‘);
}
قصة أصحاب الرس كاملة
أصحاب الرس هم قوم كفروا بالله -تعالى-، فأهلكهم الله بكفرهم ودمرهم تدميراً، وقد ذكرهم الله -تعالى- في القرآن الكريم على سبيل الإجمال؛ ولم يفصل القول في أحوالهم وأخبارهم، وفيما يأتي بيان ذلك.
أصحاب الرس في القرآن الكريم
ولقد ورد ذكر أصحاب الرس في القرآن الكريم مرتين؛ مرة في قوله -تعالى-: (وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا* وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا)،[١] ومرة في قوله -تعالى-: (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ).[٢]
ويظهر من الآيتين الكريمتين أنهم قوم كفروا بالله وكذبوا أنبياءهم؛ بعد أن بينوا لهم طريق الهداية بالمعجزات الواضحات كما قال -تعالى-: (وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ)، فلما كفروا وكذبوا بآيات الله عاقبهم الله عقاباً شديداً، وعذبهم عذاباً أليما بدليل قوله -تعالى-: (وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا)،[١]أي أهلكناهم إهلاكاً شديداً.
‘);
}
ومن هنا يظهر لنا بعد التأمل في الآيات الكريمة التي جاءت بذكرهم أن أصحاب الرس كانوا يعيشون في فترة زمنية قديمة قريبة من عهد أنبياء الله نوح وهود وصالح -عليهم جميعاً الصلاة والسلام-.[٣]
أقوال المفسرين في أصحاب الرس
لقد تعددت آراء المفسرين في تحديد أصحاب الرس، واختلفت اتجاهاتهم كثيراً حتى وصلت الآراء إلى أكثر من عشرة أقوال في تحديدهم، ومن هذه الآراء:[٣]
- قيل أن أصحاب الرس هم قوم نبي الله شعيب -عليه الصلاة والسلام-، وقد حكى هذا القول بعض المفسرين.
- قيل في أصحاب الرس أنهم قوم رسوا نبيهم في بئر
أي ألقوه فيه وقيل ربطوه فيه، وقال هذا القول من الفسرين عكرمة -رحمه الله-.
- قيل إنهم كانوا قوماً يعبدون الأوثان والأصنام في بلاد الشام
وقد نزلوا عند بئر فيها وكانوا كلما ظفروا بأحد من الناس لا يعبد عبادتهم إلا رسوه في البئر وقتلوه، وحكي هذا القول عن الضحاك -رحمه الله-.
- قيل إنهم هم أنفسهم أصحاب قصة سورة يس؛ والتي قال الله فيها: (وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ* اتَّبِعُوا مَن لَّا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ)،[٤] وقد رُوي هذا القول عن الضحاك -رحمه الله-، وهو قول مقاتل والسدي -رحمهم الله-، وهو رواية عن ابن عباس -رضي الله عنه-.
- جاء عن ابن عباس -رضي الله عنه- كذلك رواية أخرى بأنهم أصحاب بئر في أذربيجان
قاموا بقتل نبيهم الذي أرسله الله -تعالى- إليهم وكانت لهم بئر ماؤها عذب جداً، فانتقم الله منهم فجفف هذه البئر وجفت أشجارهم وذهب ماؤهم فماتوا جوعاً وعطشاً.
- قيل إنّ أصحاب الرس هم قوم عاشوا باليمامة وكانت لهم آبار ماء، وهو قول قتادة -رحمه الله-.
- قيل إنّ أصحاب الرس قوم قتلوا نبيهم وأكلوه
وأن نساءهم كانت أول من قام بعمل السحر فعاقبهم الله أشد العقاب، وهو قول الكلبي -رحمه الله-.
- قيل إنّهم قومُ كانوا يعيشون في قرية من قرى ثمود.
- قيل إنّ أصحاب الرس هم أنفسهم أصحاب الأخدود
الذين ذكرهم الله -تعالى- في سورة البروج، في قوله -تعالى-: (قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ*النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ* إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ* وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ). [٥]
- قيل إنّ أصحاب الرس هم قوم أرسل الله لهم نبياً اسمه “حنظلة بن صفوان”؛ بعد أن كفروا وزاد كفرهم ولكنهم كذبوه فأخذهم الله أخذاً شديداً.
مما سبق يتبين لنا أنه لا يمكن الجزم بتحديد هوية أصحاب الرس؛ وذلك لأنه لم يثبت فيهم خبر صحيح في القرآن الكريم، ولا في السنة النبوية الشريفة، وإنما قد ورد ذكرهم مجملاً دون ذكر تفاصيل أخبارهم، وهذا الأمر هو منهج قرآني رشيد؛ حيث فصل القرآن تفصيلاً كبيراً في بعض القصص، وأجمل في قصص أخرى.[٦]
العبرة من قصة أصحاب الرس
إن المتأمل في قصة أصحاب الرس في القرآن الكريم يأخذ منها العديد من الدروس والعبر، ومنها:
- إنّ عاقبة من كذب وكفر بالله هو الخسارة العظيمة في الدنيا والآخرة؛ فقد أهلك الله -تعالى- أصحاب الرس إهلاكاً شديداً بعد أن كفروا بالله.
- الخوف من عذاب الله وقدرته
فإن الله -تعالى- مع عظيم رحمته وكرمه فإنه شديد العقاب.
- إنّ الإيجاز والاختصار في مواضع من القرآن الكريم منهج رباني رشيد
إذ ليس من الحكمة التفصيل دائماً، وقد أورد الله قصة أصحاب الرس مجملة من غير تفصيل وأورد قصة نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام- بالتفصيل.
- الإيمان بالله -تعالى- هو غاية الله من خلقه.
المراجع
- ^أبسورة الفرقان، آية:38-39
- ↑سورة ق، آية:12
- ^أب[عبد الكريم يونس الخطيب]، التفسير القرآني للقرآن، صفحة 25. بتصرّف.
- ↑سورة يس، آية:20-21
- ↑سورة البروج، آية:4-7
- ↑صلاح الخالدي، القرآن ونقض مطاعن الرهبان، صفحة 165.