“كوميسون جديد”.. مجموعة الدول السبع تثير المخاوف بشأن مستقبل تونس

تتواصل دعوات قادة الدول الغربية للرئيس التونسي للعودة إلى المسار الديمقراطي وإنهاء العمل بالتدابير الاستثنائية، في وقت رأى فيه كثيرون أن بيان سفراء مجموعة الدول السبع يُعدّ بمنزلة الإنذار الأخير.
الرئيس التونسي قيس سعيّد أعلن في 25 يوليو/تموز الماضي تجميد عمل البرلمان وإقالة رئيس الحكومة وتولي جميع السلطات (الأوروبية)

تونس – تتواصل دعوات قادة الدول الغربية للرئيس التونسي قيس سعيّد للعودة إلى المسار الديمقراطي وإنهاء العمل بالتدابير الاستثنائية، في وقت رأى فيه كثيرون أن بيان سفراء مجموعة الدول السبع الكبرى يُعدّ بمنزلة الإنذار الأخير.

وبعد يوم واحد من زيارة أدّاها وفد من الكونغرس الأميركي للرئيس التونسي وحثه على العودة للمسار الديمقراطي وإيقاف العمل بالإجراءات الاستثنائية، وجهت مجموعة الدول السبع الكبرى دعوة مشتركة للعودة إلى النظام الدستوري.

وكان الرئيس سعيّد قد أعلن في 25 يوليو/تموز الماضي تجميد عمل البرلمان، وإقالة رئيس الحكومة، وتولي جميع السلطات، في إجراء قسم التونسيين بين مناصر له ومعارض.

ونشرت سفارات أميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان وكندا بيانا مشتركا عبر صفحاتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، حثت فيه على “سرعة العودة إلى نظام دستوري يضطلع فيه برلمان منتخب بدور بارز”.

وشددوا على “الحاجة الماسّة إلى تعيين رئيس حكومة جديد حتى يتسنّى تشكيل حكومة مقتدرة تستطيع معالجة الأزمات الحالية التي تواجه تونس على الصعيد الاقتصادي والصحي”.

 

القرار الوطني

وفي قراءة لمضمون البيان، يقول المستشار لدى المنظمات الدولية رامي الصالحي للجزيرة نت إن صدوره بصيغة مشتركة وبلهجة حادّة يؤكد حالة القلق التي تعتري قادة هذه الدول.

وأشار إلى أن استمرار حالة الغموض السياسي منذ الإجراءات التي اتخذها الرئيس التونسي في 25 يوليو/تموز الماضي أسهم في رفع منسوب الحيرة لدى هاته الدول التي تدعم تونس في السوق المالية العالمية.

ولم يُخف الصالحي مخاوفه من أن يكون هذا البيان المشترك بمنزلة “كومسيون مالي” جديد لتونس، شبيه بما عاشته سنة 1869 حين باتت عاجزة عن سداد ديونها للدول الغربية، وهو ما قد يضطرها مجددا إلى التخلي عن جزء من قرارها الوطني والخضوع لإملاءات الدائنين، حسب تعبيره.

وعبّر الخبير لدى المنظمات الدولية عن قلقه من مواصلة الرئيس التونسي إقصاء كل الفاعلين المحليين واستعداءهم، سواء أكانوا أحزابا ومنظمات أم هيئات دستورية، وهو ما يعمق -حسب وصفه- حالة الغموض المتعلقة بمستقبل البلاد.

 

 

وأثار بيان سفراء مجموعة الدول السبع جدلا داخليا، حيث عبرت نقابة السلك الدبلوماسي عن استغرابها طريقة كتابة هذا البيان، معتبرة أن أسلوبه لا يتماشى مع الأعراف الدبلوماسية.

ودعت النقابة سلطة الإشراف على المرفق الدبلوماسي إلى ضرورة لفت نظر الجهات الدبلوماسية المعنية لتعديل بيانها في ما يخص الصفة الكاملة للرئيس التونسي.

تراجع اللهجة الدبلوماسية

وفي حديثه للجزيرة نت، يرى الباحث في العلوم السياسية أيمن البوغانمي أن بيان الدول السبع حمل “لهجة إنذارية” تراجعت فيها الشحنة الدبلوماسية المعهودة، مقابل صعود وتيرة الوضوح في المواقف.

ولفت الباحث إلى أن مردّ هذا الخطاب الجديد قد يكون نتيجة شعور لدى هذه الأطراف الغربية بأن الرئيس التونسي لا يفهم ولا يريد أن يستوعب الرسالة الموجهة له، وفق تقديره.

وشدد البوغانمي على أن هذه الدول الديمقراطية لا تفهم مراكمة السلطات في يد شخص واحد، لذلك كان تركيزها في البيان المشترك على فكرة جوهرية هي العودة إلى طريق الديمقراطية، من استئناف عمل البرلمان وتعيين رئيس حكومة.

من جانبه، ذهب الباحث في القانون الدستوري رابح الخرايفي إلى القول إن ما تضمنه بيان الدول السبع يمثل “شهادة وفاة النظامين السياسي والدستوري في تونس”، وإنه حمل تأييدا واضحا للإجراءات التي اتخذها الرئيس يوم 25 يوليو/تموز الماضي.

ولفت الباحث في تدوينة عبر صفحته على فيسبوك إلى أن البيان لم يحث الرئيس على العودة إلى النظام الدستوري الحالي، وإنما إلى نظام دستوري جديد يحقق مطالب الشعب التونسي.

وأشار في السياق ذاته إلى أن مضمون البيان لم يتحدث عن العودة إلى البرلمان المنتخب الحالي، وإنما إلى مجلس منتخب، وذلك يعني إعلان وفاة هذا البرلمان، حسب وصفه.

على صعيد متصل، يرى أستاذ الاقتصاد رضا الشكندالي أن بيان مجموعة الدول السبع لم يكن مفاجئا، إذ سبقته مواقف وخطابات سواء في سياق العلاقة بالموقف الأميركي أو في تقارير المؤسسات المالية الدولية ومؤسسات التصنيف السيادي.

وشدد شكندالي في تصريح للجزيرة نت على أن جميع هذه الأطراف ركزت على دعوة موحدة بضرورة عودة تونس للمسار الديمقراطي، محذّرا بالمقابل من أن استمرار الوضع الحالي سيجعل تونس تدفع ثمنه غاليا اقتصاديا في علاقتها بشركائها الأساسيين في أوروبا وأميركا.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *