عواصم – دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمس إلى “التحرك سريعا وبفاعلية” لضمان وصول المساعدات “مباشرة” إلى الشعب اللبناني، وذلك في مستهل مؤتمر دولي عبر الفيديو لدعم لبنان بعد خمسة أيام من الانفجار الضخم الذي هز بيروت.
كما حث ماكرون السلطات اللبنانية على “التحرك لتجنيب البلاد الغرق واستجابة التطلعات التي يعبر عنها الشعب اللبناني حاليا بشكل مشروع في شوارع بيروت”، وقال “علينا أن نفعل جميعا ما أمكن لكي لا يهيمن العنف والفوضى” على المشهد في لبنان.
وأضاف ماكرون “لكن اليوم، من يصب هذا الانقسام والفوضى في مصلحتهم، هي القوى التي تريد بطريقة أو بأخرى إلحاق الأذى بالشعب اللبناني”.
وافتتح ماكرون من مقره الصيفي في بريغانسون في جنوب فرنسا هذا المؤتمر الذي تنظمه باريس والأمم المتحدة بشكل مشترك، ويضم عشرات من قادة العالم، بينهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
ويهدف بحسب ماكرون إلى الوقوف “إلى جانب بيروت والشعب اللبناني” الذي “يبكي موتاه ويعبر عن غضبه ويريد النهوض بنفسه” بعد الانفجار الذي دمر مرفأ العاصمة اللبنانية ومناطق منها الثلاثاء الماضي.
وقال “في هذه اللحظات، مستقبل لبنان على المحك”، داعياً من جديد إلى تحقيق “محايد، موثوق به ومستقل في أسباب الكارثة.
وأضاف أن الكارثة “كانت بمثابة صاعقة. لكن حان وقت الاستيقاظ والعمل. على السلطات اللبنانية أن تطبق الآن إصلاحات سياسية واقتصادية يطلبها الشعب اللبناني وهي وحدها ستسمح للمجتمع الدولي بالعمل بشكل فاعل إلى جانب لبنان من أجل الإعمار”.
وشدد الرئيس الفرنسي على ضرورة أن يكون المجتمع الدولي “موحداً” رغم “الظروف الجيوسياسية” المحيطة بلبنان. وقال إنه ينتظر من تركيا، “التي لم تتمكن من الانضمام إلى هذا المؤتمر” وروسيا، أن تقدما دعمهما.
من جهتها اضافت المفوضية الأوروبية 30 مليون يورو إلى مبلغ 33 مليونا أعلنته يوم الجمعة الماضي في سياق المعونات الطارئة المقدمة إلى لبنان، وفق ما قال المفوض يانيس لينارسيك المكلف بالمساعدات الإنسانية.
وقال في بيان “خلال مؤتمر المانحين تعهدت المفوضية الأوروبية بإجمالي 63 مليون يورو، بينها 33 سبق أن أعلنتها (رئيسة المفوضية) اورسولا فون دير لايين”.
وشدد على أن “التمويل الإنساني الجديد للاتحاد الأوروبي سيمر عبر وكالات الأمم المتحدة، منظمات غير حكومية ومنظمات دولية. سيخضع لضوابط صارمة. هذه المساعدة سيستفيد منها الأشخاص الأكثر تضررا بغية تغطية الحاجات الأساسية”.
واضاف “التزمنا دعم اللبنانيين أيضا على المدى البعيد لمساعدتهم على النهوض”.
وأوضح أنّ مبلغ 30 مليون يورو الموعود سيتيح “تلبية الحاجات الأكثر إلحاحا للمتضررين جراء الانفجار.
وفي بيروت أعلن الجيش اللبناني عصر أمس أن الأمل بات ضئيلاً في إمكانية العثور على ناجين في موقع انفجار بيروت حيث تعمل فرق إنقاذ لبنانية وأجنبية في البحث عن عالقين تحت أنقاض المرفأ المدمر.
وقال قائد فوج الهندسة العقيد روجيه خوري في مؤتمر صحفي “من الممكن أن نقول أننا انتهينا من المرحلة الأولى وهي مرحلة إمكانية العثور على أحياء”، مضيفا “كتقنيين نعمل على الأرض، باستطاعتنا القول إن الأمل ضعف في إمكانية العثور على أحياء، ولذلك قررت عدة فرق أن تسحب عناصرها، بعدما اعتبرت أن عملها انتهى” لتركز حاليا على رفع الأنقاض والبحث عن أشلاء الضحايا.
وتوالت أمس الدعوات للعودة إلى الشارع للتظاهر ضد السلطة الحاكمة غداة تظاهرات ضخمة ومواجهات عنيفة بين القوى الأمنية ومحتجين اقتحموا وزارات عدة مطالبين بـ”الانتقام” والمحاسبة بعد انفجار مرفأ بيروت، الذي حول العاصمة إلى مدينة “منكوبة”.
وتأتي الدعوات على وقع تظاهر الآلاف وسط بيروت حاملين شعار “يوم الحساب” ومطالبين بمعاقبة المسؤولين عن الانفجار وبرحيل السلطة الحاكمة وكافة القوى السياسية التي تتحكم بالحياة السياسية في لبنان منذ عقود.
وأمام هول الفاجعة، قدمت وزيرة الإعلام منال عبد الصمد استقالتها من الحكومة لتكون أول عضو في مجلس الوزراء يقدم على تلك الخطوة بعد الانفجار الذي أسفر عن مقتل 158 شخصا وإصابة أكثر من 6000 آخرين.
وقالت في كلمة بثتها وسائل إعلام محلية “بعد هول كارثة بيروت، أتقدم باستقالتي من الحكومة متمنية لوطننا الحبيب لبنان استعادة عافيته في أسرع وقت ممكن”.
وأفادت وسائل إعلام محلية عن توجه عدد من الوزراء للاستقالة، فيما يحاول رئيس الحكومة حسان دياب دعوتهم إلى التريث. وفي حال استقال ثمانية وزراء من أصل 20 يشكلون مجلس الوزراء، فتعتبر الحكومة بحكم المستقيلة.
وقال مصدر حكومي إن دياب اجتمع مع عدد من الوزراء، بينهم وزيرا الاقتصاد والدفاع.
واستقال منذ الأربعاء الماضي ستة نواب من البرلمان، بينهم ممثلو حزب الكتائب الثلاثة، والذين يعارضون السلطة منذ سنوات.
كما دعا البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي أمس الحكومة التي “باتت عاجزة عن النهوض بالبلاد” إلى الاستقالة.
وأفاد مصدر أمني أمس أن “خبراء التفجير الفرنسيين اكتشفوا أن انفجار المرفأ خلف حفرة بعمق 43 متراً”.
وأعلن المعهد الأميركي للجيوفيزياء ومقره ولاية فيرجينيا، أن قوة الانفجار تعادل زلزالاً شدته 3.3 درجة على مقياس ريختر.
وأوقفت السلطات أكثر من عشرين شخصاً على ذمّة التحقيق بينهم مسؤولون في المرفأ والجمارك ومهندسون، على رأسهم رئيس مجلس إدارة المرفأ حسن قريطم ومدير عام الجمارك بدري ضاهر، وفق مصدر أمني.
وأفاد مصدر قضائي أن “النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات كلف قيادة الشرطة العسكرية في الجيش اللبناني استجواب كبار قادة الأجهزة الأمنية في مرفأ بيروت”.
وشهدت التظاهرات خلال اليومين الماضيين وأمس مواجهات عنيفة بين محتجين غاضبين رشقوا عناصر الأمن بالحجارة والمفرقعات، والقوى الأمنية التي استخدمت الغاز المسيل للدموع بكثافة والرصاص المطاطي. وأسفرت المواجهات عن إصابة 65 شخصاً، بينهم مدنيون وعسكريون، جرى نقلهم إلى المستشفيات، وفق حصيلة للصليب الأحمر اللبناني.
واقتحم عشرات المحتجين وزارات عدة بينها الخارجية والاقتصاد والطاقة ومقر جمعية المصارف، قبل أن تخرجهم القوى الأمنية والجيش.
وأعلنت قوى الأمن الداخلي مقتل أحد عناصرها “أثناء مساعدة محتجزين” داخل فندق فخم في وسط بيروت، وقالت إنه تم الاعتداء عليه من قبل “مشاغبين”.
وأفادت لجنة المحامين للدفاع عن المتظاهرين عن توقيف 20 شخصاً، مشيرة إلى تعرض عشرات المتظاهرين “للعنف المفرط”.
وأثار الانفجار تعاطفاً دولياً مع لبنان الذي زاره مسؤولون غربيون وعرب تباعاً وتتدفق المساعدات الخارجية إليه.
ويطالب المتظاهرون حكومة دياب، التي تشكلت بداية العام الحالي من اختصاصيين سمتهم أحزاب سياسية، بالاستقالة، متهمينها بالتقصير والتبعية للأحزاب التي دعمتها وعدم تحقيق الإصلاحات الضرورية للنهوض بالاقتصاد، والتي يضعها المجتمع الدولي شرطا لمساعدة لبنان على الخروج من دوامة الانهيار الاقتصادي.
وعلى وقع التحركات الغاضبة، دعا دياب أول من أمس الى اجراء انتخابات نيابية مبكرة لانتشال البلاد من أزمتها “البنيوية”. وأمهل الأطراف السياسية مدة “شهرين حتى يتفقوا”.-(أ ف ب)
دعوات للتحرك سريعا لإيصال المساعدات إلى لبنان
Source: alghad.com