كيف تتعلم وتتقن أي مهارة تريدها باستخدام حلقات التغذية الراجعة؟

الفارق بين المتعلم السريع والمتعلم البطيء ليس موهبة فطرية وطبيعية، إلَّا أنَّ ذلك يرجع إلى كون المتعلم السريع يفهم كيف يتعلم، ولديه طريقة منهجية يطبقها طوال الوقت لتعلم مجموعة متنوعة من الأشياء؛ فهو يعرف كيفية استخدام حلقة التغذية الراجعة بفاعلية لتسريع عملية التعلم لديه.

Share your love

إنَّه لمن المؤكد أنَّك تأمل إتقان الأشياء الجديدة وتعلمها بسرعة، فكيف السبيل إلى ذلك؟

إنَّ الأمر قد يستغرق أياماً وشهوراً وحتى سنوات قبل التمكن تماماً من إتقان مهارة ما؛ فهذه هي الكيفية التي يجري بها التعلم بكل بساطة: أنت تحاول، وتكتسب الخبرة وتتعلم منها، وتحاول مرة أخرى، وتتحسن في كل مرة عن سابقتها، ثمَّ تحرز تقدماً؛ وفي كل مرة تكرر فيها عملية التعلم هذه، تمر بشيء يُسمَّى حلقة التغذية الراجعة. سيتوجب عليك المرور بالكثير من حلقات التغذية الراجعة قبل إتقان أي مهارة إتقاناً تاماً.

الفارق بين المتعلم السريع والمتعلم البطيء ليس موهبة فطرية وطبيعية، إلَّا أنَّ ذلك يرجع إلى كون المتعلم السريع يفهم كيف يتعلم، ولديه طريقة منهجية يطبقها طوال الوقت لتعلم مجموعة متنوعة من الأشياء؛ فهو يعرف كيفية استخدام حلقة التغذية الراجعة بفاعلية لتسريع عملية التعلم لديه.

ما هي حلقة التغذية الراجعة؟

عندما نتحدث عن التغذية الراجعة، فيعني هذا ببساطة الحصول على معلومات حول مستوى أدائك الجيد في كل مرة تحاول فيها ممارسة مهارة أو تطبيقها، فالتغذية الراجعة هي ما يخبرك بالخطأ أو ما الذي حدث بصورة صحيحة.

تتكون حلقة التغذية الراجعة من ثلاث مراحل:

  1. الممارسة/ التطبيق: هذه هي المرحلة التي تضع فيها ما تريد تعلمه في موضع التنفيذ.
  2. القياس: هذه هي المرحلة التي تحصل فيها على معلومات حول أدائك، وهذه أيضاً المرحلة التي يتم تجاهلها غالباً.
  3. التعلم: هذه هي المرحلة التي تحلل فيها مدى جودة أدائك، وتجري فيها تعديلات لتحسين الممارسة مرة أخرى.

إنَّه لمن الهام التعرف على هذه المراحل الثلاث استخدامها كلَّما مارستَ مهارة جديدة؛ حيث يكمل الكثير من الناس المرحلة الأولى، ويتركون المرحلة الثانية غير واضحة المعالم أو غامضة للغاية، مما يؤدي إلى نتائج سيئة في المرحلة الثالثة؛ وكلما أكملت دورة سلسة وجيدة، تمكنت من إجراء تحسينات مستمرة على كل حلقة، ممَّا يؤدي إلى تقدم ثابت يرفع مستوى فهمك لكل مهارة.

كيف تحصل على تغذية راجعة فعالة؟

للتأكد من أنَّ حلقة التغذية الراجعة فعالة، عليك أن تنظر في ثلاث عوامل رئيسة: الاتساق، والسرعة، والدقة.

1. الاتّساق:

يعني الاتساق وجود طريقة منتظمة للحصول على نتائج بجودة التغذية الراجعة نفسها، إذ يجب أن تكون قادراً على مقارنة كل ممارسة أو تجربة تعليمية تقوم بها مع التغذية الراجعة التي حصلت عليها من أجل القياس والتعلم وإجراء التعديلات؛ وإذا كانت التغذية الراجعة غير متسقة، ستجد صعوبة في معرفة ما حدث بطريقة صحيحة.

على سبيل المثال: لنفترض أنَّك تتعلم العزف على الجيتار؛ فإذا كنت تعزف أغنية مختلفة في كل مرة تتدرب فيها، ستحصل على تغذية راجعة غير متسقة للغاية؛ ونظراً إلى اختلاف صعوبة كل أغنية وإيقاعها ووتيرتها، فلن يكون لديك طريقة موثوقة لمقارنة مدى جودة عزفك الأغنية الحالية بالأغنية السابقة؛ لذا فإنَّ أفضل طريقة للتعلم هي عزف الأغنية نفسها مراراً وتكراراً حتى تصل إلى مستوى معين من الكفاءة.

قد يبدو الأمر واضحاً في هذه الحالة، إلَّا أنَّه مجرد مثال؛ فقد تكون عملية التعلم في الكثير من الأوقات صعبة لكوننا لا نركز على الحفاظ على البيئة أو الإجراءات المتسقة.

شاهد بالفديو: 13 طريقة لتطوير التعلم الذاتي والتعلم بسرعة

[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”200″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/qKTod1hQ7DY?rel=0&hd=0″]

2. السرعة:

إنَّه لمن الهام الحصول على تغذية راجعة سريعة؛ فكلما طال وقت حصولك على التغذية الراجعة، استغرقت وقتاً أطول في تحسين المهارة؛ وهذا هو السبب في أنَّ بعض الناس يحرزون تقدماً بطيئاً للغاية رغم قضائهم وقتاً طويلاً في التدرب والممارسة.

من ناحية أخرى، فإنَّ أفضل أشكال التغذية الراجعة تكون فورية، فكلما قصُرَ الوقت الذي تستغرقه حلقة التغذية الراجعة لتكتمل، كان ذلك أفضل؛ ذلك لأنَّه سيكون لديك مزيد من المحاولات والتحسينات في النطاق الزمني نفسه؛ لذا فإنَّ مفتاح الحصول على تغذية راجعة سريعة هو أن تأخذ المهارة أو المعرفة وتحللها، فحاول تقسيم المهارة إلى مكونات مختلفة، وقسِّمها إلى خطوات أو مهارات فرعية أو عمليات أو حتى إلى عقبات.

على سبيل المثال: إذا كانت المهارة التي تريد تعلمها تتضمن خطوات متسلسلة، فيمكنك تقسيم تعلمك حسب كل خطوة؛ فمثلاً: أنشئ حلقة تغذية راجعة لكل خطوة على حدة بدلاً من العملية بأكملها، واعزل العمليات إلى أجزاء مختلفة يمكنك التركيز والعمل عليها بصورة فردية.

لنفترض أنَّك تتعلم الطبخ؛ يمكنك تقسيم هذه المهارة إلى خطوات، مثل البحث عن المكونات الطازجة والمناسبة، وإعداد المكونات وتحضيرها، وتحضير التوابل والصلصات، وتقديم الطعام والأطباق، وغيرها.

أو لنفترض أنَّك ترغب في تعلم كيفية لعب كرة القدم؛ يمكنك تحديد المهارات الفرعية التي تشكل تقنيات التعلم الأكبر للعب كرة القدم، وإنشاء حلقات تغذية راجعة لكلٍّ منها على حدة؛ لذا، يمكنك البدء بتعلم كيفية المناورة بالكرة متبوعاً بالتمرير، ثم التسديد.

3. الدقة:

يشكِّل الحصول على تغذية راجعة دقيقة نقطة ضعف شائعة للعديد من المتعلمين؛ ذلك لأنَّه من السهل دائماً تحديد معنى الدقة؛ وللحصول على تغذية راجعة دقيقة، يجب أن يكون لديك مقياس للدقة.

إنَّ السبب الكامن وراء حصولنا أحياناً على تغذية راجعة سيئة هو محاولة قياس تقدمنا دون تحديد مستوى أدائنا، أو استخدامنا مقاييس خاطئة في تقييم التغذية الراجعة التي نتلقاها؛ والأسوأ من ذلك هو عدم قياس أدائك أو تقييمه على الإطلاق؛ فهل سبق وحدث ذلك معك؟

للحصول على فرص أكبر في التحسين، عليك أن تكون قادراً على مقارنة أدائك الحالي بأدائك السابق؛ يعني هذا أنَّ لديك أساس أو شيء ما يمكنك القياس على أساسه للبحث عن فرصة لإجراء تحسينات.

إنَّ القياس الكمي هو طريقة لقياس أدائك بدقة، ويعني ربط هذا الأمر برقم، ممَّا يعني إضفاء الموضوعية والاتساق عند مقارنة هذا الأمر مع أمر آخر؛ حيث يمكن أن يمنحك قياس التغذية الراجعة معلومات بنَّاءة من شأنها أن تساعدك على التحسين خلال كل دورة من حلقة التغذية الراجعة.

لنفترض أنَّك تتدرب على كيفية المراوغة في مباريات كرة السلة؛ في المرة الأولى التي تقوم فيها بذلك، يخبرك مدربك أنَّك تقوم بعمل جيد؛ وفي الجولة الثانية، تتحسن، ويؤكد لك مدربك بالقول أنَّك قمت بعمل رائع.

بالتأكيد، لقد تحسنت مهارة المراوغة لديك، ويعرف الجميع ذلك؛ ولكن إلى أي مدى؟ وكيف يمكنك تحسين مهاراتك في المراوغة؟ لا تشير الوظيفة الجيدة مقابل الوظيفة الرائعة إلى مدى جودة أدائك ومقدار الأداء الأفضل.

ولكن الآن في السيناريو الثاني، عندما تتمكن من تنطيط كرة السلة من بداية إلى نهاية الملعب 4 مرات متواصلة دون ترك الكرة تفلت، يخبرك مدربك أنَّك قمت بعمل جيد؛ وفي الجولة الثانية، يخبرك مدربك الآن أن تنطط كرة السلة من بداية إلى نهاية الملعب 8 مرات متواصلة دون أن تترك الكرة تخرج عن سيطرتك، وعندما تتمكن من القيام بذلك ويخبرك مدربك بعمل رائع؛ يمكنك الآن قياس تحسنك من خلال عدد المرات التي تمكنت فيها من تنطيط كرة السلة عبر الملعب.

مع وجود كمية محددة مرتبطة بأدائك، يمكنك الآن تحقيق تقدم أكبر من خلال تعلم المراوغة 16 مرة أو أكثر عبر ملعب كرة السلة، ويمكنك حتى إضافة عقبات جديدة مثل الاضطرار للمراوغة عبر الملعب مع خصم يحاول انتزاع كرة السلة خاصتك؛ وإذا كنت ناجحاً، يمكنك تجربة المراوغة عبر الملعب مع اثنين من الخصوم ينتزعون كرة السلة، وهكذا دواليك؛ حتى تصبح قادراً على تحديد التحسينات التي يمكنك القيام بها.

تحسين حلقة التغذية الراجعة:

الآن، وبعد أن أصبحت حلقة التغذية الراجعة مألوفة بالنسبة إليك، هل أنت مستعد لوضعها موضع التنفيذ؟ ما هي المهارة الجديدة التي تود البدء بتعلمها؟

نفِّذ كل مرحلة من مراحل حلقة التغذية الراجعة في أثناء تعلم هذه المهارة الجديدة، وقارن بنفسك ما إذا كان تعلمك يتحسن بمعدل أسرع؛ إذ إنَّ تحسين حلقة التغذية الراجعة باستمرار ضروري للحفاظ على حماستك، وتجنب الوقوع في فخ قانون الإنتاجية المتناقصة؛ ويعني تحسين حلقة التغذية الراجعة خاصتك معرفة ما يجب قياسه بعد ذلك والأسئلة التي يجب طرحها لمعرفة الإجابة.

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!