التشكيلي المغربي هشام اللواح… بلاغة اللوحة في مواجهة العزلة

في زمن العزلة التي يفرضها وباء فيروس كورونا يكبر التأمل الذاتي والعودة إلى أحضان البحث عن أفق الإبداع ومنه التشكيل، خطوة تحفز المبدعين ومنهم التشكيليون أمام أحداث عظيمة، من أجل اقتناص اللحظة التي يعلو فيها الحس الإنساني مشتعلا ومتفجرا، حيث يرى دوركايم، أن الفنان يعبر عن حركة المجتمع بأسره، حيث يختمر في اللاشعور ومن ثم […]

التشكيلي المغربي هشام اللواح… بلاغة اللوحة في مواجهة العزلة

[wpcc-script type=”52069a818ba3f149ef848239-text/javascript”]

في زمن العزلة التي يفرضها وباء فيروس كورونا يكبر التأمل الذاتي والعودة إلى أحضان البحث عن أفق الإبداع ومنه التشكيل، خطوة تحفز المبدعين ومنهم التشكيليون أمام أحداث عظيمة، من أجل اقتناص اللحظة التي يعلو فيها الحس الإنساني مشتعلا ومتفجرا، حيث يرى دوركايم، أن الفنان يعبر عن حركة المجتمع بأسره، حيث يختمر في اللاشعور ومن ثم يخرج العمل بعد فترة من الحمل، أو ما يسمى بالإخصاب، فمن ينسى بيكاسو الفنان الإسباني، الذي أرخ للحرب الاسبانية بلوحة «الغرنيكا» والفنان الفرنسي دولاكروا، وهو يدعو إلى وضع صورة فتاة على العملة الفرنسية من أجل تغيير نمطية الشعب.
الفنان التشكيلي المغربي هشام اللواح، واحد من الفنانين الذين خرجوا من رحم العزلة ليجربوا هول اللحظة ومرارة الانخراط الفني، من أجل تكريس رؤية جديدة لمفهوم الإنسانية، وتحفيز الوعي الجمعي بإبداعات جديدة تحولت معها اللوحة إلى نافذة مفتوحة على جوهر الأشياء، ليس فقط لمقاومة الضجر والملل، ولكن من أجل بناء المعنى الإنساني والالتزام بإكراهات حياتية، هي نتيجة لتحولات في الزمان والمكان تقدم المقياس القيمي للفنون في تعبيرها عن الواقع، فلوحة «الغرنيكا» كانت نتيجة ولم تكن حلا من الحلول، خصوصا أن بيكاسو كان يخبر العالم أن فرانكو لا فرق بينه وبين ما يفعله وباء فيروس كورونا وهو القتل.
في لوحاته يعيد الفنان هشام اللواح ترتيب العالم من بوابة الجائحة، يغرف من ماء الحياة، ويجترح دهشة الإقبال عليها، عبر ألوان تحفل بامتداد الأمل والدعم النفسي، فالنبتة في اللوحة أيقونة الصمود، أمام إصرار الجمل الذي قد يتحول من الخوف إلى سلحفاة وعكاز، يبدو فوق البلغة المغربية الصفراء، كدلالة على حالة الارتباك التي يعيشها الجميع، بحثا عن مخرج يربك هذا السكون الممتد فوق العالم من جهة، ومن جهة أخرى على أن الفنان التشكيلي يفتح بوابات الغضب بالإبداع وأنه لا يخاف ولا يرتد، وأن الوباء قوة، لكنها عابرة، ولم يكن في يوم الأيام دلالة على الانكسار.
لقد حاول هشام اللواح من داخل قرارة الحجر الصحي أن يعلنها مدوية، الفن لا يحجر عليه وأن النموذج المقترح لتوثيق الحدث يأخذنا إلى العوالم السرية للفن، في لوحات تسعى إلى ترسيم خطى الأثر الهارب في الألوان المتداخلة، وتراكمات لفرشاة حرة تقرب دلالاتها أذواق الناس، وتشعر المتلقي والناقد معا بأن الحياة طاقة من الأحاسيس، وقد توزعتها ألوان خفيفة تمنح انسيابا في زمن العزلة، وأن منفى المبدع منفى محدود، وليس أبديا، أي أنه بمثابة وقفة لرصد متغيرات عالم عرف العديد من الهزات، وأن الناس ليسوا منفصلين عن تبعاتها، وان الجميع يحمل الخطوط العامة للحياة بكل تلاوينها بعيدا عن الجنون البشري.

٭ كاتب من المغرب

Source: alghad.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *