
تتوالى في العاصمة النمساوية فيينا لقاءات الوفود المشاركة في مباحثات الملف النووي الإيراني بهدف التوصل إلى اتفاق، وبينما أكدت روسيا دخول المفاوضات مرحلتها الأخيرة تطالب طهران واشنطن بضمانات ثابتة.
وتهدف المباحثات للتوصل إلى اتفاق تعود بموجبه كل من طهران وواشنطن إلى الالتزام بخطة العمل الشاملة المشتركة الموقعة عام 2015.
وأكد مندوب روسيا في المفاوضات ميخائيل أوليانوف دخول المحادثات مرحلتها الأخيرة، لكنه قال إنها تحتاج إلى مزيد من الوقت.
بدوره، قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان اليوم الأربعاء إن التوصل إلى اتفاق أصبح “في متناول اليد”، لكنه حذر من أنه إذا لم يتم التوصل له في غضون بضعة أيام فإن العالم سيواجه “أزمة” انتشار نووي حادة.
وقال لودريان -أمام مجلس الشيوخ الفرنسي- إنه “كلما تقدمنا أكثر زادت إيران سرعة إجراءاتها النووية وقل اهتمام الأطراف بالانضمام إلى خطة العمل الشاملة المشتركة (اتفاق 2015)، من هنا فنحن بلغنا اليوم نقطة التحول”، مؤكدا أن “الأمر ليس مسألة أسابيع، إنما مسألة أيام”.
وكانت صحيفة “فايننشال تايمز” (Financial Times) البريطانية نقلت عن وزير الخارجية الإيراني أمير عبد اللهيان قوله إن بلاده غير مستعدة لمفاوضات مباشرة مع واشنطن في غياب ضمانات مستدامة لاتفاق جيد.
وأشار عبد اللهيان إلى أن الطرف الأميركي يرفض إعطاء ضمانات حقيقية بأن إدارة الرئيس جو بايدن لن تنسحب من الاتفاق.
وقال إن لدى طهران شكوكا في جدية أطراف التفاوض بشأن رفع العقوبات، داعيا الإدارة الأميركية إلى الإفراج عن جزء من أموال إيران أو رفع العقوبات إن كانت لديها نية حسنة.

إعلان سياسي
وكشف وزير الخارجية الإيراني أنه طلب من المفاوضين الإيرانيين أن يقترحوا على الأطراف الغربية “أن تعمد برلماناتها أو رؤساؤها على الأقل -بما يشمل الكونغرس الأميركي- إلى إعلان التزامها حيال الاتفاق والعودة إلى تطبيقه على شكل إعلان سياسي”.
وتضمن الاتفاق المبرم عام 2015 بين طهران والقوى الكبرى تخفيف العقوبات على طهران مقابل قيود على برنامجها النووي، لكن الولايات المتحدة انسحبت أحاديا منه في 2018 في عهد الرئيس دونالد ترامب وأعادت فرض عقوبات اقتصادية، مما دفع إيران إلى التراجع عن التزاماتها.
وتجري إيران والقوى الموقعة لاتفاق 2015 (فرنسا وبريطانيا وألمانيا وروسيا والصين) مباحثات لإحيائه، وتشارك واشنطن في المباحثات بشكل غير مباشر.

وأضاف عبد اللهيان أن “التزامات إيران واضحة كمعادلة رياضيات”، قائلا “ما ينبغي أن نقوم به وكيف سيتم التحقق من هذه الإجراءات من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية واضح تماما، لذلك لا داعي للقلق عند الطرف الآخر”.
وقال “لكننا ما زلنا قلقين تجاه الضمانات بشأن عدم انسحاب أميركا من الاتفاق”، مضيفا “نواجه مشاكل في هذه الفترة لأن الجانب الآخر يفتقر إلى مبادرة جادة”.
واستؤنفت المحادثات الجارية في فيينا أواخر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بعد توقفها لأشهر، في أعقاب انتخاب الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في يونيو/حزيران.
وقد أعلنت الولايات المتحدة قبل شهر أنها مستعدة لمحادثات مباشرة مع إيران لحل المشاكل العالقة، لكن طهران أعلنت أنه يجب تلبية شروط مسبقة قبل الجلوس إلى طاولة مفاوضات.
وأضاف وزير الخارجية الإيراني “لسنا مستعدين للدخول في مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة إذا لم يكن لدينا أفق واضح بالتوصل إلى اتفاق جيد مع ضمانات دائمة”.
طلقة فارغة
وكان أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني قد قال في وقت سابق اليوم الأربعاء على تويتر إن الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين إيران والقوى العالمية أصبح أشبه “بطلقة فارغة”.
وضمن أحدث المواقف الغربية بشأن تطورات الملف، أبلغت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تروس نظيرها عبد اللهيان في مكالمة هاتفية أن الوقت قد حان لاتخاذ قرارات نهائية بشأن محادثات إحياء الاتفاق النووي، وفقا لبيان عن الخارجية البريطانية.
وفي هذا السياق، قال بيان صادر عن مكتب الرئاسة الفرنسية اليوم الأربعاء إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره الصيني شي جين بينغ اتفقا على ضرورة تكثيف جهودهما المشتركة للتوصل إلى اتفاق نووي مع إيران.