‘);
}

الدعوة إلى الله تعالى

إنّ الأمة في حاجتها إلى الدين، كالجسد في حاجته إلى الروح، فالجسد من غير روحٍ لا قيمة له، وكذلك الأمة إذا فقدت الدين، أصبحت كالعلبة الفارغة التي لا قيمة لها، كما أنّ الناس إذا حُرموا من الدين، أصبحوا أقرب شبهاً إلى الحيوانات في مطاردتهم لشهواتهم، وأقرب شبهاً للسباع في فسادهم، وإفسادهم، وأكثر شبهاً للشياطين في مكرهم، وخداعهم، ولهذا فقد كرّم الله الإنسان، وزوّده بآلات العلم من سمعٍ، وبصرٍ، وفؤادٍ، ثمّ جعله خليفةً في الأرض؛ ليدعو الناس من حوله إلى الإسلام، فيكون بذلك الدين كلّه لله، ويكون الناس جميعاً متوحّدين على عبادة الله تعالى، وطاعته، ولأهمية الدعوة إلى الله؛ فقد فصّل القرآن الكريم في ذكرها تفصيلاً، فأخبر عن سير الأنبياء، وأساليبهم في الدعوة، وجهادهم مع أقوامهم فيها، مع أنّه لم يفصّل في عباداتهم، فدلّ ذلك على أنّ الدعوة هي أمّ الأعمال جميعاً، وبما أنّ أمة الإسلام مبعوثةٌ من أجل دعوة العالمين إلى الله تعالى، فلا بدّ لها من الاقتداء بسير الأنبياء في الدعوة، والتعلّم منها حتى تسير على نهجهم في ذلك إلى يوم القيامة.[١]

وتتّضح منزلة الدعوة إلى الله، حين يعلم الإنسان أنّ الدعوة إلى الله هي السبيل لتحقيق مراده، ومقصوده من الخلق، وهي عبادة الله وحده لا شريك له، ومن خلالها تحيا الفرائض والنوافل بين الناس، وبها تنتشر السنن والآداب، ولذلك فقد أوجبها الله سبحانه على كلّ مسلمٍ، ومسلمةٍ، فتكون واجبةٌ على كلّ واحدٍ منهم بقدر علمه، واستطاعته، بدليل قول الله تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)،[٢] فتكون بذلك مسؤوليةٌ مشتركةٌ تقع على عاتق الأمة جميعها، كما أنّها حاجةٌ للأمة كلّها أيضاً، وقد بيّن القرآن الكريم كيف أنّ الله تعالى اصطفى هذه الأمة من بين الأمم؛ لتكون حاملةً لواء الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، فقال سبحانه: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ).[٣][١][٤]