عندما أكتشف ذاتي ما الذي سيستجد؟؟

Share your love

 

المشكلة تكمنوالله أعلم- في أننا في جوانب تربيتنا نركزعلى بناء الإنسان المسلم المدعم بالنظريات ولانبني في معظم الأحيان ذلك الإنسانالمسلم الواقعي الذي يستمد من تلك النظريات التي يحملها واقعا مناسبا له يملكأبجديات التعامل معه وإنما نترك له التشتت هنا وهناك بين صراعات يمر بها كإنسانيعيش على ظهر هذه المعمورة وبين إنسان هو بكل فخر صاحب رسالة.

من خلال احتكاكي بكثيرمن الشباب-وهم عماد الأمم- وجدتهم أبعد ما يكونون عن معرفة أنفسهم فكيف بهم يدخلونبحر تغيير الأنفس والآفاق؟؟

مرحلة اكتشاف الذات هيمرحلة خطيرة لأنها ترسم مسار الإنسان في رحلته على هذه الأرضهذه المرحلة تتطلب من الإنسان أن يوقظ نفسه بمعنى أنيتوقف لفترة قد تطول أو تقصر عن مجاراة هذا العالم المضطربلحظات تطلب منه طرح أسئلة معينة علىالنفس:

من أنا ؟؟

ماذا أفعل في هذهالدنيا؟؟

ماذا أعرف عننفسي؟؟

لماذا خلقت؟؟

كيف أريد أسلوب حياتي أهوبعيدا عن الناس أم وسط زحمة هذا العالم أم في عداد حاملي الرسالات؟؟

هذه الأسئلة وغيرهاالكثيرالذي يتفاوت من شخص لآخر- يحمل لناالعديد من الإجابات المريحة التي تضع النقاط على الحروف فينفوسنا!!

إنسان في وسط هذا العالمالصاخب وجد نفسه في غربة لظروف كانت قاهرة-وإن كان الإنسان في معظم الحالات هوالمسؤول عن ظرفه لأنه من صنعه- ، كان يحمل بين جوانبه خلفيات(نظرية) بسيطة عن دينهوعن أصدقائه وعن أهله وعن كل شيء ولكن لاوجود لشيء عن نفسه!!

وجد نفسه يضطرببإضطراب هذا العالم ، وجد نفسه يقع في تحديات خطيرة لولا الله لتفتت شخصيته ، ووجدنفسه يجاري هذا العالم في عبثه.. في وقت ما شاءت العناية الإلهية أن يتوقف ويبتعدعن عجلة الزمان لبعض الوقت وكان هذا هو المفترق الخطير في حياته

وتوقف وتوقف و طالتوقفته ولكن بعد ذلك ولد من جديد أدرك من هو(؟) وأدرك ما دوره وأدرك الكثيروليس كل شيء لأنه لاوجود للكمال هنا-عننفسه وأقول أدرك ولا أقول عرف لأن المعرفة بالشيء لاتولد القيام به كما في حالةالإدراك والاستيعابما الذي حصلهنا؟؟

ما حصل هو معرفة الأناوفك لغز هذه الكينونة الداخلية بكل بساطة

مصطلحات ضخمة أليسكذلك؟؟

ولكنها بسيطة إذاأردنا سبر أغوارها

هي قصة شاب أعرفه حقالمعرفة، ولكنه تحول إلى إنسان أجاد فن التعامل مع نفسه وبالتالي معالآخر…… دعونا ندخل في صميم هذاالشاب……

ولكي نعطي للموضوع بعدا آخرسنترك الشاب يروي لنا رحلة اكتشاف ذاته بنفسه!!

دخلت الجامعة ووجدتنفسي في عالم يدور وأنا لا أدرك دورانه لجهلي ولبساطة فطرتيالخجل يلفني والرعب من المستقبل القادم يضرب طوقا حوليوالمجتمع الذي حولي يفرض نفسه عليلن أقولبأنني كنت كاللقمة السائغة لمن حولي ولكن كنت أنا تلك اللقمة بعينهاجهلي بالتعامل مع الواقع الذي أعيشه كان دائما يؤثر سلباعلى نفسيتيضغطي يرتفع كلما تعرضت لأزمةماثقتي بنفسي بدأت بالتلاشي بعد كل انهيارعصبيكنت أعتبر نفسي حاملا لرسالة ما ولكنكان الواقع المؤلم يمنعني من أداء هذه الرسالة لأنه تفوق علي وأحكم سيطرته علىالموقف وبدأ الاستسلام كرد فعل منطقي…..

في ذاك الوقت كان يتردد علىمسامعي من الداخل صوت قوي يخرج من أعماق غائصة في نفسي وهي تسألني لماذا الاستسلامفقلت لها وماذا تريدين مني أن أفعل تجاه هذا الواقع فقالت اكتشفني!!!

وقفت مدهوشا لهذه الكلمةالتي وقعت على مسامعي وترددت في أصدائي للحظات عديدة ، اكتشف ذاتي؟؟ ما هذاالمصطلح؟؟

بعدها بأيام عزمت علىالبدء، كثير من تصرفات الفرد يكون منشؤها ردات الفعل وغالبا ما تكون هذه الرداتسلبية في اتجاهها ومسيطرة في طرحها إلى حدود تمنع العقل من الرؤية الشاملة للنقطة،وقمت بإصلاح الخلل والبعد عن الردات ولكن ينقصني التوازن الذي سيكون هو الميزانلوزن الأمور وتجنب الإفراط والتفريط. هذه النقطة وهي التوازن حصلت عليها أثناءقراءتي لكتاب في تربية الطفل.كان هذا الكتاب يعتمد على منهاج التوازن للدلالة علىفلسفته، فلقد كان يعرض الموقف ويعطي الحل لهذا الموقف تارة في أقصى اليمين وتارة فيأقصى اليسار وإذ بالحل المتوسط والمتوازن يظهر لوحده في المنتصف. من هذه الفلسفةتعلمت هذا المبدأ وأدركته وبدأت تطبيقه عمليا في كل موقف يواجهني وبالتالي أًصبحخلقا لأن الخلق هو عادة الفعل

كذلك كانت هناك العقدالمتأصلة في النفس من تجارب الماضي وكان لي معها معارك شتى لمحوها، لا يخفى علىالقارئ ما لهذه العقد من عظيم تأثير على تفكير الإنسان ولذلك كان النسيان والتفكيرلأننا نعيش هذه اللحظة وليس الماضي، فالماضي لا يجب أن يكون له ذلك التأثير السلبيعلى عقلية الفرد لأن الماضي وجد لكي يتخذ الإنسان منه العبر والمواعظ لا أن يؤثر فيحياته فينحى بها منحى آخر

هذه النقاط الثلاثةقادتني نحو التفكير الموضوعي وإدراك أساليبه وبالتالي الدخول إلى عالم النفس بكلصدق وواقعية ، أي أن المزيج الذي ظهر من تلك المكونات الثلاثة (طرد ردات الفعل،التوازن، محي العقد)أكسبني قدرة على التعامل بموضوعية مع نفسي. فصارت الحقيقة جليةأمام ناظري عندما أحكم على فعلي الذي قمت به

وهكذا مع قليل منالصداقة مع النفس وكثير من التقوى والصلة بالله والشفافية صرت أستطيع توجيه اللوممباشرة إلى نفسي إن أخطأت دون التحرج من نفسي في ذلك وبالتالي توطدت العلاقة معنفسي مما فتح الباب أمامي في الدخول إلى عالمها الرحب والبدء فياكتشافها……

بداية حاولت التعرفعلى الأمور التي تجعلني متوترا ومكتئبا وكتبتها على الورقة، وبدأت بتفنيد كل منهاعلى حدة ومع المصارحة والحوار الداخلي أمكنني القضاء على المحبطات لأنها من الأمورالصغيرة التي لا يجدر بنا الاهتمام بها لأنها صغائر، هذه النقطة بدأت ألمس تأثيرهاعلى علاقاتي مع رفاقي ، فلم أعد أهتم بتلك القضايا الصغيرة التي تنشأ بين أصحابالجيل الواحد(لنقل الأنداد) مما انعكس إيجابا على علاقاتيالاجتماعية

وهكذا سبرت أغوار نفسيوتعرفت عليها وتوطدت علاقتي مع ربي وفتحت لي آفاق أخرى في الاتصال مه بنيالبشر…………………

هذه القصة أو السيرةالذاتية التي نقلها لنا صاحبها تبين لنا الكثير عن أهمية الاكتشافالذاتي

فكما رأينا أدىالاكتشاف الذاتي إلى علاقة رائعة في شفافيتها مع رب العالمين ومع بني البشر ومعالنفس نفسها في إصلاح أمورها

النقطة التي تلي الاكتشافالذاتي هي مجال العلاقات الاجتماعية وعلاقة العبد مع ربه وعلاقة الإنسان بواقعهومجتمعه:

أولا: العلاقاتالاجتماعية: كما قال صاحبنا فإن التخلص من العقد المتأصلة في نفوسنا سيفتحأمامنا المجالات المتنوعة لعلاقات أرحب مع الآخرفعندما مثلا تضع في ذهنك هذه المقولة(عند تعاملك معالآخرين ، تعامل معهم منطلقا من لحظتك التي تعيشها الآن ! ولا تجلب الماضي البائس)،هذه المقولة لو طبقت من بعض بعض بني البشر لكان الحال مختلفا!!

وعندما نتعامل مع الآخرينبإطار أننا عندما نخدمهم (لا نريد منكم جزاء ولا شكورا) لأن الأجر من عند الله فإنالفارق يظهر كالشمس في وسط النهار، ولكن! مع تطبيق التوازن نجد أننا عندما نتعاملبهذا التجريد سينشأ تعامل جاف في بعض جوانبه باعتبار أننا لا ننتظر الجزاء ، لذلككان لزاما علينا أن نفهم الصورة التالية:

عندما نعطي شخصا ما عطاء مابغض النظر عن ماهية هذا العطاء- ونذر أنفسنا أصحابا للعطاء فإننا بعير قصد نطبقأقصى درجات الأنانية لماذا؟؟

لأنك عندما تعطي وتعطيولاتترك الفرصة للآخر لكي يعطي فإنك تحرمه من العطاء هو الآخر، لأنك عندما تعطيفهذا يدل على وجود مقدار معين من المحبة عندك تجاه الذي تعطيهالآن انقل (الكاميرا) أو المنظور إلى الطرف الآخر وضعنفسك في مكانه، ستجد نفسك آخذا للعطاء ولكنك لا تستطيع أن تعبر للذي يعطيك ذلك الحبالذي يغلف علاقتك به؟؟

شلل نصفي أليسكذلك؟؟؟

تأخذ وتأخذ دون أن تستطيعالتفكير ولو للحظة بالعطاء لكي تعبر لحبيبك عن حبك له، لجهل حبيبك بأبجديات العلاقةالمشتركة بين الإنسان!!!

من هذا المثال الحي الذييفسر الكثير من المشاكل التي تحدث في البيوت بين الزوجين ، تستطيع أن تقدر مالنظرية التوازن من أثر ساحر، كيف؟؟

تملي علينا نظريةالتوازن في هذا الموقف أن نكون أصحاب عطاء وأيضا أصحاب أخذ وذلك لكي نترك الفرصةللإنسان الآخر لكي يعبر عن حبه الإنساني لنا وهي حاجة فطرية فينا نحن البشر لأننابحاجة إلى التعبير عن حبنا للآخر وهذا الحب يتخذ أشكالا عديدة منهاالعطاء……أكتفي بذكر المثالين السابقين لأننيأعتقد بأنهما وضحا الصورة جيدا…………

ثانيا: علاقة العبد معالرحمن الرحيم، بسبب الاكتشاف الذاتي سوف تقوى علاقتك مع الله،كيف؟؟

عندما تطبق نظريةالتوازن في سبر أغوار نفسك ستتعرف على الجوانب الماديفي حياتك ونظيرتها الروحية ، وهنا سوف تبحث عن مدىالاتزان الحاصل فينفسك ، فلا يخفى عليك أخيالقارئ كم سلبتنا روحانيتنا وشفافيتنا مع ربناوأسرنا ومجتمعنا هذه المادية التي نعيشها، ولذلك كانالتوازن لكي يعيد الأمورإلى نصابها ويحفظحالة من الاتزان، لذلك كان حريا بكل واحد منا أن يزود كينونتهالنفسية بجهاز إنذار يعلمه بأي خلل

في ذاك التوازن الذينرتضيه لأنفسنا(وكذلكجعلناكم أمتا وسطالتكونوا شهداء على الناس)………

من ناحية أخرى، عندماأحقق الاكتشاف الذاتي سأصل إلى الأجزاء الناقصةفي علاقتي مع ربي وأبدأ بعملية البناء لكي أنهض ببناءأقوي، بمعنى أنني مثلا قد أجد عندي نقصا في حفظ القرآن الكريم مما يعني بسبب معرفتيبنفسي وعلاقتي الصادقة معها سيكون لزام علي أن أحسن هذا الجانب، أيضا عندما أشعربنقص في عدد مرات الاستغفار اليومية سيكون لزاما علي أن أزيدها لأنني أعلم الداءوبيدي أصبح الدواء ، وكذلك ينطبق الأمر على قيام الليل وقراءة القرآن….هذا من الناحية التعبدية ،، أما من ناحية أخرى،فإنك مثلابعد أن اكتشفت نفسك وجدت أنك تميل يإتجاه العلم في المجال الهندسي مثلا، فلذلك سوفينصب اهتمامك على الإبداع في هذا المجال لأنك صاحب رسالة وفي نيتك أنك تعبد ربالأرباب بسعيك إلى خدمة الإسلام في مجالك هذا ، وهكذا في العديد في الأمورالحياتية…………

ثالثا: ضغط الدم،الذبحة الصدرية، الإحتشاء القلبي ومن ثم الوفاة……

نهاية مأساوية لإنسانالقرن العشرينلماذا؟؟

من أجل نقاش حاد أو منأجل مأزق معين أو من أجل صراع في الشركة بين المدراء أو من أجل………الخ.

هذه هي المأساة ، تخيل عددالعضلات التي تقوم أنت بإرهاقها عندما تنتابك نوبة توتر ، أحصها علىأصابعك:

1.     شد في عضلاتالرقبة.

2.     الصداع

3.     ظهور العقد فيالجبين

4.     تصلب في عضلاتالرقبة

5.     شد في عضلاتالفكين

6.     انحناء الكتفين

7.     شد في العضلاتالخلفية

8.     وجع معدي

9.     بشكل تلقائي يتم جذبالساعدين إلى منطقة البطن مما يؤدي إلى صعوبة في التنفس نتيجة الضغط على الحاجبالحاجز.

لهذه العضلات الحق في أنتشكيك لربها!!!هذا بالطبع غير المشاكلالداخلية كالصداع وخفقان القلب السريع والإسهال وعسر الهضم والإمساك والأرق والتعبوالتفشش بالأكل وضعف الذاكرة وجفاف الفم وعدم القدرة على التركيز والأيدي الباردةوغيرها الكثير ، يا لطيف!!!!

لماذا كل هذاياعبدالله؟؟؟

سيساعدك اكتشافك لذاتكعلى تطوير مقدرتك النفسية على مقاومة التوتر والقلق والاكتئاب

عندما تستوعب وتدركبأنه يجب عليك أن تعيش في حدود يومك فقط! فهذا يعني عدم إشغال نفسك بأمور تريد أنتأن تستبق أحداثها، حاول إسعاد نفسك الآن لا تهتم بشأن البحث الذي سوف تلقيه غدامثلا ، كل ما يجب عليك هو أن تخصص له وقتا معينا وكفى

لكن بتطبيق نظريةالتوازن لا أقول بمنعك عن التفكير بالمستقبل لأنه من حقك التفكير بذلك المجهول ولكنلا تدع الأمر يتجاوز حده ووقتهحاول أنتبتسم الآن..

مثال آخر: لديك ظروف عجيبةتمنعك عن التأقلم معها، تقف وتركض بعيدا أم تشعر نفسك بقوة التحدي وتتحدى الظروف ،وتصنع من الليمون شرابا حلوا(الغزالي)

 التخطيط وإدارة وقتككل ذلك يساعدك على حياة صحية في هذا العالم المضطرب، قم بتحديد أولوياتك وأعطهاسلما من الأفضلية ولا تنسى وجود الكثير من الأمور الغير مهمة، وضعها على الورقة فمعالورقة والقلم يحلو السمر

عندما تصيبك مشكلة ،لا تفكر في المشكلة فقط فكر في المقدمات التي تدركها عن المشكلة وعندما تحيط إحاطةجيدة بهذه المقدمات توكل على الله وابدأ في حل المشكلة انطلاقا من المقدمات التيتعرفها تمام المعرفة فأنت لها يا عنترة

عندئذ ستصل إلىالنتيجة بعد توفيق الله لك……

هذه بعض الأمور التيتفيد في حياتنا اليومية كبشر نعيش على ظهر هذه المعمورة……

وأنا أرى أن تتكامل هذه العلوم الإداريةالنفسية مع مناهج التربية التي يضعها الأخصائيون لكي تعطينا إنسانا صالحا ومصلحاقادرا على التعامل مع واقعه بكل ليونة وديناميكية من منطلق خلفية ثقافيةإسلامية,,,,,,,,

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!