هآرتس

بقلم: جدعون ليفي 9/8/2020

اليمين يدين بالكثير لاحتجاج اليسار. فهو يمنحه الشرعية ويقوم بتبييض اخطائه ويعزز سيطرته ويمنحه شرعية لم تكن له في أي يوم من الايام. هكذا هو الامر عندما تركز حركة الاحتجاج على مصير شخص واحد – فقط ليس بيبي. هي تحول خصمها الحقيقي، اليمين، الى توأمها، تقريبا الى غايتها، الاساس أن يكون بدون بيبي. كل من هو ليس نتنياهو هو حلم، كل من هو ليس نتنياهو هو مخلص. فقط يجب علينا التخلص منه وكل شيء سيكون على ما يرام. هذه مقاربة خطيرة في نهايتها سيتم تخليد حكم اليمين وابقاء ايديولوجيته واحدة ووحيدة وليس غيرها.
الوف بن احسن صياغة هذا الخطر في مقاله أول من أمس. فقد ذكر جميع المحتفلين بالانتصارات قبل اوانها بأنه ايضا عندما سيختفي نتنياهو فإن مؤيديه لن يختفوا. ولكن يجب علينا أن نضيف الى تحذيره أمرا صغيرا: انظروا ما الذي يحدث في هذه الاثناء. الاشمئزاز من نتنياهو يحلل كل ما هو ليس نتنياهو. فجأة تعيين جلعاد اردان وتسيبي حوطوبلي كسفراء هو خسارة للسياسة. “اردان، الذي هو من الوجوه الرسمية جدا في الليكود”، سخر أول أمس يوسي فيرتر في مقال له في “هآرتس”. تشخيص محير. اردان؟ رسمي؟ في ظل غياب طائر مغرد هل يعتبر اردان بلبل؟.
اردان المحرض والكاذب من أم الحيران، والقائد العسكري في الحرب القذرة ضد من ينتقدون اسرائيل في العالم، هل اصبح شخصية رسمية؟ الوزير الذي قام بالافتراء على مواطن بريء بأنه قتل بدون سبب من قبل قوات الشرطة التي كان هو المسؤول عنها (ولم يكلف نفسه عناء الاعتذار عن اقواله)؛ الوزير الذي قاد الاستراتيجية المقرفة على تجريم انتقاد الاحتلال بواسطة ميزانيات ضخمة، آليات ظلامية ووسائل مثيرة للشك، والتي فقط جزء منها كشف عنها حتى اليوم، يعتبر ليس فقط شرعي، بل حتى رجل دولة. اذا كان اردان رجل دولة فمن الذي لا يعتبر رجل دولة؟ وزير يطلق النار بنفسه على مدنيين؟.
كيف تحول خروج سياسية قومية متطرفة الى لندن الى خسارة؟ يكفي أنهما تملقا نتنياهو من اجل تحويلهما الى رموز رسمية.
ايضا جدعون ساعر الذي هو قدوة للكثيرين في اليسار – وسط، أحد السياسيين المتطرفين، العنصريين والاكثر خطرا في اليمين، مؤسس منشأة حولوت، المبادر الى قانون المتسللين ومنظر سياسة الصيد الوحشي ضد طالبي اللجوء، يعتبر شرعيا في نظر المعسكر الذي يدعي بحمل اسم اليسار. ساعر كان يجب أن يكون ملطخا وباطلا في نظر أي شخص لديه ضمير، لكن ليس عندما يقف أمامه الشيطان نتنياهو. الى جانبه كل شيء مسموح، ومقابله الجميع جيدين.
هكذا ايضا نفتالي بينيت، محبوب اليسار الجديد، الذي يصعد في الاستطلاعات. ايضا المعلقة اييلت شكيد، محبوبة اليسار من الأمس، أصبحت في الطريق. ليكونوا قوميون متطرفون وعنصريون، الاصل أنهم ليسوا نتنياهو، اعداء اعدائي هم اصدقائي، لا يهم ماذا يمثلون. هكذا يكون الامر عندما تستعر الكراهية وتعمي.
سيواصلون المس بالمحكمة، مطاردة طالبي اللجوء، تأييد الرأسمالية المتوحشة، التحريض على عرب اسرائيل وترسيخ الابرتهايد. نحن سنغفر لهم كل ذلك. بيبي دمر وبينيت سيبني؛ نتنياهو سمم واردان وساعر وحوطوبلي سيجلبون الأخوة. لتكن هناك خمسون سنة اخرى من الاحتلال ولتستمر سياسة التمييز والاهانة ضد المواطنين العرب ومطاردة طالبي اللجوء، وليواصل الجيش قتل المتظاهرين الفلسطينيين، ولتواصل الشرطة استخدام العنف، وليستمر ذوو الاحتياجات الخاصة بالاكتفاء بالمخصصات البائسة – الاساس ألا يكون هناك نتنياهو.
في نهاية المطاف لن يكون هناك نتنياهو. مشاعر ارتياح، سعادة ورضى ستغمر اليسار والجهاز القضائي والاجهزة الاخرى التي تقع تحت التهديد. فجر يوم جديد سيبزغ في اسرائيل، وعندها سيتم تعيين وريث، شخص يميني تقريبا. والمعسكر المصاب بالدور من نجاحه والمتعب من احتجاجه سيجد نفسه محيد. هكذا يكون الامر عندما تكون العربة فارغة، وعندما لا يطرحون أي بديل. عندها يستطيع ساعر أو بينيت أو أي يميني آخر أن يسن قوانين فيكتور اوربان أو أن يتصرف مثل جئير بولسونارو دون ازعاج. لأن الخطر تلاشى والانتصار تحقق والشيطان لم يعد موجودا.