فالمرضى الذين يشكون من ألم حاد يعطون وصفاً واضحاً لموضعه وصفاته وتوقيته . ويترافق غالباً بعلامات فرط نشاط الجملة العصبية المستقلة كتسرع القلب وارتفاع التوتر والتعرق وتوسع الحدقة والشحوب .
ويستجيب الألم الحاد عادة للأدوية المسكنة . وللعوامل النفسية دور ضئيل في امراضه . وعلى العكس يكون وصف الذين يشكون من ألم مزمن أقل دقة لموضعه ولصفاته ولتوقيته ، ولا يترافق الألم المزمن بعلامات نشاط الجملة المستقلة لأن تكيفها يزيل الأعراض ؛ واستجاية الألم المزمن للمسكنات أقل منها في الألم الحاد .
ويكون تلونه بالعوامل النفسية أكثر وضوحاً منه في الالم الحاد . كل هذه العوامل تدفع الطبيب للاعتقاد بأن المريض يبالغ في شكواه .
ولعدم وجود اختبارات موضوعية لتقييم الألم المزمن ينصح الطبيب بقبول شكوى المريض على علاتها آخذاً بعين الاعتبار عمره وثقافته وبيئته وخلفياته الثقافية التي قد تغير من تفاعله مع الألم . يمكن تقسيم الألم المزمن إلى ثلأنة أصناف هي حسب كثرة تواترها :
• اضطرابات نفسية فيزيولوجية Psychophysiological disorders :
قد تكون في أصلها مرضاً بنيوياً كفتق القرص أو تمزق الأربطة وقد لا تكون . وإنما تكون العوامل النفسية قد خلقت تبدلات فيزيولوجية مزمنة كالتشنج العضلي المؤلم بعد شفاء المرض الأصلى بمدة طويلة .ولا يميل هؤلاء المرضى للاستجابة للمسكنات ولكنهم يستجيبون جيدا لمعالجة مزدوجة موجهة نحو العضو النهائي ( كحقن النقاط المثيرة للألم في العضلات ) ، وللعوامل النفسية المحدثة للإزعاج .
• الألم المزمن المشارك لمرض بنيوي كالألم المشارك لالتهاب المفاصل الرثياني أو للنقائل السرطانية أو لفقر الدم المنجلي:ويتميز بطوارئ طويلة من الألم مع فواصل دون ألم ، أو بألم دائم يخف ويثمتد . وقد يكون للعوامل النفسية دور مهم في اشتداد الألم وخفته ولكن معالجته بالمسكنات أو تصحيح المرض المسبب أكثر تأثيراً .
• الهذيانات الجسدية Somatic delusions :وليست هذه الآلام بنيوية ولا فيزبولوجية ، إنما تحدث في المصابين باضطرابات نفسانية عميقة كالخمود أو الفصام . وتكون قمة الألم مبهمة وغريبة ولا يتوافق توزعه مع التشرج وهذا ما يوحي بالتشخيص . ولا يستجيب هؤلاء المرض سوى للمعالجة النفسية .ومع وضع كل هذا الاعتبارات بالحسبان يجب تتبع القصة والفحوص والدراسات المخبرية والتدبير كالمعتاد .
يمكن للألم المشارك لاضطراب بنيوي أو نفسي فيزيولوجي أن ينشأ عن بنى جسدية أو حشوية أو عصبية . ينتج الألم الجسدي عن تنبيه مستقبلات أعصاب الجسد الصادرة دون أن تكون الأعصاب بذاتها مصابة ، ويكون الألم إما حاداً أو كليلاً ، ولكنه يكون محدداً ومتقطعاً .
ينتج الألم الحشوي عن تنبيه مستقبلات الألم في الأحشاء والأعصاب الصادرة الحشوية ، ويتميز بمغص عميق موجع قد يرجعه المريض إلى نواحٍ محددة على الجلد .
الألم الحارق Causalgic :
ويسمى بألم فقد الحس وينتج عن إصابة المستقبلات الحسية والأعصاب أو عن الجملة العصبية المركزية ، ويتميز بأنه حارق يصيب غالباً مناطق فاقدة الحس ( كما في الألم العصبي عقب الحلأ النطاقي ) .
وتلعب الجملة العصبية المستقلة دورا معدلاً في أشكال الألم الثلأثة ولا سيما في الألم الحشوي وألم فقد الحس . ويستجيب الألم الجسدي والألم الحشوي جيداً لمسكنات الألم المختلفة الأفيونية وغير الأفيونية وللإحصار بالمبنجات الموضعية وللتداخلات الجراحية ، فيما لايخضع ألم فقد الحس لأي منها .
الألم الرجيع Referred Pain :
ويشعر به في مكان بعيد كل عن مصدر الأذية ، وهو غالباً ألم جلدي يثار بإصابة بنى عميقة معصبة بنفس القطاع الجلدي .
وقد يتشارك الألم الرجيع بألم شديد في الجلد حتى أنه ليفرج بحقن البروكائين في منطقة الألم . ومن السهل تشخيصه عندما يرجع الألم إلى نفس القطاع الجلدي أو القطاع العضلي للبنية المريضة [ فمثلاً ألم الوجه الأنسي للساعد ( الجذر الظهري الأول والثاني ) قد يحدث في احتشاء العضلة القلبية أو الذبحة أو في تخريش الحجاب مع ألم الكتف .
أما إذا كان الألم الرجيع بعيدا جداً عن مكان الألم الأولي في قطاعات ليس لها نفس التعصيب ، فتصبح الآلية محيرة ( كألم الذبحة الرجيع إلى الفك أو ألم المرارة الرجيع إلى الصدر أو إلى الكتف ) .
وقد قيلت في الألم الرجيع عدة نظريات تقول إحداها بأن للعصب نفسه فروعاً عميقة ( حشوية وربما سطحية جلدية ) . وتقول أخرى بتحرر وسطاء كيماوية في الجملة العصبية ، وغيرها تقول بالتقاء الأعصاب الجلدية والحشوية في جميعة اشتباك مشتركة في الحبل الشوكي . وكلها قد تفسر الألم الرجيع في نفس القطاع الجلدي ولكنها لا تفسر الألم الرجيع من أماكن بعيدة .
المصدر: بوابة الصحه