حكم إعفاء اللحية

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. فإن الأدلة على إعفاء اللحية واضحة وصريحة، لأمره عليه الصلاة والسلام بإعفائها وتوفيرها، وأمره بمخالفة الكفار الذين يحلقونها. فقد أخرج البخاري (5553) ومسلم (259) من حديث عبدالله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خالفوا المشركين، وفروا اللحى، وأحفوا الشوارب).
عبد الله بن عبد الرحمن السعد

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
فإن الأدلة على إعفاء اللحية واضحة وصريحة، لأمره عليه الصلاة والسلام بإعفائها وتوفيرها، وأمره بمخالفة الكفار الذين يحلقونها.
فقد أخرج البخاري (5553) ومسلم (259) من حديث عبدالله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خالفوا المشركين، وفروا اللحى، وأحفوا الشوارب).
وأخرج مسلم (260) من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (جزوا الشوارب، وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس).
فهذه الألفاظ صريحة في وجوب إعفاء اللحية، وتركها وافرة على حالها، وعدم جواز قصها، أو الأخذ منها ولو شيئاً يسيراً، والدليل على ذلك:
أولاً: أنه ينافي الإعفاء الذي جاءت النصوص المتقدمة بالأمر به.
ثانياً: أنه يخالف معنى الإعفاء في لغة العرب.
لأن معنى الإعفاء في اللغة: ترك الشيء على حاله، وعدم الأخذ منه.
قال الشيخ إبراهيم ولد الشيخ يوسف([1]): وفي النهاية لابن الأثير: (وفيه -أي الحديث-: أنه أمر بإعفاء اللحى: هو أن يوفّر شعرها ولا يقصّ…).
وقال السّرَقُسْطِيّ: (عفَوْتُ الشعر أعفُوه عفوا وعنَيْتُه أعفِيه عفْياً: تركته حتى يكثُرَ ويطول..).
وفي معجم مقاييس اللغة لابن فارس: (ومن الباب: العِفاءُ: ما كثر من الوبر والريش، يقال: ناقة ذات عفاء: أي كثيرة الوبر طويلته، قد كاد ينسِل. وسمّي عفاء لأنه تُرِك من المرْط والجزّ) ا.هـ (عفو).
قلت([2]): فانظر إلى قول ابن فارس: إن وبر الناقة إذا طال وكثر حتى كاد يتساقط يسمّى عفاء. قال: (وسُمّي عفاء لأنه ترك من المرط والجَزّ) أي: أنه لم يسمّ عفاء حتى ترك جزُّه وتناولُه.
فعلى هذا يكون من تناول لحيته بقصّ أو جزّ أو تقصير لا يوصف بأنه مُعْفٍ لها؛ لأنه وإن كان قد ترك أصولها أو جوانبها، إلا أنه لم يتركها حتى تطول وتكثر، فلم يُعْفِها كما أُمر.
بل لفظ الإرخاء منافٍ للتقصير والقصّ أيضاً.
وإلى هذا المعنى بعينه أشار ابن فارس أيضاً بقوله: (وإذا تُرك فلم يُقْطَعْ ولم يُجزّ فقد عفا) ا.هـ.
وهذا نصّ بديع فيما نريد إثباته ولله الحمد.
مع أن صاحب النهاية أيضاً قد تقدّم له مثلُ هذا القول في شرح هذه العبارة، وكلامهم في الجملة صريح فيه.
ومن غريب تأكيدهم على أن هذه المادة تدور حول الكثرة: ما ذهب إليه ابن الأعرابيّ في معنى عفت الدار، قال -كما في المقاييس أيضاً-: (العُفُوّ في الدار: أن يكثُر الترابُ عليها حتى يغَطّيَها، والاسم العَفاء والعفْو)ا.هـ.
وهذا أيضاً من الأعاجيب في فهمهم لهذه اللغة الشريفة. والحمدُ لله رب العالمين.
وقال العلامة ابن دقيق العيد -كما في فتح الباري عند الكلام على حديث الإعفاء-: (إن تفسير الإعفاء بالتكثير من باب التفسير باللازم، إذ من لازم ما تُرك على حاله -دون التعرّض له- أن يكثر ويزداد…) ا.هـ المقصود من رسالة الشيخ إبراهيم بن الشيخ يوسف، وهي نفيسة.
ثالثاً: ما أخرجه الإمام أحمد وغيره([3]) قال: ثنا زيد بن يحيى، ثنا عبد الله بن العلاء بن زبر، ثني القاسم، قال: سمعت أبا أمامة يقول: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على مشيخة من الأنصار بيضٌ لحاهم، فقال: (يا معشر الأنصار حمّروا وصفّروا، وخالفوا أهل الكتاب).
قال: فقلنا: يا رسول الله، إن أهل الكتاب يتسرولون ولا يأتزرون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تسرولوا وائتزروا، وخالفوا أهل الكتاب).
قال: فقلنا: يا رسول الله، إن أهل الكتاب يتخفّفون ولا ينتعلون، قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (فتخفّفوا وانتعلوا، وخالفوا أهل الكتاب).
قال: فقلنا: يا رسول الله، إن أهل الكتاب يقصّون عثانينهم ويوفّرون سبالهم، قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (قصّوا سبالكم، ووفّروا عثانينكم، وخالفوا أهل الكتاب).
وقد حكى أبو محمد ابن حزم([4]) الاتفاق على أن حلق اللحية مُثلةٌ لا يجوز.
فإن قيل: قد جاء عن جمع من الصحابة أنهم كانوا يأخذون من لحاهم، فقد أخرج البخاري (5892) أن ابن عمر كان إذا حج أو اعتمر قبض على لحيته، فما فضل أخذه.
وأخرج أبو داود (4201) عن جابر قال: كنا نعفي السبال إلا في حج أو عمرة.
وأخرج ابن أبي شيبة (13/112) برقم (25992): كان أبو هريرة يقبض على لحيته ثم يأخذ ما فضل عن القبضة.
وأخرج أيضاً (8/747) برقم (15917) عن ابن عباس قال: التفثُ: الرمي، والذبح، والحلق، والتقصير، والأخذ من الشارب والأظفار واللحية.
وأخرج أيضا عن عطاء بن أبي رباح أنه قال: كانوا يحبون أن يعفوا اللحية إلا في حج أو عمرة.
وهذا يخالف ما جاء في حديث أبي أمامة من النهي عن قصها.
فأقول وبالله التوفيق: الجواب عن ذلك من أربعة أوجه:
الوجه الأول: أن هذا يخالف المرفوع، وهو مقدمٌ ولا شك على الموقوف، ولا يخفى أن كثيراً من المسائل يأتي فيها عن بعض الصحابة ما يخالف النصوص التي جاءت في الكتاب والسنة، فالعمل على ما جاء في النصوص.
ومثال ذلك: ما جاء عن عمر وعثمان –ونُسب لأبي بكر-، من النهي عن التمتع في الحج، وقد جاءت السنة بمشروعيته، ولذا في الصحيحين: البخاري (1563) ومسلم (1223) أن علياً قال لعثمان: ما كنت لأدع سنة النبي صلى الله عليه وسلم لقول أحد. ولبّى بالحج والعمرة معاً.
والأمثلة على ذلك كثيرة.
قلت: وقد يكون هذا النص -وهو حديث أبي أمامة الذي فيه النهي عن القص- قد خفي عليهم، وربما يخفى على بعض الصحابة شيئاً من النصوص الشرعية.
ومن المشهور في ذلك، مسألة: إتيان المرء أهله ولا ينزل. فكان بعض الصحابة يرى عدم الغسل، ولم يبلغه النسخ.
الوجه الثاني: أنه لم ينقل عن كبار الصحابة وفضلائهم كالخلفاء الراشدين، وبقية العشرة؛ أخذُ شيءٍ من لحاهم، وهم أفضل وأجلّ وأعلم ممّن نُقل عنهم الأخذ، ولو كانوا يأخذون من لحاهم لنُقل، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي) وهو حديث صحيح، صححه جمع من الأئمة.
الوجه الثالث: أن الذين جاء عنهم الأخذ، الذي يظهر أنهم رأوا أن هذا من التفث، كما تقدم في قول ابن عباس، ويؤيد هذا أن ابن عمر لم يكن يأخذ إلا في حجٍ أو عمرة، وهذا ما نصّ عليه جابر، وما جاء عن أبي هريرة يحمل على ذلك، وإن لم يأت ما يقيّده.
قلت: فدلّ هذا على أنهم يرون أن هذا الأخذ من التفث، وإذا تقرر هذا فهل هو صواب؟ الظاهر أن الصواب خلاف ذلك، بدليل أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يفعل ذلك، ولم يأمر أمته به، ولو كان من التفث لبيّنه صلى الله عليه وسلم.
وعلى الذين يستدلون بما جاء عن هؤلاء الصحابة -رضوان الله تعالى عليهم- أن يلتزموا بما جاء عنهم، فلا يزيدوا على القبضة، ولا يأخذوا هذا القدر إلا في النسك من حجٍ أو عمرة، فحسب.
الوجه الرابع: أن الأدلة من الكتاب والسنة دلت على أن الذي يؤخذ منه عند التحلل إنما هو شعر الرأس.
قال تعالى: {وأتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك }.
وقال تعالى: {لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون}.
وهذا ما دلت عليه السنة صراحة فقد أخرج الشيخان عن عبدالله بن عمر قال: حلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وحلق طائفة من أصحابه وقصر بعضهم فقال: «رحم الله المحلقين» مرة أو مرتين, ثم قال: «والمقصرين».
وفي لفظ: قال: «اللهم ارحم المحلقين». قالوا: والمقصرين؟ قال: «اللهم ارحم المحلقين». قالوا: والمقصرين؟ قال: «والمقصرين».
وفي «الصحيحين» من حديث أبي هريرة أن رسول الله r قال: «اللهم اغفر للمحلقين», قالوا: وللمقصرين؟ قال: «اللهم اغفر للمحلقين». قالوا: وللمقصرين؟ قال: «اللهم اغفر للمحلقين». قالوا: وللمقصرين؟ قال: «وللمقصرين».
وفي مسلم من حديث يحيى بن الحصين عن جدته أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع دعا للمحلقين ثلاثة, وللمقصرين مرة.
قلت: ولا خلاف بين أهل العلم أن المقصود هنا حلق شعر الرأس أو تقصيره؛ لأنه فضل المحلقين على المقصرين, ولم يقل أحد من أهل العلم بحلق اللحية.
وهذا ما ثبت من فعله صلى الله عليه وسلم, كما في «الصحيحين» من حديث نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم حلق رأسه في حجة الوداع.
وفي «الصحيحين» من حديث أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن رمى الجمرة قال للحلاق: «خذ» وأشار إلى جانبه الأيمن, ثم الأيسر, ثم جعل يعطيه الناس, وفي لفظ: وقال بيده عن رأسه فحلق شقه الأيمن فقسمه, في من يليه, ثم قال: «احلق الشق الآخر» فقال: «أين أبو طلحة؟» فأعطاه إياه.
وفي «الصحيحين» عن ابن عباس أن معاوية بن أبي سفيان أخبره قال: قصرت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمشقص وهو على المروة.
وفي لفظ عند مسلم: قال لي معاوية: أعلمت أني قصرت من رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم عند المروة بمشقص.
فلو كان الأخذ من اللحية من النسك لبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم أو لنقل عنه, ومن المعلوم أن صفة حجه وعمرته عليه الصلاة والسلام نقلت بالتفصيل.
ولم ينقل أحد أنه أخذ من لحيته أو أرشد الناس إلى ذلك, ولم ينقل هذا عن كبار الصحابة ولا الغالب منهم كما تقدم, وإنما نقل عن أفراد منهم, وعلى هذا يحمل ما جاء عن جابر وعطاء بن أبي رباح, فقول جابر: «كنا» ليس حكمه الرفع هنا؛ لأن هذا مخالف لما تقدم عنه عليه الصلاة والسلام من أخذه لشعر رأسه فقط, وهذا الذي جاء في الكتاب والسنة.
ومثله ما جاء عن عطاء: كانوا يحبون أن يعفو اللحية إلا في حج أو عمرة.
فهذا محمول على البعض, ومن المعلوم أن عطاء لم يشاهد كبار الصحابة, ولا غالبيتهم.
وأما ما رواه عطاء عن ابن عباس في تفسير التفث أنه الرمي والذبح والحلق والتقصير والأخذ من الشارب والأظفار واللحية.
فالجواب عن ذلك: أن ما ذكره بعضه دلت عليه الأدلة, وبعضه لم تدل عليه, فأما الذي دلت عليه الأدلة فهو:
الرمي ولا خلاف فيه, وكذا الذبح والحلق والتقصير, فكل هذه قد جاءت بها الأدلة.
وأما الأخذ من الشارب فلا خلاف فيه أيضا, وقد أمرت السنة بجز الشوارب وبإنهاكها.
وأما الأظفار فأخذها من الفطرة, ولم يرخص النبي صلى الله عليه وسلم بتركها أكثر من أربعين يوما، وقد قال ابن خزيمة في بيان صفة حجه صلى الله عليه وسلم: (باب استحباب تقليم الأظفار مع حلق الرأس) ثم ساق من طريق أربعة – وهم: بشر بن السري, وموسى بن إسماعيل, وحسان بن هلال ([5]), وعبدالصمد بن عبدالوارث كلهم من طريق أبان العطار: حدثنا يحيى – وهو ابن أبي كثير – أن أبا سلمة حدثه أن محمد بن عبدالله بن زيد أخبره أن أباه شهد النبي صلى الله عليه وسلم عند المنحر هو ورجل من الأنصار فحلق رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه في ثوبه, فأعطاه, فقسم منه على رجال, وقلم أظفاره فأعطاه صاحبه, قال: فإنه عندنا مخضوب بالحناء والكتم أو بالكتم والحناء.
قلت: وفي رواية عبدالصمد أن محمد بن عبدالله بن زيد قال: أن أباه حدثه. قال ابن خزيمة: لم يقل أحد ذلك غير عبدالصمد.
قلت: وهذا إسناد جيد, وإن كان صورته صورة المرسل, ومحمد بن عبدالله بن زيد من كبار التابعين, وقال ابن منده: إنه ولد في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم, والظاهر أنه أخذه عن أبيه؛ لأنه يروي قصة وقعت لوالده, وهو من أعلم الناس به, وقد أخبر أن شعره عليه الصلاة والسلام موجود عندهم, وأنه قد خضب بالحناء والكتم.
ورواية عبدالصمد بن عبدالوارث المسندة قد خرجها أيضا الإمام أحمد، وفي روايته أن محمد بن عبدالله رواه عن أبيه.
ورواه أحمد أيضا عن أبي داود الطيالسي عن أبان فقال: عن أبيه.
قلت: ورواية الجماعة أولى, وكلهم من الثقات الأثبات، مع أن الرواية الثانية أيضا من رواها من الثقات المشهورين, وعند التحقيق ليس بينهما اختلاف.
وقال ابن المنذر في «الإشراف» (3/355): (باب أخذ الأظفار مع حلق الرأس, ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حلق رأسه قلم أظفاره) ا.هـ.
وأما الأخذ من اللحية في الحج وأنه من إزالة التفث فهذا لم يأت عليه دليل, بل الأدلة بخلافه كما تقدم.
وأما ما جاء عن ابن عباس أنه من التفث, فهذا فيه نظر أيضا لما تقدم, ولو كان كذلك لكان إما واجبا أو مستحبا, ولا أعلم أحدا قال بذلك, ولذا لم يذكر في كتب أهل العلم الحث على الأخذ من اللحية في الحج أو في العمرة.
بل جاء عن بعض أهل العلم رد على هذا القول:
قال الربيع بن سليمان: (قلت: فإنا نقول: ليس على أحد الأخذ من لحيته وشاربه, إنما النسك في الرأس. قال الشافعي: وهذا مما تركتم عليه بغير رواية عن غيره عندكم علمتها) ([6]) ا.هـ.
وقال الشافعي في الأم (3/546): (وأحب إلي لو أخذ من لحيته وشاربه حتى يضع من شعره شيئا لله, وإن لم يفعل فلا شيء عليه؛ لأن النسك إنما هو في الرأس لا في اللحية) ([7]) ا.هـ.
قلت: وهذا الاستحباب من الشافعي بين رحمه الله أنه منه, ولم يذكر دليلا على ذلك, وبين أن النسك إنما هو في الرأس.
ولذا قد بين الجويني والكاساني أن هذا ليس عليه دليل, ومثلهما المباركفوري.
فقال الجويني – كما في «المجموع» للنووي-: (ولست أرى ذلك وجها إلا أن يكون أسنده إلى أثر) ا.هـ.
وقال الكاساني في «بدائع الصنائع» (2/141): (وليس على الحاج إذا حلق أن يأخذ من لحيته شيئا, وقال الشافعي: إذا حلق ينبغي أن يأخذ من لحيته شيئا لله تعالى, وهذا ليس بشيء؛ لأن الواجب حلق الرأس بالنص الذي تلونا؛ ولأن حلق اللحية من باب المثلة؛ لأن الله تعالى زين الرجال باللحى والنساء بالذوائب على ما روي في الحديث: «إن لله تعالى ملائكة تسبيحهم: سبحان من زين الرجال باللحى, والنساء بالذوائب» ([8]) ولأن ذلك تشبه بالنصارى فيكره)ا.هـ.
وقال المباركفوري في «تحفة الأحوذي» (8/39): (وأما قول من قال: إنه إذا زاد على القبضة يؤخذ الزائد، واستدل بآثار ابن عمر وعمر وأبي هريرة رضي الله عنهم فهو ضعيف؛ لأن أحاديث الإعفاء المرفوعة الصحيحة تنفي هذه الآثار، فهذه الآثار لا تصلح للاستدلال بها مع وجود هذه الأحاديث المرفوعة الصحيحة، فأسلم الأقوال هو قول من قال بظاهر أحاديث الإعفاء وكره أن يؤخذ شيء من طول اللحية وعرضها، والله تعالى أعلم) ا.هـ.
وقد يقول قائل: إن الأمر بتوفير العثنون وعدم قصه على الاستحباب, وليس على الوجوب, بدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم سئل في هذا الحديث عن أشياء أخرى, وحمل أمره بها على عدم الوجوب, وهي في قوله صلى الله عليه وسلم: «ائتزروا وتسرولوا, وتخففوا وانتعلوا».
فأقول وبالله تعالى التوفيق: الجواب عن هذا الاستدلال الضعيف من وجهين:
الوجه الأول: أن دلالة الاقتران عند الأصوليين ضعيفة.
والوجه الثاني: أن الأدلة دلت على وجوب توفير اللحية وعدم الأخذ منها, وهي متعددة ومتنوعة, وقد تقدم ذكرها، بخلاف باقي هذه الأشياء التي ذكرت في هذا الحديث, فإن الدليل دل على عدم وجوبها.
رابعاً: أن الشارع قد نهى عن ما هو أبلغ من القص، فقد نهى عن نتف الشيب، كما في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، مرفوعاً؛ وله طرق وألفاظ:
1. فقد جاء من طريق: عمارة بن غزية، عنه؛ مختصراً بلفظ: (نهى عن نتف الشيب). عند النسائي (5068).
2. وتابعه: محمد بن إسحاق، عند أحمد (2/206)، والترمذي (2821)، وابن أبي شيبة (13/259) برقم (26472) -ومن طريقه ابن ماجه (3721)- جميعهم من طريق: عبدة بن سليمان عنه به، ولفظه: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نتف الشيب). قال الترمذي: (هذا حديث حسن، قد روي عن عبد الرحمن بن الحارث وغير واحد عن عمرو بن شعيب).
ورواه أحمد (2/207) من طريق: يزيد بن هارون، عن ابن إسحاق، ولم يصرح بالتحديث كالسابق، وذكره مطولاً بلفظ: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نتف الشيب)، وقال: (هو نور المؤمن)، وقال: (ما شاب رجل في الإسلام شيبة إلا رفعه الله بها درجة، ومُحيت عنه بها سيئة، وكُتبت له بها حسنة).
3. وتابعه أيضاً: عبد الحميد بن جعفر، عند أحمد (2/210) بلفظ: (لا تنتفوا الشيب، فإنه نور المسلم، من شاب شيبة في الإسلام كتب الله له بها حسنة، وكفر عنه بها خطيئة، ورفعه بها درجة).
4. وتابعه أيضاً: محمد بن عجلان، عند أحمد (2/179)، وأبو داود (4202)، والبيهقي في الكبرى (7/311)، والشعب (5/209) ([9]) ولفظه: (لا تنتفوا الشيب، فإنه ما من عبد يشيب في الإسلام شيبة إلا كتب الله له بها حسنة، وحط عنه بها خطيئة).
5. وتابعه أيضاً: عبد الرحمن بن الحارث، عند أحمد (2/212) من طريق: عبدالرحمن بن أبي الزناد، والبيهقي في الكبرى (7/311)، والشعب (5/209) من طريق: المغيرة بن عبدالرحمن؛ كلاهما عن ابن الحارث به ولفظه: (أن رسول الله e نهى عن نتف الشيب) وقال: (إنه نور الإسلام).
6. وتابعه أيضاً: ليث بن أبي سليم، عند أحمد (2/179) ولفظه: (لا تنتفوا الشيب، فإنه نور المسلم، ما من مسلم يشيب شيبة في الإسلام إلا كتب له بها حسنة، ورُفع بها درجة، أو حط عنه بها خطيئة).
7. وتابعه أيضاً: عبد الله بن لهيعة، عند البيهقي في الكبرى (7/311) ولفظه: (لا تنزعوا الشيب، فإن أحدكم لا يشيب شيبة في الإسلام إلا رفعه الله تعالى بها درجة، وكتب له بها حسنة، ومحا عنه بها سيئة).
وسلسلة عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، من السلاسل المشهورة، وقد جاء فيها عشرات الأحاديث، واختلف العلماء في الاحتجاج بها.
والراجح أنها من القسم الحسن، وإسنادها قوي إذا كان الراوي عن عمرو بن شعيب: ثقة، والغالب على أحاديث هذه السلسة الاستقامة([10])، واحتج بها وقواها جمع من الحفاظ.
وقد تكلمت عليها بتوسع في غير هذا الموضع.
وفي الباب:
(1) عن أبي هريرة رضي الله عنه عند ابن حبان (7/253) من طريق: حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن، عن أبي هريرة ولفظه: (لا تنتفوا الشيب، فإنه نور يوم القيامة، ومن شاب شيبة في الإسلام كتب له بها حسنة، وحط عنه بها خطيئة، ورفع له بها درجة).
وهذا إسناد رجاله معروفون، وهم من المشاهير، وقد خرج لهم مسلم.
وحماد بن سلمة إمام، غير أن في حديثه تفصيل([11]).
وسلسلة محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة؛ فيها كلام والأصل أنها من القسم الحسن([12]).
ولكن هذا الإسناد غريبٌ جداً، فلم أقف عليه عند غير ابن حبان.
وقد جاء بعض هذا المتن عند القضاعي في مسند الشهاب (457) من طريق: عنبسة الحداد، عن مكحول، عن أبي هريرة. وهو غريب جداً ولا يصح.
(2) وأخرج مسلم (2341) عن قتادة عن أنس بن مالك قال: (يكره أن ينتف الرجل الشعرة البيضاء من رأسه ولحيته).
ويلاحظ أن أنسًا لم يقل (أكره) وإنما قال (يُكره)، وهذا قد يكون له حكم الرفع. والله أعلم.
(3) وعن عمرو بن عبسة t ولفظه: (من شاب شيبة في سبيل الله كانت له نوراً يوم القيامة) ([13])، وهو حديث صحيح، صححه الترمذي، حيث قال: (حديث حسن صحيح غريب).
(4) وعن عمر بن الخطاب عند ابن حبان (7/251) ولفظه: (من شاب شيبة في الإسلام كانت له نوراً يوم القيامة).
(5) وعن ابن عمر عند العقيلي في الضعفاء (2/620) ولا يصح.
(6) وعن فضالة بن عبيد عند أحمد (6/20)، والبزار (9/209)، والطبراني (18/304) ولا يصح.
(7) وعند معمر في جامعه (11/156-الملحق بالمصنف) عن جابر، وهو الجعفي، عن أبي جعفر، وهو الباقر؛ أن حجاماً أخذ من شارب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت شعرة بيضاء فأراد أن يأخذها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (دعها) كأنه أراد أن يستأصلها. وهذا مرسل، والجعفي متروك.
(8) وعند ابن أبي شيبة (13/260-261) برقم (26473) عن طلق بن حبيب: أن حجاماً أخذ من شارب النبي صلى الله عليه وسلم فرأى شيبة في لحيته فأهوى إليها، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيده وقال: (من شاب شيبة في الإسلام كانت له نوراً يوم القيامة). وهذا مرسلٌ أيضاً، فطلق بن حبيب هو العنزي من أجلة التابعين، من الطبقة الوسطى منهم، توفي بعد التسعين.
وهذا الحديث فيه مسائل:
المسألة الأولى: النهي عن نتف الشيب، وهذا النهي على القول الصحيح للتحريم؛ لأن هذا مقتضى النهي، قال في نيل الأوطار (1/143-144): (والحديث يدل على تحريم نتف الشيب؛ لأنه مقتضى النهي حقيقة عند المحققين… قال النووي: لو قيل يحرم النتف للنهي الصريح الصحيح لم يبعد، قال: ولا فرق بين نتفه من اللحية والرأس والشارب والحاجب والعذار ومن الرجل والمرأة).
قلت: فالنهي يشمل الشعرة الواحدة فأكثر، وفي هذا تأكيدٌ على إبقاء شعر اللحية.
المسألة الثانية: عظيم الأجر المترتب على بقاء الشيب، فقد جُعل له أنواعاً من الأجر:
1- أن هذا الشيب -ولو واحدة- يكون له نوراً يوم القيامة.
2- ويرفعه الله تعالى به درجة.
3- ويكتب له به حسنة.
4- ويمحو عنه به سيئة.
وكل هذا تأكيدٌ على إبقاء الشيب في اللحية، وترغيبٌ فيه، فقد قرن الشارع بين النهي عن ذلك، مع ترتب الأجور العظيمة على من يفعل ذلك، وهذا أبلغ ما يكون من التأكيد.
قال ابن حبان (7/253): (ذكر كتبة الله جل وعلا الحسنات، وحط السيئات، ورفع الدرجات؛ للمسلم بالشيب في الدنيا).
المسألة الثالثة: دلالة هذا الحديث على تحريم قص اللحية، بقياس الأولى، وذلك من وجهين:
1- أن النهي في الحديث جاء في نتف الشعر الأبيض من اللحية، فيكون في حق الشعر الأسود أشد وأغلظ حرمة. ذلك أن من يفعل هذا في الشيب إنما هو لقصد الحسن والجمال، والإيهام بصغر السن، وهو غير متحقق في نتف الشعر الأسود.
2- أن النهي في الحديث جاء في نتف الشعر من اللحية، ولو كانت شعرةً واحدة، فيكون في حق من يقصها أشد وأغلظ حرمة؛ لأنه سيأخذ من عمومها شيئاً كثيراً.
والله أعلم.
هذا وقد ذهب جمع من السلف وأهل العلم إلى تحريم([14]) الأخذ من اللحية.
قال الطبري (ت310هـ) كما في الفتح (10/350): (ذهب قومٌ إلى ظاهر الحديث فكرهوا تناول شيء من اللحية من طولها ومن عرضها).
وقال الخطابي (ت388هـ) كما في المجموع (1/357): (توفيرها تركها بلا قص، كره لنا قصها كفعل الأعاجم، وكان من زي كسرى قص اللحى وتوفير الشوارب).
وحكى أبو حامد الغزالي (ت505هـ) في إحياء علوم الدين (1/143) الخلاف في الأخذ من اللحية، وذكر من أجازها ومن كرهها.
وقال النووي (ت676هـ) في شرح مسلم (3/151): (والمختار ترك اللحية على حالها، وألا يتعرض لها بتقصير شيءٍ أصلاً).
وقال في المجموع (1/357-358): (والصحيح كراهة الأخذ منها مطلقاً، بل يتركها على حالها كيف كانت).
وحكى الشوكاني (ت1250هـ) في نيل الأوطار (1/136) الخلاف في الأخذ من اللحية، ثم قال (1/142-143) – في باب أخذ الشارب وإعفاء اللحية على حديث أبي هريرة (جزوا الشوارب وأرخوا اللحى) بعد نقله كلام النووي والقاضي عياض-: (قوله (فما فَضُل) بفتح الفاء والضاد المعجمة ويجوز كسر الضاد كعَلِم، والأشهر الفتح. وقد استدل بذلك بعض أهل العلم، والروايات المرفوعة تردّه، ولكنه قد أخرج الترمذي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذ من لحيته من عرضها وطولها. وقال: غريب. قال سمعت محمد بن إسماعيل -يعني البخاري- يقول: (عمر بن هارون، يعني المذكور في إسناده، مقارب الحديث، لا أعرف له حديثاً ليس له أصل، أو قال: ينفرد به، إلا هذا الحديث، لا نعرفه إلا من حديثه)، وقال في التقريب: (إنه متروك وكان حافظاً من كبار التاسعة)، فعلى هذا أنها لا تقوم بالحديث حجة).
وقال أبو العلا المباركفوري (ت 1353هـ) في تحفة الأحوذي (8/39): (فأسلم الأقوال هو: قول من قال بظاهر أحاديث الإعفاء وكره أن يؤخذ شيء من طول اللحية وعرضها).
هذا والله تعالى أعلم, وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد, وعلى آله وصحبه والتابعين..

———————-
([1]) هو الشيخ إبراهيم بن الشيخ يوسف الشنقيطي، من مواليد عام (1378هـ) بمدينة أبي تلميت في الجمهورية الإسلامية الموريتانية (بلاد شنقيط)، وهو من علماء اللغة العربية المتخصصين المتمكنين فيها، ومشارك في غيرها من العلوم، لا سيما علم التفسير، وقد طلبت منه أن يحرر معنى (الإعفاء) في اللغة، فكتب -جزاه الله خيراً- بحثاً في ذلك، واخترت طرفاً منه هنا.
([2]) القائل الشيخ إبراهيم.
([3]) وهو حديث مستقيم ثابت إسناداً ومتناً، محفوظ لفظاً ومعنى، وقد توسعت في تخريجه والكلام عليه في كتاب «التيسير».
([4]) ينظر: مراتب الإجماع (ص157).
([5]) كذا في المطبوع, والأقرب أنه: حَبَّان بن هلال.
([6]) «اختلاف مالك والشافعي» (مع الأم- 8/718).
([7]) ويحتمل احتمالا كبيرا أن الشافعي يقصد هنا الأصلع, وذلك بدليل قوله: (حتى يضع من شعره شيئا لله) لأن غير الأصلع قد وضع شعره لله, وذلك بحلقه أو تقصيره بخلاف الأصلع, وهذا فيما يظهر ما فهمه النووي في «المجموع» فقال: (إذا لم يكن على رأسه شعر بأن كان أصلع أو محلوقا فلا شيء عليه, فلا يلزمه فدية ولا امرار الموسى ولا غير ذلك لما ذكره المصنف, ولو نبت شعره بعد ذلك لم يلزمه حلق ولا تقصير بلا خلاف؛ لأنه حالة التكليف لم يلزمه, قال الشافعي والأصحاب: ويستحب لمن لا شعر على رأسه إمرار الموسى عليه, ولا يلزمه ذلك بلا خلاف عندنا. قال الشافعي: ولو أخذ من شاربه أو من شعر لحيته شيئا كان أحب إلي ليكون قد وضع من شعره شيئا لله تعالى. هكذا ذكر الشافعي هذا النص, ونقله الأصحاب واتفقوا عليه …إلى أن قال: هذا كله فيمن لم يكن على رأسه شعرا أصلا) ا.هـ
وهناك من أهل العلم من فهم من كلام الشافعي الإطلاق للإصلع وغيره كابن المنذر في «الإشراف» (3/456), والله تعالى أعلم.
([8]) لم يثبت في ذلك حديث صحيح عن النبي r.
([9]) جميعهم من طريق يحيى بن سعيد عن ابن عجلان به، وتابعه سفيان عند أبي داود. وأخرج أبو جعفر العقيلي في الضعفاء (2/621 – تحقيق السلفي) من طريق ابن جريج، قال: أخبرني زياد، أن ابن عجلان حدثه، أن عمرو بن شعيب حدثه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره بنحوه. قلت: يبدو أنه سقط من الإسناد (عن أبيه عن جده)، وعلى هذا فالأقرب أنه ليس ثمة اختلاف على ابن عجلان، والله أعلم.
([10]) هناك بعض الأحاديث التي تستنكر، وللإمام مسلم جزء فيما يستنكر على هذه السلسلة.
([11]) توسعت في تحقيق القول في حماد بن سلمة في كتاب «التيسير».
([12]) توسعت في تحقيق القول في محمد بن عمرو بن علقمة في كتاب «التيسير».
([13]) أخرجه الترمذي (1635) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3/39) والطبراني في مسند الشاميين (2/188) جميعهم من طريق: خالد بن معدان، عن كثير بن مرة، عن عمرو بن عبسة.
وأخرجه أحمد (4/113) والنسائي (3142) وفي الكبرى (3/18، 19)، والطبراني في مسند الشاميين (2/82، 83) جميعهم من طريق: سليم بن عامر. والنسائي (3145) من طريق: خالد بن زيد. والبيهقي في الكبرى (10/272) من طريق: أسد بن وداعة. ثلاثتهم (سليم، وخالد، وأسد) عن: شرحبيل بن السمط، عن عمرو بن عبسة.
وأخرجه الطيالسي (1152) من طريق شهر بن حوشب، عن عمرو بن عبسة.
وأخرجه الطيالسي (1154) -ومن طريقه البيهقي في الكبرى (10/272)-، وابن حبان (7/252) من طريق: سالم بن أبي الجعد، عن معدان بن أبي طلحة، عن عمرو بن عبسة.
وأخرجه أحمد (4/386) وسعيد بن منصور (2419) وعبد بن حميد (298) من طريق أبي أمامة، عن عمرو بن عبسة.
وأخرجه عبد الرزاق (1/52)، (5/260) ومن طريقه عبد بن حميد (302) من طريق: أبي قلابة، عن عمرو بن عبسة.
وأخرجه الطبراني في مسند الشاميين (2/238)، (4/340) من طريق: مكحول، عن عمرو بن عبسة.
وأخرجه الطبراني في مسند الشاميين (3/155) من طريق: أسد بن وداعة، عن عمرو بن عبسة.
([14]) ومن المعلوم أن الأئمة المتقدمين يطلقون لفظ الكراهة ويريدون به التحريم، قال ابن القيم في إعلام الموقعين (1/32- الطبعة المنيرية): (وقد غلط كثير من المتأخرين من أتباع الأئمة على أئمتهم … حيث تورع الأئمة عن إطلاق لفظ التحريم، وأطلقوا لفظ الكراهة، فنفى المتأخرون التحريم عما أطلق عليه الأئمة الكراهة، ثم سَهُل عليهم لفظ الكراهة، وخفّت مؤنته عليهم، فحمله بعضهم على التنـزيه، وتجاوز به آخرون إلى كراهة ترك الأولى، وهذا كثيرٌ جداً في تصرفاتهم، فحصل بسببه غلط عظيم على الشريعة وعلى الأئمة).

Source: www.almoslim.net

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *