أولًا: تعريف التنمّر الالكتروني
هناك العديد من التعريفات التي تناولت موضوع التنمر الالكتروني منها:
التنمّر الالكتروني هو استغلال الإنترنت والتقنيات المتعلقة به بهدف إيذاء أشخاص آخرين بطريقة متعمّدة ومتكرّرة وعدائية، نظرًا لأنّ هذه الوسيلة أصبحت شائعة في المجتمع خاصة بين فئة الشباب، فقد وضعت تشريعات وحملات توعوية لمكافحتها.
أمّا في المعاجم القانونيّة فإنّ التنمّر الالكتروني يُعرّف بـ:
- أفعال تستخدم تقنيات المعلومات والاتصالات لدعم سلوك متعمّد ومتكرر وعدائي من قبل فرد أو مجموعة والتي تهدف الي إيذاء شخص آخر أو أشخاص آخرين.
- استخدام تقنيات الاتصالات بقصد إيذاء شخص آخر.
- استخدام خدمة الإنترنت وتقنيات الجوال مثل صفحات الويب ومجموعات النقاش وكذلك التراسل الفوري أو الرسائل النصية القصيرة بنيّة إيذاء شخص آخر.
ولقد عرّف المجلس الوطني لمنع الجريمة التنمّر الالكتروني بأنّه عندما يتم استخدام الإنترنت والجوالات أو الأجهزة الأخرى لإرسال أو نشر نص أو صور بقصد إيذاء أو إحراج شخص آخر.
وقد يكون المتنمّر الالكتروني شخصًا يعرفه المستهدف أو شخصًا غريبًا على شبكة الإنترنت، وقد يكون شخص مجهول الهوية وقد يطلب المشاركة من أشخاص آخرين على شبكة الإنترنت والذين لا يعرفون المستهدف، وهو ما يُسمى التكديس الالكتروني.
وفي تعريف آخر للتنمّر الالكتروني فيُمكن القول بأنّهُ يشمل العمل على إيقاع الأذى على الطرف الآخر وذلك باستخدام الأجهزة الالكترونيّة المرتبطة بالأنترنت كاللابتوتب، الأجهزة اللوحيّة، الهواتف النقالة، والمتمثلة في مواقع التواصل الاجتماعي كالأنستغرام، تويتر، السنابشات، والفيسبوك، ومجموعات التواصل كالواتس أب، لاين، والتلجرام، والألعاب الإفتراضيّة الجماعيّة، والبريد الالكتروني، والرسائل النصيّة.
اقرأ أيضاً: تعرّف على الآثار السلبية لشبكة الإنترنت
ثانيًا: مقارنة بين التنمّر الالكتروني والمطاردة الالكترونيّة
لا يقتصر التنمّر الالكتروني على الأطفال فقط، وعلى الرغم من أنّ هذا التصرّف يعرّف بنفس التعريف عندما يرتكبه البالغون إلا أنّ المجموعات العمرية المختلفة تشير إلى هذا الإعتداء بالمطاردة الالكترونية أو التحرش الالكتروني عندما يرتكبه البالغون تجاه بعضهم، تنفذ الأساليب الشائعة المستخدمة من قبل المطاردين الالكترونيين في المنتديات العامة والشبكات الإجتماعية أو مواقع المعلومات على الإنترنت، وتهدف إلى تهديد مرتبة وعمل وسمعة أو سلامة الضحية، وتشمل التصرفات تشجيع الآخرين على مضايقة الضحية ومحاولة التأثير على مشاركته عبر الإنترنت، يحاول العديد من المطاردين الالكترونيين إيذاء ضحيتهم وتأليب الآخرين ضدهم.
قد تتضمّن المطاردة الالكترونية اتّهامات باطلة وترصُّد وتهديد وسرقة الهوية وإتلاف للمعلومات أو للأجهزة وطلب القُصّر لممارسة الجنس أو جمع المعلومات بهدف التحرش، يُمثّل النمط المتكرّر من هذه التصرفات والمضايقات ضد هدف من قبل شخص بالغ تحرش إلكتروني، وعادة ما يُظهر التحرش الالكتروني أنماط مرتبطة بسلوك المتحرش على الإنترنت أو في الحياة، وهناك عواقب قانونية في حالة المطاردة التقليدية أو الالكترونية ويمكن أن يسجن المطارد الالكتروني، وتعتبر المطاردة الالكترونية شكل من أشكال التنمر الالكتروني.
ثالثًا: الفرق بين التنمّر العادي والتنمّر الالكتروني
التنمّر العادي:
- من المُمكن أن يشمل الإيذاء الجسدي كالضرب وسرقة الممتلكات الخاصة.
- حدوده صغيرة، ومن الممكن أن يعرف عنه أفراد قليلون فقط.
- عادةً ما يعرف الضحيّة الشخص الذي قام بالتنمّر عليهِ.
- ينتهي التنمّر العادي بانتهاء فعل التنّمر، وكل ما يبقى منهُ الذكرى، والأثر الذي يتركه على نفسيّة الضحيّة.
- في التنمّر العادي يُفكّر المُتنمّر، ويتأنى، ويُخطط لفعلتهِ في الوقت والمكان المناسبين.
- يُشترط في هذا النوع التكرار وذلك لكي يُعتبر تنمرًا.
- الضحيّة أوّل من يعرف عنهُ عادةً، وذلك لأنّهُ يحصل وجهًا لوجهِ.
التنمّر الالكتروني:
- لا يشمّل التنمّر الالكتروني الإيذاء الجسدي، ولكنّه قد يتطوّر ليؤدي إليهِ.
- لا حدود له، وينتشر بسرعةٍ كبيرة، ويُعرف عند شريحة كبيرة من الناس والمجتمع.
- من النادر أن يعرف الضحيّة الشخص الذي تنمّر عليهِ بشكلٍ شخصي.
- من الصعب جدًا تحديد وقت معين لانتهاء التنمّر، وذلك لأنّ مادة وعناصر التنمّر موجودة في كل مكان على الأنترنت.
- تحدث عملية التنمر الالكتروني بشكل فوري ودون أي تخطيط مسبق، ولا يُفكر الشخص المُتنمّر بالنتائج أو العقبات.
- لا يوجد وقت محدد ولا زمن محدد للتنمر الالكتروني فقد يبدأ في منتصف الليل والضحيّة نائم في منزلهِ.
- قد يعرف الآخرون ويتفاعلون مع التنمّر قبل أن يعرف الضحيّة عنهُ، وعندما يعلم بهِ الضحيّة يكون عليه أن يتعامل مع التنمّر الذي تعرّض لهُ ويواجه الآثار التي ترتبت عليه دفعة واحدة.
- لا يُشترط في التنمر الالكتروني التكرار، وذلك لأنّ عمليّة تنمّر واحدة تنتشر بشكل سريع وعلى مدى واسع، ويحدث فيها تفاعل وتأييد من أشخاص آخرين أيضًا.
رابعًا: أهم أسباب التنمّر الالكتروني
- رغبة الشخص المُتنمّر وشعورهِ الزائد بحب السيطرة والرغبة في التحكّم بالآخرين.
- تعتبر الغيرة من الآخرين ونجاحاتهم أيضًا أحد أهم أسباب انتشار ظاهرة التنمّر الالكتروني.
وهناك عدة أسباب أيضًا تدفع بالشخص المراهق إلى سلوك التنمّر الالكتروني، وهذهِ الأسباب هي:
- طبيعة الشخص المراهق التي تميل عادةً لحب الإثارة وتجربة الأشياء الجديدة، حيث يمنحه التنمّر الالكتروني مساحة سهلة وواسعة لذلك.
- رغبة المراهق بإثبات نفسهِ أمام الآخرين، وبأنّه قد تخطّى مرحلة الطفولة وأصبح شخصًا ناضجًا، وذلك من خلال ترسيخ شعور السيطرة لديه عن طريق القيام ببعض الأمور الخاطئة كأن يُحاول السيطرة على مشاعر الآخرين، وإدخال الخوف والرعب في قلوبهم.
- رغبة المراهق بجذب الإنتباه إليهِ، وأن يكون مصدرًا للإثارة، والتنمر الالكتروني يُساعده في الوصول إلى غايتهِ هذهِ، وذلك لأنّ ما يقوم به على الإنترنت يصل للكثيرين، الذين يعتبرون أنّ ما قام بهِ سابقة وتحتاج لجرأة كبيرة.
خامسًا: نقاط القوّة التي يستند عليها الشخص الذي يتنمّر الكترونيًا
تقول الدراسات النفسيّة بأنّ الشخص المُتنمّر لا يمتلك أي نقاط قوّة في شخصيته، وأنّ كل ما يحتاجه لتحقيق غاياتهِ جهاز موصل بالإنترنت، وإرادة قوية لإيذاء الأشخاص الآخرين.
كما وتقول هذهِ الدراسات بأنّ المُتنمّر يستمد قوّته من الضعف الموجود حوله مثل:
- ضعف الأشخاص الذين يتنمّر عليهم، كوجود أخطاء يعرفها هو عنهم، أو امتلاكه لصور أو فيديو لأشياء وأحداث فاضحة للأشخاص الآخرين.
- قلّة الدعم الذي من الممكن أن يحصل عليهِ الشخص الضحيّة.
- قلّة الأشخاص الذين يدعمون الضحيّة، مع وجود العديد من الاشخاص الذين يتفاعلون مع المُتنمّر وأخبارهِ، عن طريق وضع علامات الإعجاب عليها، ونشرها أيضًا.
- عدم تفهّم الكبار والعائلات لخطورة التنمّر الالكتروني ونتائجه السلبيّة على الشخص الضحية.
- ضعف القوانين التي تتعامل مع موضوع التنمّر، وقدرة المُتنمّر على الإفلات من العقاب.
- استخدام المُتنمّر للعديد من الحسابات الالكترونيّة الوهميّة التي ليس من السهل إثبات شخصيّة أصحابها الحقيقة.
سادسًا: أنواع التنمّر الالكتروني
- استعمال هوية الضحيّة عبر مواقع التواصل الاجتماعي والعمل على تشويهِ الصورة العامة له.
- إرسال صور أو فيديوهات غير أخلاقيّة إلى الشخص المُراد التنمّر عليهِ.
- قيام الشخص المُتنمّر بسرقة حسابات شخصيّة للضحيّة واستعمالها لأهداف غير مقبولة وغير أخلاقيّة، وذلك بغرض التطفّل على خصوصياتهِ وحياته الشخصيّة.
- الإساءة للضحيّة عن طريق التهديد الالكتروني، وانتهاك حياتهِ الشخصيّة كمكان عمله، أو حتّى منزلهِ.
- يكون التنمّر أيضًا عن طريق انتحال الشخصيّة، حيث يقوم المتنمّر بتقمّص شخصية شخص ما، ووهم الآخرين بأنّه هو ذاك الشخص، حيثُ يقوم مثلًا بسرقة الرقم السري لبريدهِ الالكتروني أو لأحد حساباتهِ على مواقع التواصل الإجتماعي أو أن يقوم بأخذ الهاتف الجوال منهُ دون أن ينتبه ليقوم بإرسال رسائل نصيّة مسيئة أو صور غير لا ئقة من حساب الشخص الضحيّة، ليظن الآخرون بأنّهُ هو المرسل.
- وهناك نوع آخر من التنمر الالكتروني يعتمدُ فيهِ الشخص المُتنمّر على عزل الضحيّة وتهميشهِ، كأن يقوم بطردهِ من نشاط ما أومجموعة ما على الإنترنت، أو أن يدعو جميع أصدقائهِ على الفيسبوك باستثناء الشخص الضحيّة، ويوضح لهُ بأنه استثناه لأنّه لا يرغب بوجودهِ في مجموعتهِ لأنهُ ممل وغير مهم على الإطلاق.
سابعًا: الآثار السلبيّة التي يُسبّبها التنمّر الالكتروني
- يتسبب التنمّر الالكتروني في اكتئاب الشخص المتنمّر عليه في حال لم يتلقى المساعدة الفورية.
- صعوبة ثقة الضحيّة بالآخرين والنظر إليهم بعين الشك والخوف وافتقاد الشعور بالأمان.
- في كثير من الأحيان يلجأ الشخص الذي تعرّض للتنمّر إلى الانعزال خصوصًا صغار السن والمراهقين .
- تشتت الذهن وتدني المستوى الدراسي للضحيّة في حال كان طالبًا في المدرسة أو الجامعة.
- الشعور بالخوف والقلق والترقّب لكل شيئ جديد ومزعج.
- التعرّض للعديد من الأمراض الجسديّة والنفسية.
- الإصابة باضطراب في الأكل والنوم.
- قد يصل الشخص المتنمّر عليه الى مرحلة يظن فيها أن إنهاء حياته هو السبيل الوحيد للخلاص من التنمّر الالكتروني حيثُ سُجلت الكثير من الحالات التي قام فيها أشخاص متنمّر عليهم بالانتحار.
ثامنًا: أفعال تدل على أنّ الإنسان يُساند الشخص المُتنمر
في كثيرٍ من الأحيان يتصرّف الإنسان مع المواضيع التي ينشرها المتنمّر على مواقع الإنترنت بشكلٍ خاطئ، فيجعلهُ يُساهم في دعم المتنمّر ومساندتهُ في تحقيق أهدافهُ ولو حتّى دون قد مباشر، كان يقوم مثلًا:
- وضع إعجاب على ما يحمل إساءة للآخرين.
- وضع علامة أو إشارة تدل على أنّك مؤيد لما يحمل الإساءة للضحيّة.
- إعادة إرسال ما يحمل الإساءة لأي شخص آخر كالإخوة أو الأصدقاء.
- أن تكون لا مباليًا حين تكون شاهدًا على حديث بين أشخاص ويبدأ أحدهم بالتنمّر على الآخر.
تاسعًا: طرق التخلّص من مشكلة التنمّر الالكتروني
- التحفّظ على المعلومات والصور الشخصيّة على مواقع التواصل الاجتماعي بعيدًا عن متناول الجميع.
- في حال الوقوع ضحيّة للتنمّر الالكتروني على الشخص أن يتقرّب من عائلتهِ وأن يطلب مساعدتهم بشكلٍ سريع بدلًا من الخوف.
- التعرّف على القوانين التي تشتمل عليها سياسة مواقع التواصل الاجتماعي، والحرص على معرفة الطرق التي يستطيع من خلالها مقاضاة المتنمّر الكترونيًا.
- عدم تنازل الضحيّة عن حقوقهِ أمام الشخص المُتنمّر، وعدم إظهار ضعفهِ وخوفهِ منه، وذلك لكي لايتمادى بهذهِ الإساءات الالكترونيّة.
- قيام الضحيّة بتصوير كل الأعمال التي قام بها المُتنمّر ضدّه ليُرسلها إلى مركز الأمن المختص بمقاضاة المتنمرين لأخذ الإجراءات اللازمة.
اقرأ أيضاً: 5 نصائح للمساعدة في حمايتك عبر الإنترنت وتجنّب اختراقك
هذهِ هي النصائح الأساسيّة التي على كل شخص أن يلتزم بها، وذلك لكي يُساهم في حماية نفسهِ والآخرين من الوقوع ضحيّة التنمّر الالكتروني.
المصادر:
- ما هو التنمر الالكتروني
- تنمر على الإنترنت
- قل لا للتنمّر الالكتروني