التأمين الصحي هو أحد الأعمدة الأساسية للحماية الاجتماعية، وهو حق من حقوق الإنسان الأساسية، وأحد أهم مسؤوليات الدولة تجاه مواطنيها.
واستنادا إلى هذه المنطلقات فإن خطوة المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي تجاه شمول العاملين المشتركين في الضمان الاجتماعي تعد خطوة مهمة في هذا الاتجاه، باعتبارها واحدة من الحمايات الدنيا التي يجب أن تتوفر في أي منظومة ضمان اجتماعي.
أهمية هذه الخطوة تستدعي أن يتركز دعمها على أن يكون التأمين الصحي في هذا الإطار فعالا ومستداما وعادلا، من حيث توفيره لرعاية صحية شاملة وكفؤة، وأن تتوافر فيه القدرة على الاستمرار في المستقبل، إلى جانب أن يتحمل عبء الإنفاق عليه جميع الشركاء الاجتماعيين من عمال وأصحاب أعمال وحكومة.
ولأن الرعاية الصحية واحدة من أهم مسؤوليات الدولة تجاه مواطنيها كما أشرنا أعلاه، فإن العبء الأساسي يجب أن تتحمله الدولة، وهو أحد أوجه إنفاقها القائمة على العوائد الضريبية التي تحصلها.
الصيغة المطروحة في الوقت الراهن لشمول العاملين في الضمان الاجتماعي بالتأمين الصحي غير عادلة، فهي ستحمّل العاملين أنفسهم دون غيرهم عبء تكاليف شمولهم في التأمين الصحي.
لسنا أول دولة في العالم ستوفر التأمين الصحي في إطار الضمان الاجتماعي، هنالك عشرات الدول قدمت نماذج عادلة وفعالة ومستدامة في هذا المسار، وعلينا أن نستفيد من هذه التجارب.
ومنظمة العمل الدولية لديها خبرات عميقة في هذا المجال قائمة على قاعدة بيانات شاملة من جميع دول العالم، وعلينا الاستفادة القصوى من هذه الخبرات، والمعلومات المتوافرة تفيد أن هذه المنظمة قدمت تحليلها للصيغة المقترحة من قبل إدارة مؤسسة الضمان الاجتماعي، وقدمت مقترحات مهمة لتطبيقه في الأردن.
خريطة التأمين الصحي في الأردن تشكل أرضية جيدة لبناء منظومة تأمين صحي شامل من خلال القليل من النفقات الحكومية الإضافية، فهي بحاجة لصياغة أكثر كفاءة وأكثر حوكمة لشمول جميع المواطنين.
عندما يكون لدينا ثلثا المواطنين مؤمنين صحيا بطريقة أو أخرى، وعندما يكون جميع الأردنيين مؤمنين بالكامل في أمراض القلب والسرطان والكلى، وبمستوى طبي عال، فإن ذلك يشكل مدخلا للإسراع في بنائها في إطار موحد يشمل الضمان الاجتماعي.
الضغوط الكبيرة على المؤسسات الصحية للقطاع العام، وعدم توافر الكوادر الطبية المتخصصة والكافية، وضعف حوكمة إدارة القطاع، لعبت أدوارا أساسية في تراجع أداء القطاع وتفاقم منسوب عدم ثقة غالبية المواطنين بالرعاية الصحية التي تقدمها الحكومة عبر المستشفيات الحكومية.
لذلك، فإن المضي قدما في توسيع قاعدة المشمولين بالتأمين الصحي من خلال منظومة الضمان الاجتماعي، يجب أن يسير جنبا إلى جنب مع تحسين الرعاية الصحية بجميع أبعادها التي تقدم حاليا.
على وزارة الصحة ممثلة بمديرية التأمين الصحي إلى جانب الخدمات الطبية الملكية أن تكونا شريكين أساسيين في صياغة التأمين الصحي في إطار الضمان الاجتماعي، كي نضمن أن يدعم هذا المسار ويعزز التأمين الصحي الشامل في الأردن.
لدينا فرصة للخروج من دائرة التفكير التي تقوم على توفير تأمين صحي يتحمل عبأها العاملون فقط، وهنالك فرصة للاستفادة من الخبرات العالمية في هذا المجال، خصوصا وأن وفدا لمنظمة العمل الدولية يزور الأردن حاليا لمناقشة هذا الموضوع مع الجهات الرسمية ذات العلاقة.