يقول عمر محمد عوض الله، نجل السريرة التي توفيت في العام 2021 عن عمر ناهز 93 عاما، إن والدته استلهمت فكرة تصميم العلم عندما رأت الراحل إسماعيل الأزهري، أول رئيس للسودان بعد الاستقلال، يضع أمامه منديلا أبيض، خلال مشاركته في مؤتمر باندونغ الإندونسي في أبريل العام 1955؛ أي قبل الإعلان الرسمي للاستقلال بنحو ثمانية أشهر.
ويقول عوض الله لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن والدته حزنت للمشهد حيث كان رؤساء الدول ال 29 المشاركون في المؤتمر يضعون أعلاما ترمز لبلدانهم ما عدا السودان؛ فقررت في تلك اللحظة تصميم علم يرمز للسودان.
ويشير عوض الله إلى أن والدته؛ وهي شاعرة ومعلمة وفنانة تشكيلية اختارت ثلاثة ألوان في تصميم العلم؛ وهي الأخضر الذي يرمز للزراعة، المهنة الرئيسية لأهل البلاد، والأصفر الذي يرمز للصحراء، إضافة إلى الأزرق الذي يرمز للماء والنيل.
ونظرا للقيود التي كانت مفروضة على خروج المرأة في ذلك الوقت، دفعت السريرة بتصميمها في مظروف عبر شقيقها حسن مكي ولم تفصح عن اسمها الحقيقي، وتضمنت رسالتها ألوان العلم.
وبالفعل، أجاز البرلمان السوداني الذي كان يجهز لإعلان الاستقلال رسميا؛ العلم الذي صممته السريرة ليرفع في يوم إعلان الاستقلال.
وفي صبيحة الأول من يناير 1956، رفع الزعيمان التاريخيان إسماعيل الأزهري ومحمد أحمد المحجوب العلم في سارية القصر الجمهوري، خلال احتفال كبير أعلن فيه رسميا انتهاء حقبة الاستعمار الإنجليزي في البلاد.
وتشير السريرة إلى أن التصميم الذي اختارته يهدف إلى حسم الهوية السودانية التي تزاوج بين المنطقتين الإفريقية والعربية واللتين يربط بينهما نهر النيل.
ولدت السريرة في العام 1928 وتوفيت في العام 2021، وكان والدها قاضيا شرعيا مؤيدا لفكرة تعليم المرأة وهو ما أتاح للسريرة إكمال دراستها وعملت بعد ذلك كمعلمة وفنانة تشكيلية.
تعرضت السريرة لمضايقات عديدة من السلطات الإنجليزية بسبب حديث أدلت به في منتصف أربعينيات القرن الماضي، أمام وزير التعليم الإنجليزي عبرت فيه عن أمنيتها بأن ترى حاكما سودانيا لبلادها.
ومنذ يناير 1956 وعلى مدى 14 عاما، كان العلم الذي صممته السريرة هو العلم الرسمي للسودان، قبل أن يتم تغييره بالعلم الحالي في عهد الرئيس الأسبق، جعفر نميري، بالعلم الحالي المكون من 4 ألوان.