‘);
}
شرح الدعاء
(أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّةِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَذَرَأَ وَبَرَأَ)
الاستعاذة بالله بطلب العَوذ والحماية والاستجارة من -سبحانه وتعالى-،[١] و(كَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّةِ) هي القرآن،[٢] وقد استعاذ بكلمات الله مِن شرور ثلاثة أمور متقاربة هي: ما (خَلَقَ): أي أوجده من العدَم،[٣] و(ذَرَأَ): أي أبدعه على غير مثال، وبثّ وكثّر،[٤] و(بَرَأَ): أي خلقه على غير مثال مِن الحيوان، وقلَّما تستعمل في غير الحيوان.[٥]
(وَمِنْ شَرِّ مَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَعْرُجُ فِيهَا)
دعاء عام يشمل الاستعاذة بالله -سبحانه وتعالى- والتبرؤ من الحول والقوة في دفع ما يمكن أن ينزل من شرور القضاء والقدر الذي فيه ما لا يمكن تحمله من المصائب والابتلاءات، فيشمل الاستعاذة منها ومما حلَّ بالأمم السابقة من عذاب في الدنيا؛ كالصيحة والرجفة والصاعقة والخسف والفيضان والقحط والأوبئة والأمراض والصواعق.[٦]
(وَمِنْ شَرِّ فِتَنِ الليْلِ وَالنَّهَارِ)
يعني أستعيذ بالله من الفتن المختلفة الواقعة في الليل والنهار، وهذا نوع من المجاز البلاغي في اللغة العربية بإضافة المظروف إلى الظرف،[٧] ويحتمل أن يراد به تلك الفتن التي تصيب في الليل والنهار، أو الفتن التي تخلق في الليل والنهار، أو الفتن التي يستعين أهل الفتن عليها بالليل فيستترون بها.[٨]
‘);
}
(وَمِنْ شَرِّ كُلِّ طَارِقٍ إِلاَّ طَارِقاً يَطْرُقُ بِخَيْرٍ)
حوادث القضاء والقدر التي تأتي ليلاً، ولا مانع في اللغة من إطلاق تعبير الطوارق على الحوادث الآتية نهاراً كتعبير بلاغي على سبيل الاتباع،[٩] وقد تأتي المسلم بعض تلك الحوادث العظيمة وهو نائم هانئ في بيته فجأة، فعليه أن يستعيذ بالله من شر الحوادث التي تطرق في الليل على حين غفلة، أما الطارق الذي يَطرق بخير فلا يُستعاذ منه.[١٠]
النص الكامل للدعاء
وُجد نص الحديث في أكثر من موضع في السنة النبوية منها ما يأتي:
- رُوي النص الكامل للدعاء في قصة ذكرها عبد الرحمن بن خنبش التميمي -رضي الله عنه- قال: (جَاءَتِ الشَّيَاطِينُ إِلَى رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- مِنَ الأَوْدِيَةِ، وَتَحَدَّرَتْ عَلَيْهِ مِنَ الجِبَالِ، وَفِيهِمْ شَيْطَان مَعَهُ شُعْلَة مِنْ نَارٍ يُرِيدُ أَنْ يُحْرِقَ بِهَا وَجْهَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَهَبَطَ إِلَيْهِ جِبْرِيلُ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ قُل، قَالَ: مَا أَقُولُ).[١١]
(قَالَ: “قُل أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّةِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَذَرَأَ وَبَرَأَ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَعْرُجُ فِيهَا، وَمِنْ شَرِّ فِتَنِ الليْلِ وَالنَّهَارِ، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ طَارِقٍ إِلاَّ طَارِقاً يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يَا رَحْمَنُ”، قَالَ: فَطَفِئَتْ نَارُهُمْ، وَهَزَمَهُمْ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى).[١١]
- توجد صيغة أخرى للدعاء قريبة من الدعاء الأصلي، وردت في حديث مرسل ذكره أبو العالية قال: إنَّ خَالِدَ بنَ الوَلِيْدِ قَالَ: (يَا رَسُوْلَ اللهِ! إِنَّ كَائِداً مِنَ الجِنِّ يَكِيْدُنِي).[١٢]
(قَالَ: قُلْ: “أَعُوْذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ الَّتِي لاَ يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلاَ فَاجِرٌ مِنْ شَرِّ مَا ذَرَأَ فِي الأَرْضِ، وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا، وَمِنْ شَرِّ مَا يَعْرُجُ فِي السَّمَاءِ، وَمَا يَنْزِلُ مِنْهَا، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ طَارِقٍ إِلاَّ طَارِقاً يَطْرُقُ بِخَيْرٍ، يَا رَحْمَنُ”. فَفَعَلْتُ، فَأَذْهَبَهُ اللهُ عَنِّي).[١٢]
المراجع
- ↑محمد علي السايس، أحكام القرآن، صفحة 9. بتصرّف.
- ↑ابن هبيرة، الإفصاح عن معاني الصحاح، صفحة 160. بتصرّف.
- ↑أحمد مختار عمر، معجم اللغة العربية المعاصرة، صفحة 687. بتصرّف.
- ↑أحمد مختار عمر، معجم اللغة العربية المعاصرة، صفحة 806. بتصرّف.
- ↑ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث والأثر، صفحة 111. بتصرّف.
- ↑ناصر الدين البيضاوي، أنوار التنزيل وأسرار التأويل، صفحة 241. بتصرّف.
- ↑محمد الزرقاني، شرح الزرقاني على الموطأ، صفحة 539. بتصرّف.
- ↑أبو الوليد الباجي]، المنتقى شرح الموطإ، صفحة 271. بتصرّف.
- ↑جلال الدين السيوطي، تنوير الحوالك شرح موطأ مالك، صفحة 234. بتصرّف.
- ↑ عبد الكريم الخضير، شرح الموطأ، صفحة 20. بتصرّف.
- ^أبرواه أحمد بن حنبل، في مسند الإمام أحمد، عن عبد الرحمن التميمي، الصفحة أو الرقم:15859، قال شعيب الأرناؤوط إسناده ضعيف.
- ^أبشمس الدين الذهبي، سير أعلام النبلاء، صفحة 369.