وفقد المئات من سكان تلك المناطق مساكنهم، حيث بات العديد منهم من دون مأوى أو أي مصدر للرزق، بعد أن طالت ألسنة النيران آلاف الهكتارات من الأراضي والغابات والتهمت المحاصيل الزراعية والمواشي.
وأعادت هذه الوقائع النقاش حول شروط الاستفادة من تعويضات صندوق الكوارث الطبيعية إلى الواجهة من جديد، وأحقية “ضحايا الحرائق” في الحصول على تعويض عن الخسائر المادية التي لحقت بهم.
وفي حصيلة غير نهائية، أتت النيران في إقليم العرائش شمالي المغرب على حوالي 5300 هكتار، بينما أجليت 1331 أسرة موزعة على 20 قرية عن أماكن الخطر، فيما دمر 170 منزلا.
وفي إقليم وزان خلفت النيران التي اقتربت فرق الإنقاذ من السيطرة عليها، خسائر جسيمة اتت على حوالي 400 هكتار من الأشجار المثمرة والصنوبر، وفق معطيات السلطات المحلية.
ومنذ الأربعاء الماضي استعرت النيران في 5 مناطق بشمال المملكة، بالتزامن مع موجة حر شديد ورياح قوية شهدتها مختلف مناطق البلاد.
تعويض الضحايا
وطالب عدد من الفعاليات المدنية والحقوقية في المغرب بإيجاد حلول عاجلة وعملية للسكان المتضررين، الذين فقد بعضهم كل ما يملك من سكن وماشية ومزروعات بفعل الحرائق الأكبر من نوعها بالمملكة.
ويقول نزار محمد شاش الناشط المدني في إقليم العرائش، إحدى أكثر المناطق تضررا من الحرائق، إن قرى عديدة في المنطقة تعرضت لأضرار وخسائر جسيمة بفعل الكارثة غير المسبوقة، حيث نقل سكانها إلى مراكز إيواء في انتظار السيطرة الكاملة على الحرائق.
ويشدد شاش في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية” على ضرورة تدخل السلطات لإيجاد حلول، وجبر الضرر الذي لحق بالسكان في أقرب وقت، خصوصا أن العديد منهم فقد مصدر رزقه بعد أن أتلفت النيران مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية والأشجار المثمرة، التي امتدت إلى المواشي.
ويرى المتحدث أنه “بات من الضروري إعلان الحرائق التي تشهدها مناطق في شمال البلاد كارثة طبيعية من أجل تفعيل صندوق الكوارث الطبيعية، وتعويض من لحقتهم الأضرار التي ساهمت عوامل طبيعية في تأجيجها.
وأبدى الناشط إعجابه بحجم التضامن مع سكان المناطق المتضررة، الذي أظهره المواطنون وجمعيات المجتمع المدني التي انتقل بعضها إلى هذه المناطق محملين بمساعدات غذائية، سواء لمن هم في مراكز الإيواء، أو في أماكن يصعب الوصول إليها.
ولم يفت شاش التذكير بالجهود التي بدلتها أجهزة الإطفاء المغربية من أجل السيطرة على الحرائق، خصوصا في الأماكن القريبة من التجمعات السكنية.
صندوق الكوارث الطبيعية
في عام 2020 دخل العمل بصندوق التضامن ضد الكوارث الطبيعية حيز التنفيذ، بموجب القانون 110.14 الخاص بإحداث نظام لتغطية عواقب الوقائع الكارثية.
ولتفعيل هذا الصندوق والشروع في تعويض ضحايا الكوارث الطبيعية، بما يشمله ذلك من تعويض عن الوفاة والأضرار البشرية والمادية، يتعين إعلان ما حدث “كارثة طبيعية” لتباشر على إثرها لجنة مختصة عملية تقييم الوضع وتحديد المناطق المنكوبة، قبل قيام الضحايا بتسجيل أنفسهم في قائمة المتضررين للاستفادة من التعويض.
ويقول رئيس جمعية وسطاء ومستثمري التأمين في المغرب يونس بوبكري، إن “الغاية التي أنشئ من أجلها هذا الصندوق تكمن في التأمين ضد النكبات ومخاطر الكوارث الطبيعية، بهدف تعويض المتضررين والضحايا غير المؤمنين عن الأضرار البدنية أو المادية”، غير أن الأمر لا يشمل بحسب الخبير في التأمين كل الأضرار، مشيرا إلى أن “الاستفادة من هذا التأمين رهين بإعلان الواقعة كارثة طبيعية من قبل رئيس الحكومة وفي أجل لا يتجاوز 90 يوما”.
ويتابع بوبكري لموقع “سكاي نيوز عربية” أن “على المتضررين من حرائق الغابات التوجه إلى السلطات المحلية للإبلاغ عن الأضرار والخسائر التي لحقت بهم، لمباشرة الإجراءات المؤدية إلى حصولهم على تعويضات وتسريع الإجراءات المرتبطة بذلك”.
ويشير المتحدث إلى أن “المطالبة بتفعيل هذا الصندوق ما فتئت تعود إلى الواجهة عند وقوع كوارث مماثلة في المملكة، على غرار فيضانات الدار البيضاء أو الحرائق التي شهدتها البلاد السنة الماضية، من دون أن يتسنى للمتضررين الاستفادة من التعويض بسبب عدم صدور إعلان رسمي عن وقوع (كارثة طبيعية) بالبلاد”.
ومن جهة أخرى، دعت النائبة عن حزب التجمع الوطني للأحرار (قائد الائتلاف الحكومي) زينب السيمو، التي تتواجد حاليا في المناطق المتضررة، إلى تفعيل صندوق التضامن ضد الكوارث الطبيعة، والتدخل العاجل للحكومة بكل الوسائل المتاحة لتعويض الضحايا.
كما أكدت البرلمانية التي التقت عددا من السكان المتضررين، في تصريح لموقع “سكاي نيوز عربية”، أنه “إلى جانب الخسائر المادية فإن الساكنة في المناطق المنكوبة تعاني أضرارا نفسية جسيمة بسبب الرعب الذي خلفته الحرائق في مناطقهم، والأوقات العصيبة التي عاشوها خلال الأيام الماضية من جراء دنو النيران من منازلهم”.
وتعتبر السيمو أن “خطورة الحرائق المهولة التي اجتاحت شمال المغرب تكمن في كونها شملت مناطق متفرقة في وقت واحد مما جعل مهمة فرق الإطفاء أكثر صعوبة وتعقيدا”، وطالبت بإنشاء لجنة استطلاع برلمانية لتحديد حجم الأضرار والأسباب التي أدت إلى نشوب الحرائق، والعمل على إعداد خطط استباقية للمساهمة في الحد من الأضرار المترتبة عن مثل هذه الكوارث مستقبلا.