كيف تصل إلى السعادة؟

نحن جميعاً سمعنا بالمقولة القائلة: إنَّ المال لا يشتري السعادة، ولكن ماذا إذا كان في إمكانه فعل ذلك؟ أو على الأقل جزءاً صغيراً جداً من هذه السعادة؟ لنفكِّر في الأمر بالطريقة التالية: دعنا نخمِّن أنَّه لديك القليل من المال الإضافي، ماذا يمكنك أن تفعل به ليكون له التأثير الأكبر في حياتك اليومية؟

الجيد في الأمر أنَّه يمكن للمال حقاً أن يجعل الحياة أفضل، أما الجانب السلبي في ذلك فهو أنَّنا لا نأخذ رأي علم النفس البشري في الحسبان عندما نتَّخذ قراراتنا المالية، ومع ذلك، عليك معرفة كيفية إنفاقه إنفاقاً استراتيجياً، لتستطيع العيش برفاهية مع القليل من المال.

أوجدت أبحاث عن السعادة مراراً وتكراراً أنَّنا نعتاد سريعاً على الأشياء، في حين قلَّلت بعض الأبحاث الحديثة من شأن دراسة كلاسيكية تقول إنَّ الفائزين باليانصيب لم يشعروا بسعادة أكبر بعد سنوات قليلة من الفوز، إلا أنَّه لا تزال دراسات أخرى تدعم فكرة أنَّ تحديد نقطة السعادة وراثية نوعاً ما، ويطلق علماء النفس وأخصائيون اقتصاديون على هذه النزعة اسم “تكيُّف المتعة” (hedonic treadmill)، فالفكرة أنَّنا نطارد متعة امتلاك الأشياء الجديدة باستمرار، فإذا كنت لا تخرج أبداً لتناول الطعام، ستعتقد أنَّ تناول وجبة في المطعم تجربة رائعة، بينما لو كنت تخرج أسبوعياً، فلن تنتابك الإثارة ذاتها.

ولأنَّنا نعتاد على الأشياء، من الصعب الحصول على السعادة بشراء الأشياء ذات القيمة العالية، فأنتَ ستبتسم وتشعر بالسعادة عند شرائك لسيارةٍ باهظة الثمن، ولكنَّها لا تزال السيارة نفسها بعد ستة أشهرٍ، وبحلول ذلك الوقت سيكون التجديد – وما يرافقه من فرح – قد تلاشى، وبما أنَّك لا تستطيع تماماً أن تشتري سيارة جديدة كلما احتجت إلى حافز، فمن المحتمل ألا يكون هو الهدف الأكثر تأثيراً، من ناحية السعادة.

أُجرِي بحث تضمَّن عدداً من التجارب في عام 2010، خلص الباحثون فيه إلى ما يلي: “طالما أنَّ نمو المال محدود كونه لا ينمو على الأشجار، فربما يكون من الأفضل تخصيص مواردنا المالية الزائدة لشراء الأشياء المحبَّبة لنا باستمرار بدلاً من أن نشتري أشياء أكثر روعة وبمراتٍ أقل”، وفي الواقع، فقد لاحظوا أنَّ: “السعادة ترتبط ارتباطاً قوياً، في مجالات مختلفة، بالتكرار أكثر من عمق التجارب الإيجابية المؤثرة بالناس”.

اذاً كيف يمكننا أن ندعم سعادتنا عبر الأشياء الصغيرة والجميلة؟ إنَّ واحدة من أفضل الطرائق لوضع هذه الفلسفة موضع التنفيذ هي البحث عن طرائق لرفع مستوى الأشياء أو التجارب اليومية.

أولاً، التفكير فيما تفعله معظم الأيام؛ انظر إلى جدولك الزمني، ونظِّم قائمة بالأشياء الدائمة، فنحن مخلوقات نعيش على العادات إلى حدٍ كبير: نستيقظ ونستحم بالطريقة نفسها كل يوم، ونرتدي ملابس متشابهة، ونستخدم أدوات العمل نفسها، ونأكل أطعمة متشابهة، ونقوم بالأعمال المنزلية نفسها.

عندما تنظر إلى هذه القائمة، فكِّر فيما إذا كان من الممكن تعزيز أي من هذه الأنشطة عبر إنفاق مبلغ صغير إضافي من المال، على سبيل المثال، إنَّ شراء علبة شامبو فاخرة بدلاً من أخرى رخيصة يمكن أن يجعل تجربة الاستحمام ممتعة للغاية، فلنفترض أنَّ علبة الشامبو تدوم لثلاثة أشهر، لن تضطر بذلك إلى إنفاق الكثير كل شهر، وقد يكون لديك هذا المال في دروج عشوائية منتشرة في منزلك.

أو إليك مثالاً آخر: هل تعد قهوتك بنفسك؟ إذاً اشترِ أفضل قهوة تُباع في متجر البقالة القريب منك، فالمال الذي ستدفعه في اليوم لقاء ذلك لن يتجاوز بضعة سنتات إضافية، ولا يزال أرخص بكثير من قهوة المقاهي، ولكنَّ كوباً من القهوة اللذيذة في صباحٍ غائم لا يُقدَّر بثمن، كما يمكنك أن تعثر على كوب يجعلك تشعر بالراحة وهو في يدك، فليس عليك استخدام الكوب الذي حصلت عليه مجاناً في إحدى المؤتمرات؛ وعندما يحين الوقت لغسل ذلك الكوب الجميل، اعلم أنَّ صابونة غسل الأطباق الراقية المعطرة يمكن أن تجعل غسل الأطباق تجربة ممتعة أكثر من كونه عملا منزلياً فقط.

يمكن أن نحسِّن من الأنشطة الترفيهية اليومية التي نمارسها أيضاً، فنحن غالباً ما نمضي وقتنا في تصفُّح شبكة الإنترنت كونه لا يوجد ما هو أكثر أهمية للقيام به؛ لذا بدِّل ذلك النشاط بكتاب تحب أن تقرأه، أو تحدَّ نفسك لحل لغزٍ ما، أو في إمكانك تحميل ذلك الفيلم الذي طالما كنت تتوق لمشاهدته.

إذا كنت ميالاً لشراء الأفضل من كل شيء، عندها لن تختبر سعادة كبيرة عند شراء أي شيء جديد، ولكن إذا كنت من النوع المُقتَصِد؛ فهذا يعني أنَّك لست مسرِفاً؛ لذا فإنَّ تخصيص بعض المال شهرياً لرفع مستوى الحياة اليومية يجلب الكثير من السعادة.

المصدر

Source: Annajah.net

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *