فيصل الطهاري*: الباحثون عن “البوز” عندهم مركبات نقص ويكونون متجاوزين في الواقع

والآثار النفسية في المحصلة وخيمة، أولا الذوق العام يصاب بنوع من التردي، بحيث يؤثر هذا على حياة الناس في أحاديثهم وتجمعاتهم، بل حتى في نظرتهم للنجاح، بحيث تصبح هذه التفاهة معيارا للنجاح المادي وما يحصده صاحبها من أموال من لا شيء، وهذا بطبيعة الحال يشجع الشباب، بدل أن يدرسوا ويتعلموا ويجدوا ويجتهدوا ويعملوا، يكتشفون أن هناك أبوابا أخرى للوصول إلى الربح السريع للوصول إلى الشهرة وتحقيق الذات، بأسهل الطرق، بل بالكسل وتقديم موضوع  تافه.

فيصل الطهاري*: الباحثون عن “البوز” عندهم مركبات نقص ويكونون متجاوزين في الواقع

هوية بريس – مصطفى الحسناوي 

انتشار البوز التافه “bad buzz” والتسابق نحو الشهرة المزيفة، في نظركم، ماهي أسبابه النفسية، وأيضا ماهي آثاره النفسية على الجمهور؟

بطبيعة الحال أن هذا التسابق واستعداد الناس لنشر المحتوى التافه، يشجع من التافهين، وأقصد بالتافهين، أولئك الذين يصنعون التفاهة ويشجعون غيرهم لصناعتها ونشرها.

فيصل الطهاري*: الباحثون عن "البوز" عندهم مركبات نقص ويكونون متجاوزين في الواقع

وتشجيع المحتوى التافه يتم عن طريق عدد المشاهدات، وعدد المشاهدات أصبح صناعة، تقف وراءها شركات رائدة، ويقف وراءها أيضا الإنسان العادي، ولو من باب الفضول، أو لكي لا يحس أنه متجاوز في المجتمع، وربما حين يدخل للمشاهدة قد يعلق بتعليق ينتقد المحتوى، أو يسب أصحابه ويشتمهم، لكنه في نهاية المطاف ساهم في الترويج لذلك المحتوى الرديء، برفع عدد المشاهدات.

أما عن الأسباب النفسية، فإن أمثال هؤلاء يعيشون في نوع من الفراغ، أو عندهم مركبات نقص، وفي الواقع الذي يعيشونه، يكونون متجاوزين، فيجدون في الفضاءات الافتراضية، قيمة وأهمية لا تعطاهم في الواقع، خاصة حين يرون أناسا يتابعون وآخرون يعلقون أو يتفاعلون…، فيحس أن ربما عنده أمرا مهما، وبالتالي يكون هذا الأمر بمثابة التعويض النفسي.

بالنسبة للأبعاد النفسية للمشاهد الذي يشجع هذه التفاهة، عن قصد أو عن غير قصد، فهو يبرر ذلك بغياب المحتوى الهادف، أو بضعفه وعدم جاذبيته، بشكل لا يستهوي المشاهد، خاصة أن جمهور هذه المقاطع، هو من الفئة الشابة، التي تبحث عن من يخاطبها بلغتها.

والآثار النفسية في المحصلة وخيمة، أولا الذوق العام يصاب بنوع من التردي، بحيث يؤثر هذا على حياة الناس في أحاديثهم وتجمعاتهم، بل حتى في نظرتهم للنجاح، بحيث تصبح هذه التفاهة معيارا للنجاح المادي وما يحصده صاحبها من أموال من لا شيء، وهذا بطبيعة الحال يشجع الشباب، بدل أن يدرسوا ويتعلموا ويجدوا ويجتهدوا ويعملوا، يكتشفون أن هناك أبوابا أخرى للوصول إلى الربح السريع للوصول إلى الشهرة وتحقيق الذات، بأسهل الطرق، بل بالكسل وتقديم موضوع  تافه.

للأسف ليس هناك تشجيعا للمحتوى الهادف، بحيث لا يجد صناعه داعمين أو ممولين، وبالتالي النتائج ستظهر على المدى القصير والمتوسط، وحتى المدى البعيد، وما يمكن أن نحصده كمجتمع، في البنية المجتمعية سنراه بأعيننا وسنؤدي ثمنه غاليا على مستوى المنظومة القيمية وعلى مستوى تعليم أبنائنا.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

* فيصل الطهاري: أخصائي ومعالج نفسي ومقدم برنامج النفس والحياة بالإذاعة الوطنية.

Source: howiyapress.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *