كيف تغير وجه القاهرة في زمن كورونا؟

ترى كيف غير فيروس كورونا الحياة في القاهرة.

Share your love

القاهرة

القاهرة

طائرات ورقية ملونة تسبح في سماء القاهرة الصافية قرب الغروب … مشهد آسر كاد أن ينمحي من ذاكرتي .. ها هو يرسم نفسه من جديد أمام نافذتي مثل شريط سينمائي.

كانت الطائرات الورقية رفيقة ساعات لهو طفولتنا على سطح منزل جدي في حي العباسية العريق، أهز رأسي غير مصدقة وابتسامة ساخرة تطفو على وجهي. لم يجد سجناء البيوت في زمن حظر التجول من سلوى لقتل الملل سوى الوقوف على أسطح المنازل لإطلاق سراح الطائرات الورقية.

هكذا انتصرت الطائرات الورقية على منصات السوشيال ميديا والهواتف الذكية وجنون أخبار فيروس كورونا اللعين .. ولو إلى حين.

في بلد يفاخر بالألف مئذنة، يصدح صوت المؤذن بعد ذوبان خيوط الشمس في الأفق بلحظات .

طقس ساحر يضفي رونقًا بديعًا على رحاب القاهرة .. إنها ليلة النصف من شعبان والقمر يطل في سماء عاد اليها صفاء غير عادي بعد توقف هدير محركات السيارات والمركبات عن ضخ العوادم طوال ساعات الليل وحتى السادسة من صباح اليوم التالي.

فيروس كورونا: نظرات الناس جعلتني أشعر وكأني وباء

خريطة انتشار فيروس كورونا وأعداد الإصابات والوفيات حول العالم

لكن الآذان الذي طالما دعا المصلين “حي على الصلاة حي على الفلاح” دعاهم كي يــ “صلوا في رحابكم صلوا في بيوتكم”.

بدا لي الأمر غريبا تماما على مسامعي لدرجة أنني أخرجت هاتفي كي أسجل هذا الآذان ربما لتوثيق اللحظة وربما لأقنع نفسي ذات يوم بأن ما يحدث حقيقة وليس من بنات خيالي..

أسابيع ثلاثة عاشتها القاهرة في هدوء يكاد يكون مريبا … خوف من فيروس كورونا القاتل الخفي سلبها جنونها وصخبها والباعة الجائلين والسيارات الرابضة عشوائيا في طرقاتها وعابري السبيل وحتى الشحاذين.


القاهرة

لم يقتنع كثيرون بجدية الأمر في البداية فكم من حظر عاشه المصريون في الذاكرة القريبة ولم يغير من عاداتهم في الخروج وزيارات الأقارب والأصدقاء شيئا.

لكن جدية السلطات في التعامل مع الأمر جعلت كثيرين يمتثلون خاصة بعد توالي أخبار من بلاد في شتى أنحاء المعمورة عن الوباء القاتل دون هوادة.

قبل ساعة من دخول حظر التجوال حيز التنفيذ أذهب للرياضة.

الليل الذي أرخى سدوله في جنبات الشوارع المظلمة يكاد يكون مخيفًا، أما مطاعم الوجبات السريعة فمغلقة وعلى أبوابها أوراق معلقة تعلن في حسرة أن خدماتها تقتصر على خدمات التوصيل إلى المنازل والمقاهي التي طالما تباهت بالسهر حتى الصباح لم تجد من يذهب إليها خوفا من العدوى فأغلقت كافية خيرها وشرها…

تتحرك عربات الشرطة مسرعة لتصل إلى غايتها الي مداخل الشوارع والجسور الرئيسية التي تربط أوصال القاهرة قبل الموعد لتضع حواجز لمنع السيارات من المرور.

وجد بعضهم في الشوارع الخالية ضالته لممارسة الرياضة خاصة بعد أن أغلقت جميع النوادي الرياضية وصالات الرياضة أبوابها لحين إشعار آخر . أسرح بنظري على صفحة نهر النيل باحثة عن المراكب الملونة التي طالما شكونا من صخبها العابث وأسترق السمع علني أدرك موسيقى تهز جنبات الفنادق الفاخرة دون جدوى تبدل وجه القاهرة التي أعرفه وأعشقه ربما أصبحت أكثر هدوءا ورصانة لكنني اشتاق اليوم إلى جنونها وصخبها وموسيقاها ومقاهيها وعشاقها يتناثرون في أزقتها المنيرة .. فمتى تعود؟

شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!