لماذا سمي بالصندوق الأسود؟
يعود سبب تسميته بهذا الاسم إلى عتمة لون مسجِّلات المعلومات الأولى، إذ أنَّها مطليةٌ باللون الأسود من الداخل، وذلك حفاظاً على شريط التسجيل من التلف نتيجة تعرُّضه إلى التسرُّبات الضوئية، كما هو الحال في غرف التصوير الفوتوغرافي.
وهو في الحقيقة ليس صندوقاً أسود اللون، بل عبارةٌ عن جهاز تسجيلٍ برتقاليٍّ أو أصفر، ويجب أن يكون موجوداً في كلِّ طائرة، خاصَّةً في التجارية منها، وذلك تبعاً للقوانين الدولية المتفق عليها، حيث يُسجِّل معلوماتٍ خاصَّةً بالرحلة وظروفها في أثناء الطيران.
وظيفة الصندوق الأسود:
يوجد في كلِّ طائرةٍ صندوقان، ولكلٍّ منهما وظيفة:
- الصندوق الأول: وظيفته حفظ البيانات الرقمية والقيم الفيزيائية مثل: الوقت، والسرعة، والاتجاه.
- الصندوق الأسود الثاني: وظيفته تسجيل الأصوات من: مشاحنات، واستنجاد، وحوارات.
علماً أنَّ الصندوقين مجهَّزان ببثٍ فوق صوتيٍّ يساعد في العثور عليهما إذا ما غاصت الصناديق في الماء، ويُبَثُّ هذا الإشعار على ذبذبة 37,5 كيلوهرتز، ويمكن التقاطه من عمقٍ يبلغ 3500 متر (14000 قدم).
تُحفَظ هذه الأجهزة في قوالب متينةٍ للغاية، ومصنوعةٍ من عنصر التيتانيوم، وتُحيطها مادةٌ عازلةٌ لتتحمَّل صدماتٍ تبلغ قوَّتها أضعاف قوة الجاذبية الأرضية، ولتتحمَّل حرارةً تفوق 1000 درجةٍ مئوية، وقوَّة ضغط ماءٍ بعمق 20000 قدمٍ تحت البحر؛ كما وتتكوَّن قطع التسجيل من مادةٍ عازلةٍ تحميها من العطب والتآكل تحت تأثير مياه البحر لمدة 30 يوماً.
كما يحتوي على شريط تسجيل معلوماتٍ جيِّد النوعية بعرض ربع بوصة، وله قابلية تسجيلٍ مستمرةٍ لمدة 25 ساعةً متواصلة، ويعود للتسجيل من جديدٍ بعد انتهاء المدة، وذلك فوق المعلومات القديمة التي تُمسَح تلقائياً؛ كما ويوجد أيضاً مسجلة قمرة القيادة في كبينة الطائرة، والتي تسمح بمقارنة المعلومات الموجودة في الصندوق الأسود مع مسجِّل قمرة القيادة، وهي تسجِّل مكالمات الملَّاحين منذ تشغيل الشبكة الكهربائية للطائرة وحتَّى بعد توقفها عن العمل لمدة نصف ساعة، وهي قادرةٌ على تسجيل ما لا يقلُّ عن 100 نوعٍ من المعلومات في وقتٍ واحد، وذلك عن طريق أجهزة التحسس التي تتلقَّى المعلومات من: سرعة الرياح، والارتفاع، والبوصلة، والساعة الزمنية، ودرجة الحرارة خارج الطائرة، ووضع الطائرة في الجو؛ ويرتبط كلُّ هذا بإبرة تسجيلٍ تُسجِّل كلَّ الضغوط الواقعة والطارئة، وهي تشبه إبرة رسم تخطيط القلب.
وقد جُهِّزَت الصناديق السوداء بمنارةٍ لتحديد المواقع تحت الماء، والتي تبدأ إرسال نبضاتٍ إذا لامس المستشعر الماء، وهذا يعني أنَّه لا يمكن الكشف عن الصناديق السوداء إلَّا إذا كانت الطائرة تحت الماء، كما تعمل على عمقٍ يزيد عن أربعة كيلومترات، ويمكنها “تنفيذ الأمر” مرةً واحدةً في الثانية لمدة 30 يوماً قبل نفاد البطارية؛ أمَّا في حال وقع الحادث على الأرض، فيساعد لون الصندوق البرتقالي حينها في اكتشافه.
آلية عمل الصندوق الأسود الخاص بالطائرات:
كما ذكرنا، فإنه يوجد في كل طائرة صندوقان يقبعان في مؤخرة الطائرة، يسجلان ما يحدث للطائرة طوال فترة سفرها. وتقتضي وظيفة الصندوق الأسود الأول حفظ البيانات الرقمية والقيم الفيزيائية (الوقت، السرعة، الاتجاه…). أما الصندوق الأسود الثاني، فوظيفته تسجيل الأصوات (مشاحنات، استنجاد، حوارات…). ويتشابه الصندوقان بالمظهر الخارجي، ويختلفان في التركيب من الداخل، ويبلغ طول كل من الصندوقين 20 بوصة، بعرض 5 بوصات، وارتفاع 7 بوصات.
وتعتمد الصناديق السوداء على أشرطة ممغنطة للتسجيل، وقد بدأ استخدامها منذ عام 1960، أو الكروت الإلكترونية التي استُحدثت عام 1990. ويوضح «رون كروتي» من شركة «هنيويل» المنتجة للصناديق السوداء، أن الاتجاه الحالي يسير نحو استخدام الرقائق الإلكترونية للتسجيل، لأن صيانتها أسهل وكفاءتها أعلى ولا تتلف عند تحطم الطائرة، ويمكنها تخزين ساعتين من التسجيلات الصوتية و25 ساعة من البيانات عن رحلة الطيران.
إن جميع الطائرات مزودة بأجهزة استشعار لجمع البيانات، مثل معدل السرعة وسرعة الرياح والارتفاع ووضع الأجنحة والحرارة الخارجية وحرارة الكابينة والضغط داخل الطائرة وأداء المحركات، فالشرائط الممغنطة تسجل مائة عامل، بينما تسجل الرقائق الإلكترونية 700 عامل. وجميع البيانات التي يتم تجميعها من الطائرة والرحلة يتم إرسالها إلى وحدة تجميع البيانات في مقدمة الطائرة، التي ترسلها بدورها إلى الصندوق الأسود.
والصندوقان الأسودان يتم تشغيلهما بواسطة مولدات كهربائية توجد داخل محرك الطائرة، وعادة يوجد مولدان في كل طائرة، أحدهما يولِّد تيارًا كهربائيًا مترددًا بجهد 115 فولت وذبذبة 400 هرتز، والآخر يولِّد تيارًا مستمرًا بجهد 28 فولتًا. ويتم التسجيل داخل الكابينة، حيث إنه توجد في معظم الطائرات التجارية عدة ميكروفونات داخل كابينة الطائرة لتسجيل المحادثات بين الطاقم الجوي، وكذلك تسجيل أصوات تشغيل المفاتيح بفتحها أو إغلاقها. وفي الغالب توجد أربعة ميكروفونات داخل الكابينة، جميعها متصلة بالصندوق الأسود، وميكروفون في سماعة قائد الطائرة، وآخر في سماعة مساعد الطيار، وثالث مع المساعد الثالث – إن وُجد، والرابع في منتصف الكابينة. ومعظم التسجيلات الممغنطة تخزن آخر ثلاثين دقيقة من زمن الرحلة، أي حتى توقف الطائرة عن العمل، حيث يسجِّل الصندوق كل ما يقع في مداه، بما في ذلك طنان 400 هرتز الصادر عن الشبكة التي تبلغ قوتها 28 فولتًا، وأصوات مراوح التبريد، حتىالاهتزازات الضعيفة.
أما بيانات الرحلة «العوامل الثابتة» فيتم تسجيلها من نظام الطيران، حيث توجد مستشعرات موزَّعة داخل الطائرة، ومتصلة بوحدة تخزين البيانات، فعند فتح أو إغلاق أي مفتاح، يتم تسجيل هذه العملية. تحفظ أجهزة الصندوق الأسود في قوالب متينة للغاية مصنوعة من مواد قوية، مثل عنصر التيتانيوم، وتحيطها مادة عازلة لتتحمل صدمات تبلغ قوتها أضعاف قوة الجاذبية الأرضية، لتتحمل حرارة تفوق 1000 درجة مئوية وضغطًا قويًا يعادل ضغط المياه على عمق 20000 قدم تحت البحر. وتُلف قطع التسجيل عادة بمادة عازلة تحميها من التعرض لمسح المعلومات المسجلة عليها، وكذلك من العطب والتآكل جراء مياه البحر لمدة 30 يومًا، فالصندوق الأسود يتكون من ثلاث طبقات من المواد تحيط برقائق التسجيل:
- الطبقة الأولى: هي غلاف من الألمنيوم حول الرقائق.
- الطبقة الثانية: عازل حراري من السيليكا الجافة بسمك بوصة، يحافظ على الرقائق في حالة الحرائق.
- الطبقة الثالثة: مصنوعة من الصلب الذي لا يصدأ، بسماكة ربع بوصة. وقد يستخدم التيتانيوم لصناعة هذه الدرع التي تحيط بالسيليكا العازلة.
استخدامات وفوائد الصندوق الأسود:
فضلاً عن استخدام الصندوق الأسود في مجال الطيران من قبل دوائر هندسة الطيران لرصد أداء الطائرات وتطويرها، وتحسين مستوى صيانتها، وتحسين مستوى السلامة والأمان، وتحسين تدريب وكفاءة الطيارين، وتزويد المدربين بسيناريوهات أكثر واقعية، وتطوير الصناديق السوداء نفسها..
تستخدم معلومات الصندوق الأسود من قبل دوائر ملاحي الطيران للارتقاء بمستوى الملاحين، ومن قبل شركات صناعة الطائرات لرفع مستوى السلامة في الطائرات الحديثة والقديمة، كما تفيد المعلومات الموجودة في الصندوق الأسود خبراء الأرصاد الجوية، فهي تقدِّم لهم معلومات دقيقة عن الظواهر الجوية الخطرة، مثل المقصاة الجوية والانفجارات الهوائية الصغيرة.
اختبارات النجاة للصناديق السوداء:
- اختبار تأثير التصادم.
- اختبار الضغط على جميع محاور الصندوق بقوةٍ تعادل 5000 رطل.
- اختبار الحريق، حيث تخضع الأجهزة لـ 1100 درجةٍ مئويةٍ لمدة 60 دقيقة، ثمَّ تخضع 10 ساعات لدرجة 260 درجةً مئوية.
- إسقاط الصندوق الأسود في خزَّان ماءٍ مالحٍ مضغوط يحاكي ضغط مياه البحار عند 20000 قدمٍ تحت السطح لمدة 24 ساعة.
قد يستغرق العثور على واحدٍ من الصناديق وقتًا طويلاً، ويُعثَر على الصندوق الأسود بمساعدة أجهزةٍ متطورةٍ توضع على الغواصات أو مسبارات الاستشعار؛ وبعد العثور عليه، يجري تحليل البيانات الموجودة بداخله والأصوات المسجلة، والتي قد تتطلَّب مجهوداً يدوم لفترة شهورٍ لاستخراجها.
نصائح للسلامة في الطائرة:
من أجل السلامة في أثناء السفر جواً، لابدَّ من اتباع بعض القواعد الأساسية التي يهملها الكثير من المسافرين، والتي قد تكون سبباً في وفاتهم أو تعرُّضهم إلى أضرارٍ صحيةٍ جسيمة.
سنذكر لكم أهمَّ هذه النصائح التي يتحدَّث عنها المضيفون والمضيفات في داخل الطائرة قبل إقلاعها وقبل الهبوط، والتي عليكم الإنصات إليها واتباع التعليمات الواردة فيها، سواءً كانت مطروحةً من قبل مضيفات الطائرة أم عبر شاشات العرض الموجودة.
أهمُّ هذه التعليمات والنصائح:
- متابعة عرض وسائل الأمن والسلامة الذي تقدِّمه المضيفات في بداية كلِّ رحلة.
- وضع حزام الأمان، والتركيز الجيد على اللوحة الخاصَّة بوضع حزام الأمان.
- اتباع القيود المفروضة من جانب شركات الطيران، وخاصةً محتويات شنطة اليد أو الحقائب المحمولة داخل الطائرة.
- التقيد بتعليمات شركة الطيران التي تسافر على متن طائراتها بشأن جهاز الكمبيوتر المحمول والهاتف الذكي.
- ارتداء ملابس خفيفةٍ تساعدك في الحركة بسرعةٍ وسهولة، وتتيح حرية الحركة وسرعتها عند التعرُّض إلى الخطر خلال الرحلة.
- قراءة كتيِّب تعليمات الأمان الموجود في الجيب المقابل لك؛ لأنَّه يحتوي على خريطة نجاةٍ لتتمكَّن من إخلاء الطائرة في الحالات الحرجة.
- عند وصولك إلى مخرج الطوارئ، اخرج مباشرةً مبتعداً عن الطائرة؛ لأنَّها قد تنفجر بعد الاصطدام في كثيرٍ من الأحيان.
- في حال حدوث ارتطام، فكَّ حزام الأمان، واتبع أضواء الطائرة، والتي سوف تعمل على إرشادك نحو مخرج الطوارئ.
يجب على كلِّ مسافرٍ أن يعرف هذه النصائح؛ ولكن مع الأسف الشديد، قد يعرفها بعضهم ولكنَّهم لا يطبقونها ولا يعطونها أيَّ أهمية.
يجب على المسافر أن يتقيَّد بهذه النصائح ويحرص على تطبيقها، لكي يتمكَّن من التعامل مع حوادث الطيران، بالإضافة إلى اتباع إرشادات طاقم الرحلة كالمضيفين، والذين سيكونون معك في الطائرة وسيرشدونك إلى برِّ الأمان.
المصادر:
- ويكبييديا
- الصندوق الأسود
- Black Boxes: Surprising Facts
- نصائح قد تعزز فرصة نجاتك من حوادث الطائرات