كشف فضل الله ممتاز الدبلوماسي الأفغاني السابق أن الشعب الأفغاني هو المتضرر الأول من عدم اعتراف المجتمع الدولي بحركة طالبان، وأن عدم التواصل مع الحركة سيشكل تنصلا من قبل الدول الغربية وعدم الإيفاء بالتزاماتها تجاه الحركة وما قدمته من ضمانات واستعداد لبدء صفحة جديدة.
وقال خلال مشاركته في برنامج المسائية على قناة الجزيرة مباشر، أمس الأربعاء، إنه خلال حكم أفغانستان السابق والذي امتد من 1996حتى 2001 لم تعترف بحركة طالبان سوى 3 دول، ومع ذلك ظلت الحركة محافظة على خيارها السياسي الخاص القائم على رفض التدخل الأجنبي في السياسة الداخلية لأفغانستان.
وشدد الدبلوماسي الأفغاني على أن المجتمع الدولي ملزم بالتعامل مع حركة طالبان أفغانستان باعتبارها أمرا واقعا لا مناص منه، طالما أن الأراضي الأفغانية تمثل موقعا استراتيجيا بين الشرق والغرب، كما أن مواردها الطبيعة غيرالمكتشفة تجعل منها حليفا مطلوبا للعديد من دول الشرق والغرب.
وقال ممتاز إن المجتمع الدولي لم يعرف بعد حقيقة حركة طالبان التي قامت منذ البداية على أساس تحقيق هدف واحد هو “أنهم ليسوا مستعدين للتخلي عن الدين والمجتمع والتقاليد لإرضائه”.
وأضاف “عناصر الحركة حاربت 20 سنة من أجل ذات الهدف، ولا يمكنها اليوم أن تتخلى عنه لأن أي تنازل يعني وقوع انشقاق داخل الحركة ونهايتها سياسيا ومجتمعيا”.
وكشف ممتاز أن الفكرة التي تحملها الحركة عن المجتمع الدولي هي أنه “مجتمع منافق تقوده الشعارات والكذب”، وأنهم جاؤوا لافغانستان بحثا عن مصالحهم الخاصة وليس دفاعا عن حقوق الإنسان.
من جانبه، أكد حمزة الحكيمي الأكاديمي والمحلل السياسي الأفغاني أن حكم طالبان لأفغانستان أضحى أمرا واقعا باعتراف دولي وتنسيق غربي، وأن كلا من الصين وروسيا ودول الغرب إذا ارادت الحفاظ على مصالحها الحيوية، فهي مدعوة للاعتراف بطالبان أو التعامل معها بصورة ودية.
وأوضح الحكيمي أن رسالة طالبان الأولى للمجتمع الدولي من خلال تشكيل حكومة تصريف الأعمال هي أنها “غير مهتمة بما يراه بشأن الحكومة الموسعة ومشاركة المرأة”.
وأضاف “حكومة الإملاءات الغربية والأمريكية قد ولت”.
وأردف الحكيمي “الغاية من تشكيل طالبان حكومة تصريف أعمال وكونها حكومة مؤقتة، الغاية منها هو كنس 20 سنة من الاحتلال الأجنبي، وهذه مهمة لن يقوم بها إلا وزراء داخل حكومة متجانسة لطي صفحة الاحتلال”.
وقال سلطان بركات مدير مركز دراسات النزاع والعمل الانساني إن حركة طالبان تغيرت كثيرا طوال العقدين الماضيين، والعالم لن يقف مكتوف الأيدي أمام الوضع العام في أفغانستان.
وأضاف أن المنظمات الإغاثية والإنسانية التي عملت في أفغانستان طوال العشرين سنة الماضية لا يمكنها أن توقف علمها، لأن طالبان كانت صريحة وواضحة بخصوص تعاملها مع المنظمات الإنسانية.
واوضح بركات أن تعيين سراج الدين حقاني في حكومة تصريف الأعمال الأفغانية، يمثل تحديا حقيقا من قبل حركة طالبان للمجتمع الدولي، طالما أن حقاني مطلوب دوليا واسمه كان مطروحا خلال مفاوضات الدوحة.
في السياق، قال بيتر غالبريت مساعد الأمين العام للأمم المتحدة في أفغانستان سابقا إن عدم تعاون المجتمع الدولي مع طالبان سيزيد من حجم الهجرة واللجوء نحو دول الجوار، وستعرف المنطقة حالات شبيهة بالأحداث التي وقعت في ليبيا وسوريا اليمن.
وأضاف أن المجاعة التي تضرب أفغانستان حاليا، تُلزم المجتمع الدولي بضرورة تقديم مساعدات غذائية وطبية عاجلة للشعب الأفغاني لا سيما أن هذا البلد ظل طوال 20 سنة الماضية يعيش على المساعدات الأجنبية.
وأكد المسؤول الأممي أن الأمم المتحدة من خلال مكاتبها ومؤسساتها الخاصة مدعوة لتأكيد عملها من أجل استمرارية العمل والتنسيق بين أفغانستان وباقي مكونات المنتظم الدولي.
أما بخصوص تشكيل الحكومة الأفغانية، قال المسؤول الأممي “هذه الحكومة لا تعكس الطابع المختلف والمتعدد للشعب الأفغاني، لأنها أقصت عرقية الهزارة الشيعية التي تمثل 15% من مجموع سكان أفغانستان، وأن عرقية الطاجيك التي تمثل 25% من مجموع السكان لم تمثل داخل الحكومة إلا بوزير”.
واعتبر المسؤول الأمي أن غالبية سكان أفغانستان بعرقيتهم الهزارة والطاجيك والأوزبك الذين يمثلون 50% من سكان البلاد يرون بأن هذه الحكومة لا تمثلهم.
وقال إنها “أنها ليست حكومة جامعة وهي غير قادرة على لم الشمل وتحقيق الاستقرار في جميع الأراضي الأفغانية”.
وشدد على أن الدفع بهده الحجج والأدلة لا يعني بالضرورة تدخلا في الشؤون الداخلية، ولكنها رصد لواقع قائم يصعب نكرانه.