حوار مع الباحث الجزائري سليمان اليعقوبي

حوار مع الباحث الجزائري سليمان اليعقوبي سليمان عبديش اليعقوبي باحث جزائري من مواليد 1968م حاصل على بكالوريوس شريعة إسلامية جامعة دمشق 1994م وحاصل على دبلوم دراسات عليا في الشريعة الإسلامية جامعة أم درمان 1995م وباحث في مرحلة الماجستير في التخصص ذاته عمل أستاذا لمادة الدراسات الإسلامية في دولة الإمارات..

حوار مع الباحث الجزائري سليمان اليعقوبي

سليمان عبديش اليعقوبي باحث جزائري ، من مواليد 1968م ، حاصل على بكالوريوس شريعة إسلامية ( جامعة دمشق ) 1994م. وحاصل على دبلوم دراسات عليا في الشريعة الإسلامية ( جامعة أم درمان ) 1995م. وباحث في مرحلة الماجستير في التخصص ذاته.

عمل أستاذاً لمادة الدراسات الإسلامية في دولة الإمارات العربية المتحدة، ومدققا لغوياً بكل من جريدتي “الخليج” و “البيان” الإماراتيتين ، ومراجعا لغويا، ومحققا بمؤسسة “الرسالة” (دار نشر) في دمشق سوريا ، وكاتبا ومحررا للصفحة الدينية بمجلة “المشاهير” الإماراتية، إضافة إلى كتابة عمود صحفي فيها ، ومشرفا على فرع مؤسسة البصائر للطباعة والنشر والتوزيع بمدينة تلمسان ، ودرّس البلاغة العربية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة تلمسان ، ومديرا للدراسات بمؤسسة عالم المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع بالجزائر منذ 2009 وحتى الآن.

التقت به إسلام ويب أثناء زيارته للدوحة ودار معه الحوار التالي:

*في البداية نود التعرف على رحلتك في طلب العلم كيف بدأت؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله ومن والاه.

في البداية استهوتني دروس الشيخ محمد أو رمضان شيخ بلدتنا وإمامها، وذلك منذ المرحلة الإعدادية، وقد بدأت وقتها حفظ القرآن بالأسلوب التقليدي عندنا، أيْ الكتابة على اللوح إملاء من الشيخ ثم تصحيح الشيخ للوح، ثم الحفظ ثم العرض على الشيخ، ونظرًا لجودة حفظي، فقد رشحت للإمامة في قيام ليلة القدر (ليلة 27 من رمضان).

ثم انتقلت إلى الثانوية فانشغلت بمتطلبات الدراسة، وقمت بمهمة الإمامة لزملائي في مسجد الثانوية، وعقد بعض المجالس للوعظ وقراءة المأثورات (وقد كنا طلابًا داخليين). المرحلة الأهم في مسيرة الطلب تبدأ بعد البكالوريا، حيث انتسبت إلى جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية في قسنطينة، وقد كان الشيخ الغزالي – رحمه الله – آنئذ رئيسًا لمجلسها العلمي وأستاذًا وموجهًا بها، ملء السمع والبصر، فأكرمني الله عز وجل بالتلمذة عليه وحضور مجالسه عامي 1987/1988م ولم يطل بي المقام كثيرًا، إذ سرعان ما سافرت إلى دمشق الشام في عام 1989م، وانتسبت إلى كلية الشريعة بها لمواصلة دراستي (وكانت النية في البداية متجهة نحو المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام)، وهناك في دمشق، فتحنا أعيننا على منابع ثرة وسواقٍ عذبة للعلم والمعرفة والفضل، فطفقنا ننزع منها على قوة وعلى ضعف أحيانًا… وحضرنا دروس الأساتذة في الكلية ومجالسهم في المساجد وفي بيوتهم العامرة، ونذكر بالإكبار مجالس أساتذتنا الدكتور مصطفى الخن-رحمه الله- والدكتور أحمد الحجي الكردي-حفظه الله- والدكتور مصطفى البغا – حفظه الله – وقد تخرجت بفضل الله في كلية الشريعة جامعة دمشق واتبعت ذلك بدبلوم الدراسات العليا في الشريعة والقانون من جامعة أم درمان، وكانت همتي متجهة لاستكمال متطلبات الماجستير وما بعدها، غير أن ذلك لم يتيسر لي لهموم وانشغالات طرأت، نسأل الله التوفيق لما يحب ويرضى.

*من خلال عملك في التدقيق اللغوي، كيف ترى اللغة العربية لدى الكتاب سواء في الصحف أو عبر الكتب؟

تتميز الكتابة الصحيفة – إجمالاً – عن الكتابة العلمية بكونها آنية ومرتبطة باليومي المعيش، وتستهدف العامة من الناس، وعمرها قصير، ويتصدى لها أناس – غالبًا – يفتقرون إلى الاختصاص، فينعكس ذلك – بداهة – على اللغة المستعملة، فتلاحظ أن لغة الصحافة أدنى مرتبة من حيث الأسلوب والتركيب، والعناية بفنون الكلم، وتخريج اللفظ والمعنى على مذاهب العرب في البلاغة والبيان … ولكن، والحق يقال ، إن نوعي الكتابة كليهما يشي بضعف التحصيل اللغوي وتواضعه لدى الكتاب، وهذا يَطرح أسئلة مهمة ومحزنة حول مناهج اللغة، نحوًا وصرفًا وإملاءً وبلاغةً وبيانًا، التي يتلقاها الطلاب عبر سني الدراسة كلها…

هل ترى أن اللهجات العاميّة في البلاد العربية لها تأثير على اللغة العربية؟ .. وإن كان كذلك فكيف العلاج؟

ما معنى تأثير اللهجات العامية على اللغة العربية؟ .. إذا كان المقصود أنها تؤثر في بلاغتها وأسلوبها وقواعدها فهذا الأثر محدود ولا يتعدى الشكل .. وإذا كان المقصود أن العامية تحل محل العربية في وفائها بقضاء حاجات الناس المختلفة واستغناء الناس بذلك فهذا صحيح، ومرده إلى عدة عوامل:

1- ضعف تعلم اللغة العربية في المدارس والجامعات.

2- عدم تمتع اللغة العربية بالحماية القانونية والتشريعية المناسبة لمكانتها وخطرها.

3- عدم ارتباط اللغة العربية بضرورات العمل والتوظيف والإجراءات الإدارية.

أما العلاج فهو في عكس البنود السابقة تمامًا، بمعنى:

1- تقوية تعليم هذه اللغة والعناية بمناهجها وكادرها.

2- سن القوانين والتشريعات والحوافز لحمايتها ورعايتها.

3- ربطها بضرورات العمل والتوظيف والإدارة.

فلو كان شرطًا – مثلاً – على كل من يتقدم لعمل من غير العرب في دول الخليج أن يتعلم العربية، ولو كان ممنوعًا على الخادمات والمربيات أن يكلمن الأطفال بغير العربية لرأيت كيف تنفق سوق اللغة العربية وتتغير النظرة إليها..!

*هل تذكر بعض المواقف التي مرت بك أثناء رحلتك العلمية والعملية وترى أن في ذكرها فائدة وعبرة للقارئ؟

كثيرة هي المواقف التي مرت بي وانطوت على العبرة ، بيد أني ذاكر لك موقفين تعلق أحدهما بزواجي.. فقد رغبت في خطبة امرأة معينة، ظاهرها الصلاح والبر ورفض والدي تلك الخطبة، وأصررت أنا، وأصر هو، وأمام إصراري رضي ووافق، ولكن على مضض، وتزوجت تلك المرأة، ولا تسل من أين دخل عليَّ البلاء والشقاء والهم والغم، فتيقنت أن ذلك كان من شؤم المخالفة وعدم توخي رضا الوالد التام، فنصيحتي لكل أخ إذا أقدم على أمر ذي بال تهم فيه موافقة الوالدين كالزواج مثلاً – بل خصوصًا الزواج – ألاَّ يقطع فيه دون موافقتهما أبدًا وإنْ أُعجب برأيه وبدا له رأيهما ضعيفًا، {فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريمًا}.

والثاني: حصل معي خلال إحدى الزيارات إلى سامراء بالعراق حيث زرت “السرداب” الذي تزعم الرافضة أن “المهدي” اختفى فيه وسيخرج منه يومًا.. فاصطنعت عدم المعرفة وجعلت أسأل عن المكان وسر احتفاء الناس به، فقالوا: الإمام المهدي … إلخ. فقلت لهم: أنا درست في التاريخ أن الإمام الحسن العسكري عقيم ولا ولد له؟ فقالوا: لا .. شلون .. عنده أولاد وعنده ذرية. قلت: وهو مختفٍ هنا؟  قالوا: إيه نعم. قلت: والله ما كو حد هون، ولو حفرتم لم تعثروا إلا على الحشرات، فثاروا بي، فقال لهم القيِّم: سيبوه، هذا ما يعرف … وصديقي العراقي صار يلوح لي بيده أن تعال، وقد أدرك أن ثمة مشكلة، فلم أبال بتلويحه، وبقيت أكاوحهم(أجاهرهم بالخصومة) متحديًا، فعرض عليَّ أحدهم المناقشة، وأعطاني عنوانه، وشئت أن (أهدئ اللعب) فقلت لهم: هذا مجرد نقاش بقصد العلم والمعرفة .. ومضيتُ وصديقي مندهش لما حصل.

*ما هي نصيحتك للعرب تجاه اللغة العربية؟

ما حق الأم على وليدها؟

ما حق الظئر على رضيعها؟

ما حق الدار الكريمة على الآوي إلى ركنها؟

ما حق الدوحة الفينانة على المستظل بظلها؟

ما حق العين العذبة على الشارب منها؟

ما حق الحلة السابغة على المتجمل بها؟

ما حق الدرع الحصينة على المحتمي بها؟

يقول الفيروزآبادي رحمه الله في مقدمة القاموس المحيط : “ولا يشنأ هذه اللغة الشريفة إلا من اهتاف به(رماه)  ريح الشقاء ، ولا يختار عليها إلا من اعتاض السافية(الريح التي تحمل التراب) من الشحواء(البئر الواسعة) ، أفادتها ميامن أنفاس المستجن(المحتمي ، والمقصود النبي صلى الله عليه وسلم)  بطيبة(المدينة) طيبا ، فشدَتْ بها أيْكِيَّةُ النطق(الحمامة) على فَنَنِ اللسان رطيبا ، يتداولها القوم ما ثَنَتِ الشَّمالُ معاطف غصن ، ومرت الجنوب لِقْحةَ مُزن…”.

هذه هي العربية يا أهل العربية، فـ {قوا أنفسكم وأهليكم نارًا ….}.

 

Source: islamweb.net

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *