حتى يفكرون بالنظر خارج تلك الشرنقة، هو الخوف….
الخوف من سماع الرأي الآخر، الخوف من الجديد، الخوف على أفكارهم و مسلماتهم، الخوف من فقدان بعض الامتيازات.
مثل احترام الناس لهم، و استماعهم إليهم، و تجمعهم حولهم، و سلطتهم على الآخرين عندما يكتشف الآخرون أن ما عند غيرهم أفضل و أكثر فاعلية.. إننا لا يمكن أن نطور تفكيرنا إلا إذا تخلصنا من مرض (البرادايم).
رابعاً: زيادة الإنتاجية:
يقول تعالى: (يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه) الانشقاق آية 6.
فجميع الناس يكدحون و يتعبون سواءً الكافر منهم أو المؤمن، فالإنسان لا بدّ له من الحركة و التي ينتج عنها حركة إما إيجابية أو سلبية، فمن كانت نتائج حركته اليومية سلبية فهو يتقدم إلى النار و يتقدم إلى غضب الله تعالى، و بالتالي فهو يتقدم إلى عالم الضعف و الخسارة، أما أولئك الحريصون على القوة، وولوج علم القوة، فإنهم حريصون على أن تكون نتائج حركتهم و كدحهم اليومي نتائج إيجابية تقربهم من الرحمن، فتزيد من قوتهم و يسهل عليهم تحطيم قيودهم، و هم يعلمون حق العلم بأنهم كلما سعوا لزيادة إنتاجيتهم كلما زادت حريتهم و تحطمت قيودهم.
و الإنتاجية الإيجابية هي حصيلة التقرب إلى الله تعالى عن طريق مجموعة من الأعمال التي تنتج القيم و المثل، و الأجر العظيم، كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكالحرص على الفرائض اليومية و السنوية، و الشهرية، و كقيام الليل و صلوات النوافل و قراءة القرآن، و مساعدة الضعفاء و بر الوالدين، و صلة الأرحام، و طلب العلم مع نشره، و التخلص من العيوب، و التخلق بأخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم، و الصدقات، و استكمال النواقص و غيرها من الأعمال التي تزيد من الإنتاجية الإيجابية، و لا بد من التفكير بزيادة الإنتاجية و الانتقال من الإنتاجية القليلة إلى الإنتاجية الكبيرة.

المصدر:موقع أفكار

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!