‘);
}

كانت الفصاحة قديماً ولا زالت من أهم الأركان الأساسية لأي ثقافة عربية ، فقد كان الرجل قديماً يثنى عليه لفصاحة لسانه ، حيث أن هذا الأمر دلالة على قدرة الرجل الفائقة على التركيز والتفكير العميق ، كما أنها دلالة على أن هذا الرجل لا يقف عاجزاً أمام أصعب المشاكل التي تواجهه ، وأنه يستطيع السيطرة على جميع الأمور التي يواجهها بفضل حكمته وبراعة لسانه ، الأمر الذي يكون بمثابة ضربة قاضية للشخص الذي يتحداك في موقف ما ، كما أنها تنهي نقاشاً أنت لا تريد أن تكمل فيه ، حيث أن فن الرد يعني إسكات الخص الذي أمامك ، أو إقناعه بالحجة والدليل ، بحيث لا يستطيع أن يقول شيئاً فيما بعد .

كان الناس قديماً يستخدمون هذه الموهبة في المشاركة في علم المناظرات ، وهي عبارة عن تحدي بين اثنين بحيث أن أحدهم لا يستطيع مجاراة الآخر في الكلام ، فيصمت ، كما أن الشرط الأساسي هو أن يستخدم الطرفين ردود قوية ومقنعة، ويجلس الجمهور مستمعاً بمثل هذه المناظرة ، كما أنها كانت تقام على أعلى المستويات ، وكانت تقام في جميع المجالات ، سواء الأدبية أو العلمية ، إضافة إلى ذلك كان يشارك فيها نخبة من أفضل الرجال الذي يمتلكون مثل هذه الميزة والموهبة .

وحملت كتب التاريخ لنا أفضل الأمثلة على مثل هذه المواقف ، ومنها أن نابليون بونابرت سئل يوماً ، عن أن الطباخ أفضل بكثير من الأديب والشاعر ، حيث أن الطباخ يطهو الطعام الذي نستمتع في تناوله أكثر من الاستمتاع الذي نجده في كلام الشعر والأدب ، فكان رد نابليون أن الكلاب تعتقد ذلك أيضاً ، فما كان من الرجل إلا أن صمت ولم يتكلم بكلمة بعد ذلك .