وأضاف شويغو أن روسيا ترسل المزيد من القوات بهدف السيطرة على المدينة بأكملها، وتابع: “قواتنا عززت مواقعها وصمدت على خط المواجهة”.
وأكد شويغو أنه تم فتح الاتصالات البرية من أراضي روسيا على طول البر الرئيسي إلى شبه جزيرة القرم، مضيفا أنه تمت أيضا تهيئة الظروف اللازمة لاستئناف حركة القطارات بين روسيا ودونباس وأوكرانيا وشبه جزيرة القرم في 6 أجزاء من خطوط السكك الحديدية، فيما بدأ بالفعل إيصال الشحنات إلى ماريوبول وبيرديانسك وخيرسون.
وهو ما يعتبره خبراء عسكريون إكمالا للمرحلة الثانية من الحرب، التي أعلنت عنها موسكو في أواخر شهر مارس الماضي، حينما أكدت سعيها لتركيز مجهودها الحربي على “تحرير دونباس”، بعيد فكها الحصار على أطراف العاصمة الأوكرانية كييف، وتكثيف جهودها العملياتية الميدانية في مناطق شرق وجنوب أوكرانيا مثل ماريوبول وخيرسون.
ويثير هذا الإعلان الروسي عن بسط السيطرة على المناطق الشرقية والجنوبية من أوكرانيا، تكهنات وتساؤلات عنما بعد ذلك، وعن ردة الفعل الأوكرانية والأطلسية، وهل سيكتفي الروس بما حققوه أم أنه ستكون هناك مرحلة ثالثة جديدة، وفي حال وجودها فأين ستتجه بوصلة الجيش الروسي هذه المرة بعد دونباس ومناطق جنوب أوكرانيا؟
وللإجابة على كل ذلك، يقول مهند العزاوي الخبير العسكري والاستراتيجي في حديث مع “سكاي نيوز عربية”: “المتابع للتحركات الروسية العسكرية مؤخرا، يدرك أن موسكو حددت أهدافها بدقة بعد أن كانت فضفاضة وواسعة في بداية الحرب، وقلصت بذلك من رهاناتها متبعة مبدأ قضم مسرح العمليات، وهو ما يعتمد على مسوغات وحسابات استراتيجية، قوامها أن الهلال الشرقي الذي أكملت روسيا السيطرة عليه بعد إحكام قبضتها على مدينة سيفيرودونيتسك، يعطيها قاعدة إمداد وإسناد لوجستي متطورة وراسخة، بعد أن كانت قاعدتها اللوجستية والخلفية مبعثرة ومشتتة عندما وسع الجيش الروسي نطاق الحرب نحو مدن خاركيف وسومي وكييف”.
فالروس بعد إعادتهم رسم الجبهات والأولويات، حسب العزاوي: “تمكنوا من إحراز نجاحات عسكرية واضحة ومهمة جدا، عبر سيطرتهم الآن بشكل كامل على إقليم دونباس وربطهم الطريق البري منه مباشرة مع شبه جزيرة القرم، وبذلك تم إنجاز المرحلة الثانية من العملية العسكرية الروسية”.
في المرحلة الثالثة الآن، يضيف الخبير العسكري: “التي ستتلو السيطرة على دونباس ربما تشكل الضربات الأخيرة على محيط العاصمة الأوكرانية كييف، جس نبض ومحاولة لتحييد كييف عبر ترهيبها والتلويح بها بالعصا، مع استكمال عملية السيطرة على الشريط البحري الأوكراني للتفاوض عليه لاحقا، عبر السيطرة خصوصا على مدينتي أوديسا وميكولايف”.
وبذلك ستسعى روسيا، كما يشرح الخبير العسكري: “لكسب التنازل الأوكراني رسميا عن بعض الأراضي لصالحها، ولتوسيع رئتها البحرية في منطقة البحر الأسود وتاليا في المياه الدافئة، وتكون قد نجحت بذلك في أبعاد شبح وجود الناتو على حدودها مع أوكرانيا”.
وعن رد الفعل الغربي والأوكراني المتوقع على الإعلان الروسي، يقول جمال آريز الباحث والكاتب السياسي، في لقاء مع “سكاي نيوز عربية”: “غالبا سترفض كييف الرضوخ للأمر الواقع الروسي في شرق وجنوب أراضيها، لكن من المستبعد نظرا لعدم التكافؤ في ميزان القوى العسكري أن يكون بمقدورها استعادة تلك الأراضي من قبضة الروس، لكنها قد تعمد لاستهداف القواعد والمقرات العسكرية الروسية فيها بالقصف، وهو ما سيقود لرد روسي مماثل وهكذا فمن المرجح أن نشهد تصاعدا للحرب خلال المرحلة القادمة”.
وبالنسبة للدول الغربية، يقول آريز: “فإنها قد ترفع من وتيرة تقديم الأسلحة لكييف، لكن دون أن تتورط مباشرة في دخول الحرب، كما وأن نجاح الروس في السيطرة على مناطق شرق وجنوب أوكرانيا، قد يدفع بعض الدول الغربية الأقل تشددا في التعاطي مع روسيا مثل فرنسا مثلا، لطرح مبادرات تفاوضية بين موسكو وكييف للتوصل لصيغ ما تنهي الحرب عبر تقديم تنازلات متبادلة، وهو ما قد يفضي لتنازل كييف عن مناطق مثل دونباس وغيرها، مقابل أن تنسحب موسكو مثلا من مناطق جنوبية وعلى الشريط البحري”.
واستدرك: “لكن يبقى السيناريو القاتم هو أن يتعنت الطرفان ويواصلان معركة كسر العظام للنهاية، والتي ستكون نتائجها دموية وكارثية كما هو معلوم، والتي تطال العالم بأسره بتبعاتها السلبية المدمرة على أمنه واستقراره وخبزه ومصادر طاقته”.