‘);
}
رثاء أبي ذؤيب الهذلي لأبنائه
قال الشاعر أبو ذؤيب الهذلي في قصيدة أمن المنون وريبها تتوجع في رثاء أبنائه:[١]
أَمِنَ المَنونِ وَريبِها تَتَوَجَّعُ
-
-
- وَالدَهرُ لَيسَ بِمُعتِبٍ مِن يَجزَعُ
-
قالَت أُمَيمَةُ ما لِجِسمِكَ شاحِباً
-
-
- مُنذُ اِبتَذَلتَ وَمِثلُ مالِكَ يَنفَعُ
-
أَم ما لِجَنبِكَ لا يُلائِمُ مَضجَعاً
-
-
- إِلّا أَقَضَّ عَلَيكَ ذاكَ المَضجَعُ
-
فَأَجَبتُها أَن ما لِجِسمِيَ أَنَّهُ
-
-
- أَودى بَنِيَّ مِنَ البِلادِ فَوَدَّعوا
-
أَودى بَنِيَّ وَأَعقَبوني غُصَّةً
-
-
- بَعدَ الرُقادِ وَعَبرَةً لا تُقلِعُ
-
سَبَقوا هَوَىَّ وَأَعنَقوا لِهَواهُمُ
-
-
- فَتُخُرِّموا وَلِكُلِّ جَنبٍ مَصرَعُ
-
‘);
}
فَغَبَرتُ بَعدَهُمُ بِعَيشٍ ناصِبٍ
-
-
- وَإَخالُ أَنّي لاحِقٌ مُستَتبَعُ
-
وَلَقَد حَرِصتُ بِأَن أُدافِعَ عَنهُمُ
-
-
- فَإِذا المَنِيِّةُ أَقبَلَت لا تُدفَعُ
-
وَإِذا المَنِيَّةُ أَنشَبَت أَظفارَها
-
-
- أَلفَيتَ كُلَّ تَميمَةٍ لا تَنفَعُ
-
فَالعَينُ بَعدَهُمُ كَأَنَّ حِداقَها
-
-
- سُمِلَت بشَوكٍ فَهِيَ عورٌ تَدمَعُ
-
حَتّى كَأَنّي لِلحَوادِثِ مَروَةٌ
-
-
- بِصَفا المُشَرَّقِ كُلَّ يَومٍ تُقرَعُ
-
لا بُدَّ مِن تَلَفٍ مُقيمٍ فَاِنتَظِر
-
-
- أَبِأَرضِ قَومِكَ أَم بِأُخرى المَصرَعُ
-
وَلَقَد أَرى أَنَّ البُكاءَ سَفاهَةٌ
-
-
- وَلَسَوفَ يولَعُ بِالبُكا مِن يَفجَعُ
-
وَليَأتِيَنَّ عَلَيكَ يَومٌ مَرَّةً
-
-
- يُبكى عَلَيكَ مُقَنَّعاً لا تَسمَعُ
-
وَتَجَلُّدي لِلشامِتينَ أُريهِمُ
-
-
- أَنّي لَرَيبِ الدَهرِ لا أَتَضَعضَعُ
-
وَالنَفسُ راغِبِةٌ إِذا رَغَّبتَها
-
-
- فَإِذا تُرَدُّ إِلى قَليلٍ تَقنَعُ
-
كَم مِن جَميعِ الشَملِ مُلتَئِمُ الهَوى
-
-
- باتوا بِعَيشٍ ناعِمٍ فَتَصَدَّعوا
-
فَلَئِن بِهِم فَجَعَ الزَمانُ وَرَيبُهُ
-
-
- إِنّي بِأَهلِ مَوَدَّتي لَمُفَجَّعُ
-
وَالدَهرُ لا يَبقى عَلى حَدَثانِهِ
-
-
- في رَأسِ شاهِقَةٍ أَعَزُّ مُمَنَّعُ
-
وَالدَهرُ لا يَبقى عَلى حَدَثانِهِ
-
-
- جَونُ السَراةِ لَهُ جَدائِدُ أَربَعُ
-
صَخِبُ الشَوارِبِ لا يَزالُ كَأَنَّهُ
-
-
- عَبدٌ لِآلِ أَبي رَبيعَةَ مُسبَعُ
-
أَكَلَ الجَميمَ وَطاوَعَتهُ سَمحَجٌ
-
-
- مِثلُ القَناةِ وَأَزعَلَتهُ الأَمرُعُُ
-
بِقَرارِ قيعانٍ سَقاها وابِلٌ
-
-
- واهٍ فَأَثجَمَ بُرهَةً لا يُقلِعُ
-
فَلَبِثنَ حيناً يَعتَلِجنَ بِرَوضَةٍ
-
-
- فَيَجِدُّ حيناً في العِلاجِ وَيَشمَعُ
-
حَتّى إِذا جَزَرَت مِياهُ رُزونِهِ
-
-
- وَبِأَيِّ حينِ مِلاوَةٍ تَتَقَطَّعُ
-
ذَكَرَ الوُرودَ بِها وَشاقى أَمرَهُ
-
-
- شُؤمٌ وَأَقبَلَ حَينُهُ يَتَتَبَّعُ
-
فَاِفتَنَّهُنَّ مِن السَواءِ وَماؤُهُ
-
-
- بِثرٌ وَعانَدَهُ طَريقٌ مَهيَعُ
-
فَكَأَنَّها بِالجِزعِ بَينَ يُنابِعٍ
-
-
- وَأولاتِ ذي العَرجاءِ نَهبٌ مُجمَعُ
-
وَكَأَنَّهُنَّ رَبابَةٌ وَكَأَنَّهُ
-
-
- يَسَرٌ يُفيضُ عَلى القِداحِ وَيَصدَعُ
-
وَكَأَنَّما هُوَ مِدوَسٌ مُتَقَلِّبٌ
-
-
- في الكَفِّ إِلّا أَنَّهُ هُوَ أَضلَعُ
-
فَوَرَدنَ وَالعَيّوقُ مَقعَدَ رابِىءِ الض
-
-
- ضُرَباءِ فَوقَ النَظمِ لا يَتَتَلَّعُ
-
فَشَرَعنَ في حَجَراتِ عَذبٍ بارِدٍ
-
-
- حَصِبِ البِطاحِ تَغيبُ فيهِ الأَكرُعُ
-
فَشَرِبنَ ثُمَّ سَمِعنَ حِسّاً دونَهُ
-
-
- شَرَفُ الحِجابِ وَرَيبَ قَرعٍ يُقرَعُ
-
وَنَميمَةً مِن قانِصٍ مُتَلَبِّبٍ
-
-
- في كَفِّهِ جَشءٌ أَجَشُّ وَأَقطُعُ
-
فَنَكِرنَهُ فَنَفَرنَ وَاِمتَرَسَت بِهِ
-
-
- سَطعاءُ هادِيَةٌ وَهادٍ جُرشُعُ
-
فَرَمى فَأَنفَذَ مِن نَجودٍ عائِطٍ
-
-
- سَهماً فَخَرَّ وَريشُهُ مُتَصَمِّعُ
-
فَبَدا لَهُ أَقرابُ هذا رائِغاً
-
-
- عَجِلاً فَعَيَّثَ في الكِنانَةِ يُرجِعُ
-
فَرَمى فَأَلحَقَ صاعِدِيّاً مِطحَراً
-
-
- بِالكَشحِ فَاِشتَمَّلَت عَلَيهِ الأَضلُعُ
-
فَأَبَدَّهُنَّ حُتوفَهُنَّ فَهارِبٌ
-
-
- بِذَمائِهِ أَو بارِكٌ مُتَجَعجِعُ
-
يَعثُرنَ في حَدِّ الظُباتِ كَأَنَّما
-
-
- كُسِيَت بُرودَ بَني يَزيدَ الأَذرُعُ
-
وَالدَهرُ لا يَبقى عَلى حَدَثانِهِ
-
-
- شَبَبٌ أَفَزَّتهُ الكِلابُ مُرَوَّعُ
-
شَعَفَ الكِلابُ الضارِياتُ فُؤادَهُ
-
-
- فَإِذا يَرى الصُبحَ المُصَدَّقَ يَفزَعُ
-
وَيَعوذُ بِالأَرطى إِذا ما شَفَّهُ
-
-
- قَطرٌ وَراحَتهُ بَلِيلٌ زَعزَعُ
-
يَرمي بِعَينَيهِ الغُيوبَ وَطَرفُهُ
-
-
- مُغضٍ يُصَدِّقُ طَرفُهُ ما يَسمَعُ
-
فَغَدا يُشَرِّقُ مَتنَهُ فَبَدا لَهُ
-
-
- أَولى سَوابِقَها قَريباً توزَعُ
-
فَاِهتاجَ مِن فَزَعٍ وَسَدَّ فُروجَهُ
-
-
- غُبرٌ ضَوارٍ وافِيانِ وَأَجدَعُ
-
يَنهَشنَهُ وَيَذُبُّهُنَّ وَيَحتَمي
-
-
- عَبلُ الشَوى بِالطُرَّتَينِ مُوَلَّعُ
-
فَنَحا لَها بِمُذَلَّقَينِ كَأَنَّما
-
-
- بِهِما مِنَ النَضحِ المُجَدَّحِ أَيدَعُ
-
فَكَأَنَّ سَفّودَينِ لَمّا يُقتَرا
-
-
- عَجِلا لَهُ بِشَواءِ شَربٍ يُنزَعُ
-
فَصَرَعنَهُ تَحتَ الغُبارِ وَجَنبُهُ
-
-
- مُتَتَرِّبٌ وَلِكُلِّ جَنبٍ مَصرَعُ
-
حَتّى إِذا اِرتَدَّت وَأَقصَدَ عُصبَةً
-
-
- مِنها وَقامَ شَريدُها يَتَضَرَّعُ
-
فَبَدا لَهُ رَبُّ الكِلابِ بِكَفِّهِ
-
-
- بيضٌ رِهافٌ ريشُهُنَّ مُقَزَّعُ
-
فَرَمى لِيُنقِذَ فَرَّها فَهَوى لَهُ
-
-
- سَهمٌ فَأَنفَذَ طُرَّتَيهِ المِنزَعُ
-
فَكَبا كَما يَكبو فِنيقٌ تارِزٌ
-
-
- بِالخُبتِ إِلّا أَنَّهُ هُوَ أَبرَعُ
-
وَالدَهرُ لا يَبقى عَلى حَدَثانِهِ
-
-
- مُستَشعِرٌ حَلَقَ الحَديدِ مُقَنَّعُ
-
حَمِيَت عَلَيهِ الدِرعُ حَتّى وَجهُهُ
-
-
- مِن حَرِّها يَومَ الكَريهَةِ أَسفَعُ
-
تَعدو بِهِ خَوصاءُ يَفصِمُ جَريُها
-
-
- حَلَقَ الرِحالَةِ فَهِيَ رِخوٌ تَمزَعُ
-
قَصَرَ الصَبوحَ لَها فَشَرَّجَ لَحمَها
-
-
- بِالنَيِّ فَهِيَ تَثوخُ فيها الإِصبَعُ
-
مُتَفَلِّقٌ أَنساؤُها عَن قانِيٍ
-
-
- كَالقُرطِ صاوٍ غُبرُهُ لا يُرضَعُ
-
الصور الفنية في قصيدة أمن المنون وريبها تتوجع
وردت في القصيدة مجموعة من الصور الفنية التي لا بدّ من الوقوف معها وشرحها وتبسيطها وهي:
- وَالدَهرُ لَيسَ بِمُعتِبٍ مِن يَجزَعُ
جعل الدهر مثل الإنسان الذي يعتب على غيره، حذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه وهو استعارة مكنية.
- وَعَبرَةً لا تُقلِعُ
جعل العبرة مثل الإنسان الذي يقلع عن فعل أمر ما، حذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه وهو استعارة مكنية.
- فَإِذا المَنِيِّةُ أَقبَلَت لا تُدفَعُ
جعل المنية مثل الإنسان الذي يقبل على أمر أو ينتهي عنه، حذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه وهو استعارة مكنية.
الأفكار الرئيسة في قصيدة أمن المنون وريبها تتوجع
وردت في القصيدة مجموعة من الأفكار الرئيسة التي لا بد من الوقوف معها وبيانها وهي:
- الحديث مع أميمة عن مواجع فقد الأبناء.
- ذكر أسباب الألم والفراق الذي يحيط بالشاعر ويجعل من جسده نحيلًا.
- رثاء الأبناء ومحاولة الترفع عن البكاء حيث إنه سفاهة لصاحبه.
- ذكر مناقب أبنائه وصفاتهم الرفيعة.
- صروف الدهر لا يترفع عنها أي إنسان وكل يسير لقدره.
المراجع
- ↑“أمن المنون وريبها تتوجع”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 7/2/2022.