تعقد الولايات المتحدة اجتماعا اليوم الاثنين مع “الشركاء الرئيسيين” لمناقشة الخطوات المقبلة بشأن أفغانستان، وذلك قبل يوم من انسحاب القوات الأميركية، في حين يلتئم مجلس الأمن أيضا لبحث الملف نفسه، وقد كشف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن شروط للاعتراف بحركة طالبان.
وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية أمس الأحد في بيان عن الاجتماع الذي سيبحث “في نهج منسق للأيام والأسابيع المقبلة”، مشيرة إلى أن الاجتماع سيشارك فيه ممثلون عن فرنسا وكندا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة وتركيا وقطر والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي “ناتو” (NATO).
وأشار البيان إلى أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن سيتحدث بعد الاجتماع لتقييم الخطوات الأميركية الأخيرة في أفغانستان.
وفي هذا اليوم يعقد في مقر الأمم المتحدة اجتماع للأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي بشأن الوضع في أفغانستان.
وكان مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان قال إن واشنطن لا تخطط لإبقاء سفارتها في أفغانستان اعتبارا من الأول من سبتمبر/أيلول المقبل، لكنه أشار إلى أن بلاده ستعمل على توفير آليات ووسائل لوجود دبلوماسيين على الأرض.
وأضاف سوليفان أن الجماعات الإرهابية في أفغانستان لا تمتلك قدرات متقدمة لشن هجمات في الخارج خلال الوقت الحالي.
من جانبه أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أمس الأحد أن الوجود الدبلوماسي للولايات المتحدة في أفغانستان بعد 31 أغسطس/آب الجاري سيعتمد على سلوك حركة طالبان في الأسابيع والأشهر المقبلة.
شروط غربية
وفي الأثناء كشف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن بلاده تتطلع لإقامة منطقة آمنة بمطار كابل، ووضع شروطا للاعتراف بحركة طالبان، لكن الحركة ردت بأنه لا حاجة للمنطقة الآمنة، في حين دعت الصين إلى توجيه طالبان بشكل إيجابي.
ودعا الرئيس الفرنسي إلى إقامة المنطقة الآمنة تحت رعاية الأمم المتحدة لمواصلة العمليات الإنسانية في كابل، وأضاف أنه من المقرر عرض مشروع قرار مشترك مع بريطانيا على مجلس الأمن الدولي خلال اجتماعه الطارئ اليوم الاثنين لبحث الوضع في أفغانستان.
كما أشار إلى أهمية القدرة على تنظيم عمليات إنسانية محددة الأهداف لإكمال عمليات الإجلاء التي لم يتم التعامل معها من خلال المطار العسكري في كابل.
وذكر الرئيس الفرنسي في مقابلة مع محطة “تي إف 1” (TF1) أن الذي يسيطر الآن في أفغانستان هو حركة طالبان، وأضاف “إذن علينا أن نجري مباحثات” لكن “ذلك لا يعني اعترافا لأننا طرحنا شروطا”.
ومن الشروط التي طرحها ماكرون “احترام طالبان الحقوق الإنسانية وحماية كل الذين يحق لهم الحصول على لجوء” واعتمادها “الوضوح تجاه كل الحركات الإرهابية” و”احترام كرامة النساء”.
رد الحركة
في المقابل، قال المتحدث باسم المكتب السياسي لحركة طالبان محمد نعيم إن الحرب انتهت في أفغانستان ولا حاجة لإقامة المنطقة الآمنة في مطار كابل، مؤكدا أن الحركة لا تعرف هدف فرنسا وبريطانيا من إقامة هذه المنطقة.
وقال نعيم إن الحركة متمسكة بتسوية الوضع في وادي بنجشير سلميا كما فعلت خلال الأسابيع الماضية في مختلف أرجاء أفغانستان.
وفي تصريحات للجزيرة، أكد نعيم أنه في حال فشل المفاوضات مع أحمد مسعود، فإن طالبان متمسكة بتوحيد أفغانستان.
وتوقع نعيم إعلانَ النظام السياسي المستقبلي لأفغانستان خلال الأيام القليلة المقبلة.
وكان زعيم حركة طالبان الملا هبة الله آخوند زاده وصل أمس الأحد إلى مدينة قندهار (جنوبي أفغانستان) قادما من خارج البلاد، والتقى القيادات السياسية للحركة، وذلك في إطار مشاورات مكثفة من أجل تشكيل حكومة جديدة، في وقت تشترط فيه دول غربية تمكين طالبان المدنيين من الخروج من أفغانستان بعد نهاية الشهر الجاري للتعامل معها.
فقد نقل مراسل الجزيرة عن مصادر في طالبان قولها إن آخوند زاده ونائبه الملا محمد يعقوب يعقدان سلسلة مشاورات في قندهار مع قادة وزعماء القبائل. وأضافت المصادر أن اللقاء بين زعيم طالبان والقيادات السياسية للحركة هو الأول وجها لوجه داخل أفغانستان.
مواقف دولية
وفي سياق المواقف الدولية، قال بيان بريطاني إن رئيس الوزراء بوريس جونسون شدد على أن أي اعتراف بطالبان وأي تعامل معها يجب أن يكونا مشروطين بسماحها بمرور آمن لمن يريدون مغادرة البلاد وباحترامها حقوق الإنسان.
أما روسيا فأكدت على لسان المبعوث الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى أفغانستان زامير كابولوف أنه سيتعين على موسكو بناء علاقات مع الحكومة الجديدة في أفغانستان، مشيرا إلى أنها تسعى لذلك منذ 8 سنوات.
الموقف الصيني
من جهتها ذكرت وزارة الخارجية الصينية أن عضو مجلس الدولة ووزير الخارجية الصيني وانغ يي أبلغ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مكالمة هاتفية أمس الأحد أنه من الضروري أن يتعامل المجتمع الدولي مع حكام حركة طالبان الجدد “ويوجّههم بشكل إيجابي”.
ونقل بيان عن وانغ قوله إنه يتعين على واشنطن العمل مع المجتمع الدولي على تقديم المساعدات الاقتصادية والإنسانية لأفغانستان، ومساعدة النظام الجديد على إدارة المهام الحكومية بشكل طبيعي، والحفاظ على الاستقرار الاجتماعي ووقف تآكل قيمة العملة والحد من ارتفاع تكاليف المعيشة.
وأضاف “مع احترام سيادة أفغانستان، يتعين على الولايات المتحدة القيام بعمل ملموس لمساعدة أفغانستان على محاربة الإرهاب ووقف العنف بدلا من الكيل بمكيالين أو محاربة الإرهاب بشكل انتقائي”، محذرا من أن “الانسحاب المتسرع” من شأنه أن يسمح للجماعات الإرهابية “بإعادة تنظيم صفوفها والعودة بشكل أقوى”.