نابلس – كشف مهند صايل مدير مكتب شمال الضفة الغربية بوزارة السياحة والآثار الفلسطينية أن الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين أحدثوا تغييرات جديدة داخل “قبر يوسف” شرق مدينة نابلس بما ينتهك حرمة المكان، ويزيد سطوة الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه عليه.
ويقول صايل إن معلومات بلغتهم قبل أسبوع “من جهات مطّلعة” أن المستوطنين بنوا أدراجا سرّية تؤدي إلى أسفل القبر، ومغطسا (حفرة تملأ بالماء) لتعميد أبنائهم يغطى بقطعة قماش وحجارة، في محاولة لتزوير التاريخ وإثبات الرواية اليهودية التوراتية المزعومة بأنه قبر سيدنا يوسف (أبونا يوسف) كما يدّعون”.
ويوضح صايل ذلك للجزيرة نت، التي التقته بعد ظهر اليوم الجمعة عند مدخل قبر يوسف بمنطقة بلاطة البلد داخل مدينة نابلس، بعد أن كان من المقرر عقد مؤتمر صحفي لوزارة الآثار والجهات المختصة داخل القبر، لكنه ألغي من جهات لم يسمّها خشية حدوث ضجة، ومُنع الصحفيون من الدخول.
ويقول إنه قبل أسبوع من الآن وردتهم معلومات بما فعله المستوطنون، فاجتمعت وزارة الآثار مع جهات الاختصاص ومكتب الارتباط المدني وتحدثوا إلى وكيل وزارة الشؤون المدنية، وتمت مراسلة الجانب الإسرائيلي بهذا الأمر، كما أنهم زاروا الموقع ورأوا هذه التغييرات منذ أسبوع.
ويردف فيقول “إن هذه التغييرات حدثت في الأشهر القليلة الماضية فقط، وكانوا قد زاروا القبر قبل 6 أشهر مع قناة الجزيرة لإعداد تقرير عن القبر لمصلحة القناة، ولم يكن قد حدث أي تغيير”، ورفض ادّعاء الاحتلال بأن التغيير حدث قبل 4 سنوات.
أحدثوا وغيّروا.. للتهويد
وسبق للاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه -كما يقول صايل- أن “غيّروا اتجاه القبر” عام 2003 ليتناسب مع طرح روايتهم اليهودية والسيطرة على الموقع بشكل أكبر وأوسع، ونفى صايل كل مزاعم الاحتلال بخصوص القبر، ويقول إنه “معلم إسلامي وبيزنطي وكنعاني، ولا يوجد لليهود أي حق فيه”.
ويضيف أن ما أجروه من عمليات تنقيب في السابق، وما استخرجوه من قطع أثرية وفخاريات تثبت أنه معلم إسلامي، وأن “خير شاهد على ذلك حتى الآن هو القبة التي تعلو القبر”.
ويتابع بالقول إنه يتحدى الاحتلال الإسرائيلي بكل خبرائه أن يقوموا بالتنقيب مجددا داخل القبر، واستخراج الرفات، وإجراء الفحوص المخبرية له “لنرى ما إذا كان يعود لسيدنا يوسف (5 آلاف عام قبل الميلاد) أو لشخص آخر يدعى (يوسف دويكات) من منطقة بلاطة البلد كما تقول الروايات الفلسطينية المتعاقبة”.
وترى الاتفاقات الموقعة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وفق تقرير سابق للجزيرة نت تحدثت فيه إلى مسؤولين بمحافظة نابلس، أن مقام يوسف هو مقام تاريخي أثري مفتوح لجميع أصحاب الديانات والمؤمنين لزيارته بإشراف وتنسيق السلطة الفلسطينية، وأن هذا ينطبق على الإسرائيليين بمن فيهم المستوطنون.
لكن المستوطنين يرفضون الانصياع لذلك، ويقتحمون المكان بالمئات مرة أو أكثر كل شهر، وبحماية من جيش الاحتلال الإسرائيلي خاصة خلال الأعياد اليهودية، ويقومون بتأدية طقوس وشعائر دينية.
ويحرس الأمن الفلسطيني منطقة القبر، في حين تغلق بوابته الرئيسية ويمنع على أحد دخوله إلا بعد إذن من الجهات الأمنية الفلسطينية المختصة.
بالقوة والغطرسة
ويؤكد غسان دغلس مسؤول ملف الاستيطان بشمال الضفة الغربية أن المكان هو “مقام، وليس قبرا، وليس لنبي الله يوسف عليه السلام كما يدّعي الاحتلال”.
وينفي دغلس أن يكون هناك قبر أصلا، ويقول إن الإسرائيليين جاؤوا عام 2011 بحجارة كبيرة تقلّها شاحنات، وأنزلوها في المكان، وادّعوا لاحقا أنه القبر، ويقول للجزيرة نت “هذا موثق فلسطينيا”، ويضيف أن “كل ذلك يعلّمونه أبناءهم لتحفظه أجيالهم القادمة وتتبنّى الرواية المزوّرة”.
ووفق دغلس، فإن المستوطنين بدعم من جيش الاحتلال الإسرائيلي يحاولون دوما تبنّي أي معلم تاريخي أو ديني من مقامات وعيون ماء وحتى “مغارات”، وتسيير رحلات واقتحامات استيطانية، “هدفها فرض السيطرة الإسرائيلية بالقوة وتهويد مزيد من الأرض”.
وكانت الصحافة الإسرائيلية قد كشفت عام 2015 أن المستوطنين أحدثوا عمليات ترميم للقبر، ونشرت صورا لذلك. وأعدّت الجزيرة نت تقريرا تناول الموضوع، ونفت حينئذ الجهات الفلسطينية أن يكون ذلك قد حدث.