نوضح في هذا المقال شركة العنان ما هي ، تُعد الشركات مظهر من مظاهر الاقتصاد العالمي المعاصر، وهي عبارة عن تشارك طرفين أو أكثر بأموالهما مع اقتسامهما الربح، ويُعد العصر البابلي هو أول العصور التي ظهر فيها مصطلح الشركة، ومنذ القرن الأول الهجري، اهتم علماء الفقه الإسلامي بتوضيح تنظيم الشركات وأنواعها والشروط الواجب توافرها حتى تكون الشراكة صحيحة، والعوامل التي تؤدي إلى بطلانها، وكل ذلك بالاستناد على ما جاء به القرآن الكريم والسُنة النبوية بمشروعية الشركة، فقد قال الله تعالى في سورة ص: “وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ”، وتُعد شركة العنان واحدة من أنواع الشركات في الفقه الإسلامي، والتي نوضح معلومات عنها من خلال السطور التالية على موسوعة.
شركة العنان ما هي
- قبل توضيح ما هي شركة العنان، تجدر الإشارة أولًا إلى أن الشركات في الفقه الإسلامي تنقسم إلى نوعين، النوع الأول هو شركة الأملاك والتي يتفرع منها شركة اختيار وشركة جبر، والنوع الثاني هو شركة العقود، والذي تُعد شركة العنان واحدة من أنواعها.
- والمقصود بشركة العِنان اشتراك رجلان بما يملكان من مال في أحد أنواع التجارة أو في عموم التجارات، ويعملا في تلك الشركة مع بعضهما البعض، ويتقاسما الربح فيما بينهما.
- ولقد أجازت الشريعة الإسلامية هذا النوع من الشركات، وهو من أكثر الأنواع انتشارًا بين الناس، لأن ليس من ضمن شروطها تساوي الشريكين في المال والتصرف، فيمكن أن يزيد أحد الشريكين بماله عن الشريك الآخر، ويمكن لأحدهما تولي مسؤولية الشركة دون الآخر، ولا يُشترط أيضًا تساويهما في الربح، فيتم توزيع الربع وفقًا للطريقة التي اتفقا عليها.
- وفي ذلك تم الاستدلال بحديث أبي هريرة – رضي الله عنه – السابق أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – قال: ((إن الله – تعالى – يقول: أنا ثالث الشريكين ما لم يَخُنْ أحدُهما صاحبَه، فإن خان أحدهما صاحبه، خرجت من بينهما)).
- وفي شركة العنان يكون كل شريك وكيل للآخر في الشراء بالمال الذي عينه، وهو ما يجعل تعيين المال عند العقد أو خلال الشراء شرطًا أساسيًا، لعدم صحة الوكالة بالشراء إلا بمال الموكل، ويشترك الشركاء في الحاصل من التجارة.
- وكانت شركة العنان معروفة منذ القِدم، وبها شارك رسول الله صلى الله عليه وسلم السائب بن شريك، ففي يوم الفتح قال النبي صلى الله عليه وسلم : مرحبا بأخي وشريكي , لا يدارى ولا يماري.
لماذا سميت شركة العنان بهذا الاسم
- سُميت شركة العِنان بهذا الاسم نسبة إلى عنان الفرس، نظرًا لتساوي الرجلان في المال والتصرف، وهما أشبه بالفارسين اللذان يتساوى فرسيهما وتساويا في السير، فيتساوى أيضًا عنانيهما.
- وقيل أن الشركة سُميت بالعنان لاشتقاقها من المعاننة أي المعارضة، فعند قول أن فلان عانن فلانًا، أي أنه عارضه بنفس أفعاله وماله، فيكون كل واحد منهما معارضًا للآخر بأفعاله وما يملك من مال.
شروط صحة شركة العنان
من الشروط الواجب توافرها لصحة شركة العنان ما يلي:
- أن يمتلك كل شريك أهلية التصرف، أي أن يكون بالغًا عاقلًا ليس سفيهًا حرًا رشيدًا، لأن كل شريك يكون وكيلًا عن الآخر في العمل والربح.
- يجب أن يكون عقد الشركة بصيغة ولفظ يوضح إذن وقبول كل شريك في التجارة والتصرفات
- أن يعلم كل شريك نصيبه ومقداره من الربح الذي اكتسبه مع شريكه من تلك الشراكة.
- لا بد من حضور رأس مال الشركة، فلا يجوز عقد شركة بمال غائب أو بدين.
- يجب أن يكون رأس مال الشركة من النقدين الدراهم والدنانير.
- يجب أن يكون مال الشراكة مملوكًا للشركاء، فيكون مالهم أو وكلاء في هذا المال أو أولياء فيه، وبالنسبة للوكلاء يجب الإذن فيه.
- يجب أن يعرف كل شريك مقدار المال الذي تشارك به الشريك الآخر.
- أن يحدد الشركاء جزءًا من الربح بشكل معلوم، مثل الربع أو النصف.
- يُمنع مشاركة المسلم لآخر على غير دينه مثل اليهودي والنصراني، وكل من يبيح الربا ويبيع المحرمات، إلا في حال قيام الشريك المسلم بمنع الشريك الآخر من غير ديانته عن تلك التصرفات.
الخسارة في شركة العنان
- والخسارة في شركة العنان لا تكون إلا بنسبة رأس المال فقط، استنادًا إلى القاعدة التالية: (الربح على ما شرطا، والوضيعة على قدر المالين).
- وتكون الخسارة على قدر المال من كل شريك، أي أن الخسارة تُقسم بين الشركاء بالتساوي.
الفرق بين شركة المفاوضة والعنان
- شركة المفاوضة هي اشتراك اثنان أو أكثر تعاقدًا في عمل ما، على أن يتساوى كل شريك مع الآخر في الدين ورأس المال والتصرف، ويكون كل شريك كفيلًا عن الشريك الآخر في عمليات البيع والشراء الواجبة عليه.
- أي التزام كل شريك بما التزم به الشريك الآخر من حقوق في تجارتهما، وواجبات كل شريك فيهم، وبمعنى آخر، تضامن كل شريك مع الآخر في الحقوق والواجبات الخاصة بتجارتهما.
- وهذا النوع من الشراكة أجازه الحنفية، لأن الوكالة والكفالة فيها جائزتان في حال الانفراد أو الاجتماع مثل شركة العنان، ولأنها وسيلة تحصيل المال.
- بينما أجاز المالكية شركة المفاوضة على أساس آخر، وهو أن يكون لكل شريك فيها حرية التصرف في رأس المال بشكل مستقل، دون الحاجة إلى أخذ رأي الشريك الآخر سواء كان حاضرًا أم غائبًا، وكل شريك ملزم بما فعله الشريك الآخر، وتكون الشركة حسبما ذُكر في العقد من أموال.
- وتتمثل الفروق بين شركة المفاوضة والعنان فيما يلي:
- هناك إجماع على جواز شركة العنان، بينما يوجد اختلاف حول جواز شركة المفاوضة.
- لا تشترط شركة العنان تساوي الشركاء في المال، بينما تشترط المفاوضة المساواة في قدر المال.
- تشترط شركة المفاوضة امتلاك كل شريك أهلية الكفالة، أي يكون حرًا عاقلًا، بينما لا تشترط ذلك العنان، ولكنها تشترط أهلية الوكالة فقط.
- لا تشترط العنان تساوي الشركاء في الربح، عكس المفاوضة التي تضع المساواة في الربح شرطًا أساسيًا.
- تكون المفاوضة في عموم التجارات فقط، بينما لا تشترط ذلك شركة العنان.
- في شركة العنان يكون الشريك مُقيد بإذن شريكه الآخر، عكس شركة المفاوضة التي يتمتع كل شريك فيها بحرية التصرف بشكل مطلق.
الفرق بين شركة العنان والابدان
- المقصود بشركة الأبدان هو اشتراك شريكين أو أكثر في عمل يقومون به بأيديهم مثل الخياطة أو النجارة، ويشترطان عند الشركة تقسيم الربح بينهما.
- ولقد أجاز الحنابلة والحنفية والمالكية هذا النوع من الشراكة، لأن الغرض منها هو الحصول على ربح، فيمكن أن تكون الشراكة بالعمل مثل المال.
- وفي ذلك تم الاستدلال بقول ابن مسعود رضي الله عنه: “اشْتَرَكْتُ أَنَا وَعَمَّارٌ، وَسَعْدٌ، فِيمَا نُصِيبُ يَوْمَ بَدْرٍ، قَالَ: فَجَاءَ سَعْدٌ بِأَسِيرَيْنِ، وَلَمْ أَجِئْ أَنَا وَعَمَّارٌ بِشَيْءٍ.
- وحتى تكون شركة الأبدان جائزة عند المالكية؛ يجب أن يتحد كلًا من الصنعتين والمكان، لأن أي اختلاف في أيًا منهما سيترتب عليه الغرر.
- أما الشافعية فلم يجزوا شركة الأبدان، لأن العقد فيها لا يشتمل على مال، ولأن فيها غرر، فيمكن لأي شريك ألا يعرف هل يكسب أم يخسر، ولتميز كل شريك عن الآخر ببدنه ومجهوده ومنافعه، فيختص بتلك المميزات.
شركة العنان pdf
- لقراءة بحث عن شركة العنان بصيغة PDF اضغط على هذا الرابط.
وإلى هنا نكون قد وصلنا إلى ختام مقالنا والذي أوضحنا من خلاله شركة العنان ما هي، ولماذا سُميت بهذا الاسم، وكيف تكون الخسارة فيها، والفرق بينها وبين شركة المفاوضة وشركة الأبدان، تابعوا المزيد من المقالات على الموسوعة العربية الشاملة.
المراجع
- 1
- 2
- 3