يوسف محمد ضمرة
بإعلان جمعية البنوك في الأردن، بالتوافق مع البنك المركزي الأردني، تأجيل أقساط قروض الأفراد لشهر نيسان المقبل بمناسبة حلول شهر رمضان الفضيل دون فوائد تأخير أو عمولات، تكون هذه البنوك ماضية بالاضطلاع بمسؤوليتها الاجتماعية، التي سطعت بجلاء واضح منذ بدء جائحة كورونا قبل نحو عامين، ما سيسهم بتنشيط الإنفاق الذي سيذهب جلّه للاستهلاك في الأسواق.
عند النظر بشكل كامل ومتكامل للخطوة الجديدة من البنوك، ينبغي الوقوف عند الإجراءات التي اتخذت منذ بدء جائحة كورونا من قبل الجهاز المصرفي، وبالتنسيق مع البنك المركزي الأردني، والتي كانت تصب بمجملها في إطار التخفيف على الأفراد المقترضين تارة، وتقديم برامج متخصصة أطلقها البنك المركزي لمساندة الشركات الصغيرة والمتوسطة التي فاقت قيمتها التراكمية 1.8 مليار دينار.
ولا بد أن نستذكر، إضافة الى الجائحة، أزمات أخرى كانت ألقت بظلالها القاتمة على الاقتصاد العالمي والاقتصاد الوطني، وبرز القطاع الجهاز المصرفي في الأردن بقيادته واعياً قادراً على التخفيف من تداعيات تلك الأزمات بإمكانيات قوية ومتينة.
لقد اعتاد الاقتصاد الوطني عموما مجابهة التحديات، فمجرد العودة بتفكيرنا الى عقدين من الزمان، نستذكر كيف كانت نتائج تداعيات الأزمة المالية العالمية في العام 2008، الناتجة عن أزمة الرهونات العقارية في الولايات المتحدة الأميركية وانعكاساتها على العالم بأسره، وما مثلتها من مخرجات بانكماش في تلك الفترة.
وفي منطقتنا التي تتميز للأسف باضطرابات سياسية دائمة توّجها ما يسمى بالربيع العربي وتدفق اللاجئين، تعرض الاقتصاد الوطني لتحديات كبيرة، وتباطؤ في معدلات النمو الاقتصادي، لكنه استطاع كاقتصاد كلي تجاوزها.
واليوم ونحن على مشارف توديع جائحة كورونا وآثارها الاقتصادية السلبية وقد كنا مؤمنين وبكل ثقة بأننا سنكون أكثر منعة خلال الفترة المقبلة، تطل علينا وعلى العالم الأزمة الأوكرانية الروسية بآثارها الكارثية على الاقتصاد العالمي وبارتفاع جنوني لأسعار السلع والمواد المختلفة.
بلا شك أن أقوى دعامات الاقتصاد الوطني تمثلها البنوك، التي فعلا تمثل الشريان الصحي للاقتصاد. وبلا شك أن صلابة المراكز المالية وكفاية معدلات رأس المال أهلت الجهاز المصرفي، وبإشراف البنك المركزي، للقيام بالدور الذي يليق بصورتها؛ بالوقوف من ناحية عند الدور الاجتماعي لها من خلال تخفيض أسعار الفوائد بما يفوق 150 نقطة أساس، ويوازيها قيام البنك المركزي الأردني أثناء الجائحة بتخفيض الاحتياطي الإلزامي للبنوك، ما منحها هوامش أكبر للتحرك في منح التسهيلات وزاد من قدرتها على القيام بدورها بمنح تلك التسهيلات للشركات والأفراد، خصوصا أن مراكزها المالية صلبة وبالتالي يمكنها من الإسهام بتنشيط عجلة النمو الاقتصادي لأن خلاف تلك الإجراءات كانت آثار الجائحة ستكون مؤلمة أكثر.
الرهان على دور البنوك في الأردن تجسد من خلال كونها أكبر المتبرعين لصندوق “همة وطن” الذي جمع نحو 94.4 مليون دينار تم جمعها من بنوك وشركات ومؤسسات وأفراد؛ حيث تم إنفاقها لحساب صندوق المعونة الوطنية ودعم عمال المياومة والعاملين بأجر يومي من المتضررين من أزمة جائحة كورونا إلى جانب إنشاء مستشفيات ميدانية وغيرها من أوجه الإنفاق للحفاظ على النسيج الاجتماعي.
اليوم، تعود البنوك لتبادر إلى دعم الاقتصاد الوطني في ظل الظروف الصعبة الناتجة عن تراجع مستويات المعيشة وآثار الأزمة الأوكرانية على الأسواق، وتلجأ إلى تأجيل أقساط قروض الأفراد دون ترتيب فوائد أو غرامات عليهم، ما يعطي دفعة لإنعاش الأسواق والاقتصاد من جهة، ويخفف ويساعد المواطنين من المقترضين، وبما يصب في المحصلة في مواجهة التحديات الصعبة التي تواجهنا ويمكن من الإسهام بتجاوزها.
المقال السابق للكاتب
دفعة للأمام
[wpcc-iframe class=”wp-embedded-content” sandbox=”allow-scripts” security=”restricted” style=”position: absolute; clip: rect(1px, 1px, 1px, 1px);” title=”“دفعة للأمام” — جريدة الغد” src=”https://alghad.com/%d8%af%d9%81%d8%b9%d8%a9-%d9%84%d9%84%d8%a3%d9%85%d8%a7%d9%85/embed/#?secret=ZrhTSXMV5D%23?secret=dDrHjXZVBT” data-secret=”dDrHjXZVBT” width=”600″ height=”338″ frameborder=”0″ marginwidth=”0″ marginheight=”0″ scrolling=”no”]
للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا