}
مكانة المرأة في المجتمع
إنّ للمرأة مكانةً عظيمةً في المجتمعات، وبنائها بناءً سليماً على النهج الإسلامي القويم؛ وذلك عندما تتبع في نهجها وتربيتها كتاب الله، وسنّة رسوله صلّى الله عليه وسلّم، فمن تمسّك بكتاب الله وسنة رسوله كان محميّاً من الوقوع في كلّ ضلالٍ، ولا يقع في الضّلال من الأمم إلّا من كان مُعرِضاً عن نهج الله تعالى، وما بعث به أنبيائه ورسله، وقد ورد في القرآن الكريم ما يدلّ على أهمية المرأة في الإسلام، أيّاً كان موقعها، أمّاً، وبنتاً، وزوجةً، وأختاً، وجاءت السنة النبوية المطهّرة بتفصيل وبيان ما عليها من الحقوق والواجبات، وتظهرأهميّة المرأة فيما تتحمّله من أعباءٍ ومشاقٍّ، تفوق في بعضها أعباء الرجال، ولذلك كان تقديم منزلة الأم على منزلة الأب في الإسلام؛ حيث قال الله تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ)،[١] فقد كان للسيدة خديجة -رضي الله عنها- الأثر الكبير في الدعوة الإسلامية، عندما جاءها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يرتجف من الخوف، بعدما جاءه الوحي جبريل عليه السلام، فقامت بتهدئة رَوعِه وطمأنته، ولا شكّ أنّ البيت الذي يضمّ في أكنافه زوجةً صالحةً، يسوده الأمن والاستقرار، والتربية الإسلامية السليمة، ويؤثّر ذلك على حياة الرجل، وسيره تجاه تحقيق أهدافه وطرق كسبه، فيكون موفّقاً بإذن الله تعالى.[٢]
حقوق المرأة في الإسلام
منح الإسلام المرأة الحقوق؛ ليضمن لها سعادة الدارين، ولتكون قويّةً بنفسها في صغرها وكبرها، وفيما يأتي بيان بعضها بشكلٍ مفصلٍ:[٣]
‘);
}
- أشبع الإسلام غريزة المراة الجنسيّة؛ فمتى أرادت الزواج فلا يحقّ لأيّ أحدٍ أن يمنعها من ذلك، وكان واجباً على الزوج أن يعاشرها كما تُعاشر باقي النساء من قِبل أزواجهنّ، وجعل الإسلام هذه المعاشرة بمثابة العبادات: كالصلاة والصيام، فيؤجر كلٌ منهما عليها، كما يؤجران على فعل باقي الطاعات، ولو تبيّن بعد الزواج أنّ الزوج غير قادرٍ على معاشرتها، كان لها الحقّ في طلب فسخ الزواج، ولو حلف الرجل على ترك جماع زوجته، يُعطى فرصةً مدّة أربعة أشهرٍ، فإن أصرّ بعد ذلك على عدم معاشرتها، فلا تترك معلّقةً، فإمّا أن يجامعها أو أن يطلّقها، حيث قال الله تعالى: (لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِن فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ*وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).[٤]
- حريّة كسب المال الحلال، والسعي فيما لها من مالٍ أو تجارةٍ خاصّةٍ، وحرمة الأخذ من مالها من قِبل زوجها، ويجوز ذلك لوالديها على الصحيح، وفق شروطٍ معيّنةٍ.
- حرية التصرّف فيما تملك من مالٍ؛ فلا يحقّ لزوجها أو أخيها أو والديها، أن يحجروا عليها، أو يمنعوها من التصرّف الحرّ في مالها.
- حق اختيار الزّوج؛ فلا تُجبر المرأة على الزواج أو على زوجٍ معينٍ، إن كانت غير موافقةٍ، سواءً أكانت بِكراً أم ثيّباً، فأن أجبرها وليّها على الزّواج كان لها الحقّ في الفسخ، ويتحمّل مَن أجبرها جميع ما يترتّب على ذلك من نفقاتٍ ماليةٍ، فمهمّة الوليّ على المرأة، أن يحفظها ويصونها من الأذى، فإن تعرّض بالإساءة لها، تسقط ولايته عنها، ويعيّن القاضي وليّاً عليها بدلاً منه.
- حقّ مفارقة الزّوج إن كانت غير راضيةٍ عنه، سواءً كان لعيبٍ فيه، أو لعدم الميل العاطفيّ له، فكما كان لها حقّ اختيار الزوج ابتداءً، كان لها حقّ الخلع انتهاءً، مقابل مبلغٍ معيّنٍ يتّفقان عليه.
- حمايتها من تعرّضها للأذى من قبل الرجال، وعدم جعلها كسلعةٍ تُباع وتُشترى، فنزلت النصوص الآمرة بفصل النساء عن الرجال، وعدم الاختلاط حتى في العبادات.
حال المرأة قبل الإسلام
كره العرب البنات قبل الإسلام كرهاً شديداً، وكان أحدهم إذا بُشر بالأنثى طغى على وجهه الحزن، واحتار بما سيفعله، فقد قال الله -تعالى- عن حالهم: (وَيَجعَلونَ لِلَّهِ البَناتِ سُبحانَهُ وَلَهُم ما يَشتَهونَ*وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالأُنثى ظَلَّ وَجهُهُ مُسوَدًّا وَهُوَ كَظيمٌ*يَتَوارى مِنَ القَومِ مِن سوءِ ما بُشِّرَ بِهِ أَيُمسِكُهُ عَلى هونٍ أَم يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ أَلا ساءَ ما يَحكُمونَ)،[٥] وكانوا الرجال يمسكون النساء ضراراً للاعتداء، وقد تترك كالمعلّقة، ولم يكن للنساء حقٌ في الميراث قبل الإسلام، فإن مات من ترثه، أخذ الورثة الذكور دون الإناث، ولقد عانت الأنثى قبل الإسلام من وأدها حيّةً تحت التراب حتّى تموت وهي تحته، وهو ما عُرف بوأد البنات، وكان ذلك سبب بغضهم لجنس الإناث، أو لخوفهم عليهنّ من السبي والعار، وقيل إنّ أول من وأد ابنته هو قيس بن عامر التميمي، وهناك فريقٌ من العرب كان يقتل الأولاد مطلقاً، سواء كانوا إناثاً أو ذكوراً؛ لأنّهم فقراء، أو خشية الوقوع في الفقر، ومنهم أيضاً من دفع المال لمن يريد وأد ابنته على أن يمتنع عن ذلك، منهم: صعصعة بن ناجية التميمي، وزيد بن عمرو بن نفيل القرشيّ، وكانت المرأة تُعامل كالبهيمة في الزواج، فقد تعدّدت صور الزواج في الجاهليّة؛ منها: صورة كزواج اليوم، وهو ما أبقاه الإسلام واستقرّ عليه، أمّا غير ذلك من الصور فقد ألغاها الإسلام، فجلّها ترتكز على كون المرأة كالبهيمة عندهم، وكانت المرأة تطلّق الرجل دون مصارحةٍ بالطلاق، يكفي منها أن تبدّل اتجاه باب خيمتها، فإن كان إلى الشمال مثلاً تحولّه إلى الجنوب، وإن كان إلى الشّرق تحوّله إلى الغرب، ويدلّ صنعها للطعام في الصباح على أنّها راضية عن زوجها، فالولاية كلّها بيدها، وأمرها إليها، أمّا عدّتها فكانت مقدّرةً ولا حدّ لعدد طلقاتها.[٦]
المراجع
- ↑سورة لقمان، آية: 14.
- ↑“مكانة المرأة في الحياة”، binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 3-9-2018، بتصرّف.
- ↑أحمد الزومان (30-1-2013)، “حقوق المرأة في الإسلام”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 3-9-2018. بتصرّف.
- ↑سورة البقرة، آية: 226-227.
- ↑سورة النحل، آية: 57-59.
- ↑عبد الرحمن الطوخي (15-11-2010)، “المرأة العربية في العصر الجاهلي”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 4-9-2018، بتصرّف.