وفي كلمة افتتح بها مساء الأربعاء اجتماع مجلس الوزراء، انتقد سعيد، بشدة، مظاهر الفساد والقصور والتقصير التي يعاني منها مرفق القضاء، بأن وجه سلسلة من الاتهامات لبعض القضاة الذين تحوم حولهم شبهات الضلوع في الفساد والتستر على فاسدين، وتعطيل تتبع ذوي الشبهة في قضايا إرهابية، والتواطؤ مع جهات سياسية أو مالية نافذة.

وأكد سعيد أن هذه الوضعية هي التي حتمت إقرار تداول مجلس الوزراء في اجتماعه اليوم، بشأن مشروع يتعلق بتنقيح المرسوم المتعلق بالمجلس الأعلى المؤقت للقضاء.

وتعهد الرئيس التونسي، بحسب مقطع فيديو ورد على الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية، بالكشف عن أسماء هؤلاء القضاة، ممن تعلقت بهم شبهات تغيير مسار قضايا إرهابية، وتورط في فساد مالي وأخلاقي وارتشاء وثراء فاحش، في أمر، مشيرا إلى أنه “تم النظر في كل الملفات من أكثر من مصدر، حتى لا يظلم أحد، والتدقيق فيها لمدة أسابيع”، وإلى أنه “لم يعد مقبولا اليوم أن تغيب العدالة عن قصور العدالة”.

وقال سعيد، في هذا الصدد، “لقد أعطيت الفرصة تلو الفرصة، وتم التحذير حتى يطهر القضاء نفسه، ولا يمكن أن أطهر البلاد من الفساد ومن تجاوز القانون، إلا بتطهير كامل للقضاء”، مضيفا أنه هناك “تلكؤ وتأخير متعمد لفتح كل الملفات، بالرغم من أنها جاهزة”، ومؤكدا في السياق نفسه، أنه “لا يمكن أن يستمر الوضع دون نهاية”.

وجدد، في هذا السياق، التأكيد على “عدم التدخل في القضاء، ورفض تدخل أي كان فيه”، مع التشديد على “عدم القبول بأي تجاوز للقانون”، وعلى أن “الواجب المقدس يفرض اتخاذ هذا القرار (تنقيح المرسوم المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء)، حفاظا على الدولة وعلى السلم الاجتماعية”.

وذكر أن الأسباب التي دعت إلى اتخاذ هذا القرار “تتعلق بما ارتكبه البعض من القضاة من جرائم، لم يترتب عنها أي جزاء صلب المؤسسات”، التي قال إنها “من المفترض أن تقوم بدوها الوطني والتاريخي”.

كما أن من بين هؤلاء القضاة، حسب رئيس الجمهورية، قاض تعمد تعطيل التتبع في ملفات إرهابية، وعددها 6268 محضرا، وتتعلق به شبهات عدم الحياد وتجاوز الصلاحيات وتوجيه الأبحاث وخرق الاجراءات وتهديد القضاة، وإخلالات في أداء الوظيف بمناسبة مباشرته لوظيفته كقاض، وله ملف تأديبي مخفي في قصور العدالة، ولم يتم النظر فيه أيضا.

وتحدث سعيد عن جملة من التجاوزات لهؤلاء القضاة، من بينها تعطيل تتبع ذوي الشبهة في ملفات إرهابية، والتصدي لتطبيق الفصل 23 من مجلة الاجراءات الجزائية في ملف “الجهاز السري”، والامتناع عن فتح أبحاث جزائية في قضايا ذات علاقة بالأمن ولها صبغة إرهابية.

وأشار أيضا إلى استغلال أحد القضاة لصفته بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي، لتعطيل تتبع ذوي الشبهة في ملفات إرهابية، والتدخل لحماية أطراف سياسية وأصحاب نفوذ، وتعمد أحدهم التدخل في مسار قضايا هامة انطلاقا من موقعه كمستشار برئاسة الحكومة.

وتعلقت بأحدهم كذلك، حسب سعيد، شبهات فساد والتورط مع أحد أصهاره من المهربين الكبار في عمليات تهريب ديوانية من الحجم الكبير، وحماية القضاة المورطين في أعمال تعطيل التفقد وخرق واجب الحياد واستغلال النفوذ والارتشاء في ملف جنائي، حيث تم الافراج عن المتهم فيه ثم الحكم عليه بالسجن تحت الضغط لمدة تفوق مدة الإيقاف.

وأورد رئيس الجمهورية التونسية أن من بين تلك الملفات مساعدة مشتبه بهما في قضايا إرهابية للحصول على وثائق إدارية، ومنها منح الجنسية التونسية، والتواطؤ في ما يعرف بملف “الجهاز السري”، والارتباط بحزب سياسي، وعدم السعي لتنفيذ قرار بتحجير السفر مما سهل على المظنون فيه مغادرة البلاد، والتستر على تدليس وثائق لها علاقة بأحد أفراد عائلة أحد قادة الأحزاب السياسية.

كما أشار إلى أن من بين هؤلاء القضاة من تعلقت بهم قضايا فساد في ملف الأملاك المصادرة، وتحرش بقاضيات، وقضايا أخلاقية، وتبييض أموال، ومنهم من ضبط في حالة تلبس بنقل مبلغ 530 ألف أورو مع مبالغ مالية بالعملة التونسية.

وجدد سعيد في ختام كلمته التأكيد على أن المسؤولية تقتضي اتخاذ هذه القرارات، دون التدخل في القضاء، قائلا: “لكن لن نترك الشعب التونسي والدولة في هذا الوضع الذي تعيشه”.

وكان قيس سعيد أشار في بداية كلمته الى أن مجلس الوزراء سيتداول في عدد من مشاريع النصوص، سواء في شكل مراسيم أو أوامر، يتعلق أولها بتنقيح قانون الانتخابات والاستفتاء استعدادا لاستفتاء 25 يوليو 2022 لوضع دستور لجمهورية جديدة.