دخل قرار رئيس سلطة الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، الخاص بفصل “الإخوان من وظائفهم” حيز التنفيذ بعد أن أصدر قرارا بتشكيل لجنة تتبع رئيس الحكومة لمراجعة قرارات الوزراء الخاصة بفصل موظفي الدولة بغير الطريق التأديبي للموظفين بالدولة والتي يصدق عليها بنفسه.
ونشرت الجريدة الرسمية القرار بتاريخ 2 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، وتتشكل اللجنة برئاسة أحد مساعدي وزير العدل وعضوية ممثلين عن عشر وزارات وجهات نصفها أمنية؛ ممثل عن وزارة الدفاع “الاستخبارات العسكرية”، والعدل، والمالية، والرقابة الإدارية، والجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، وهيئة الأمن القومي، وهيئة القضاء العسكري، وهيئة مستشاري مجلس الوزراء، والنيابة العامة.
بموجب القرار الجمهوري، تجتمع اللجنة بدعوة من رئيسها مرة على الأقل كل 3 أشهر، وتكون مداولاتها سرية، وتختص اللجنة بدراسة مدى توافر أحد أسباب الفصل في حالة العامل المعروضة عليها من الوزير المختص.
وتعد اللجنة تقريرا بتوصياتها في هذا الخصوص، متضمنا الرأي القانوني، وما خلصت إليه تقارير الجهات الأمنية بشأنه، للعرض على رئيس الجمهورية أو من يفوضه في اختصاصاته.
وفي 12 تموز/ يوليو الماضي، أقر البرلمان المصري ما بات يعرف بـ”قانون فصل الإخوان” يقضي بفصل أي موظف بالجهاز الإداري للدولة يثبت انتماؤه لجماعة الإخوان المسلمين، كما يقضي بإضافة حالة إدراج الموظف على قوائم الإرهاب إلى الحالات التي يجوز فيها فصل الموظف بغير الطريق التأديبي.
الأمن يتحكم
وفي تعليقه على اختيار نصف اللجنة من الجهات الأمنية، قال القيادي في جماعة الإخوان المسلمين، عبد الغفار صالحين: “أولا، لا يعني اختيار نصف اللجنة من الجهات الأمنية شيئا؛ فلو كان هناك ممثل واحد للجهات الأمنية فالجميع سوف ينتظر رأي هذا الواحد ليوافقوا أو يرفضوا تبعا لرأيه، قلوا أو كثروا مجرد تابعين بصمجية لا يجرؤون على مخالفة أسيادهم”.
وأضاف لـ”عربي21″: “ثانيا، رغم عدم اعترافي بدستور الانقلابيين وسفاكي الدماء هؤلاء، لكن ما من دستور في هذه الدنيا يتيح مثل هذه الكوميديا السوداء، وأقول والجميع يعلم، متى تم احترام الدساتير أو القوانين من مثل هذه الأنظمة”.
واعتبر صالحين، وهو عضو برلماني سابق، أن “تشريع هذا القانون من فراغ والتصديق عليه والبدء في تطبيقه ما هو إلا خطوة جديدة في استكمال المعادلة الصفرية التي بدأت منذ واقعة الحرس الجمهوري والمنصة ورابعة وما تلاها من مجازر بعد انقلاب يوليو 2013”.
لماذا فصل الإخوان
وفند مسؤول لجنة العلاقات الخارجية في حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان المسلمين، محمد سودان، القانون قبل تشكيل اللجنة، قائلا: “القانون باطل وبالتالي اللجنة باطلة؛ السيسي حول مصر إلى عزبة يتحكم فيها أمنيا وعسكريا ولديه أرق وهو لا ينتهي من جماعة الإخوان”.
وحذر في حديثه لـ”عربي21″ من استمرار التضييق على المعارضين، وقال: “نظام السيسي لم يتوقف عند وضعهم بالسجون ومطاردتهم وملاحقتهم في مصر وخارجها، بل يريد أن يضيق العيش على كل من يظن أنه عضو في جماعة الإخوان أو له أي صلة من قريب أو بعيد بهم”.
وتابع: “بالتالي طوع كل قوانين الدولة ودستورها بشكل منفرد لتنفيذ أهوائه وأغراضه للقضاء على الإخوان بكل ما يستطيع من وسائل مشروعة أو غير مشروعة وهذا دأب النظام الديكتاتوري الذي يخشى من هم على الطريق الحق”.
يشار إلى أن قانون فصل الإخوان، يجيز فصل الموظفين بناء على تحريات الأمن الوطني دون أحكام قضائية، ويكتفي بقرائن قد تثبت أنها غير صحيحة.
فاشية سياسية
ووصف السياسي المصري المعارض، خالد الشريف، بدء عمل اللجنة “بأنها فاشية سياسية يعتمد عليها السيسي في مواجهة خصومه السياسيين للانتقام منهم ومطاردتهم.. أعتقد أن قانون فصل موظفي الدولة بتهمة الانتماء للإخوان قانون عنصري وغير دستوري وباطل ليس له سند من قانون أو عرف، فحرية الاعتقاد والفكر مكفول لأي مواطن.. هذه اللجنة التي أنشأها سياسية غير دستورية وتنشر الانقسام والعنصرية بين المجتمع”.
وأكد في تصريح لـ”عربي21″ أن “السيسي يمارس العنصرية والفاشية ضد الإخوان والمعارضين بالاستيلاء على أموالهم وممتلكاتهم وأخيرا فصل الموظفين من وظائفهم.. بل إن هناك حالات بالعشرات والمئات ترفض دوائر السيسي منحهم مستحقاتهم المالية بعد بلوغهم سن المعاش بناء على تعليمات أمنية ووقوعهم تحت قانون الكيانات الإرهابية”.
وتنص المادة 53 من الدستور على أن المواطنين لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسي أو الجغرافي، أو لأي سبب آخر.
وتعتبر أيضا أن “التمييز والحض على الكراهية جريمة، يعاقب عليها القانون. تلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كافة أشكال التمييز، وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض”.