كيف يعرف أصحاب الخبرة الأمور التي عليهم التركيز عليها؟

يقول أبرز خبراء الأداء عباراتٍ من قبيل: "يجب عليك أن تركز الانتباه" أو "يجب عليك التخلص من مصادر تشتيت الانتباه" أو "واظب على ممارسة عمل واحد وأتقنه". هذا المقال مأخوذ عن الكاتب ورجل الأعمال جيمس كلير (James Clear)؛ مؤلِّف كتاب "العادات الذرية" (Atomic Habits) ويُحدِّثنا فيه عما يجب علينا أن نركز عليه.

Share your love

ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب ورجل الأعمال جيمس كلير (James Clear)؛ مؤلِّف كتاب “العادات الذرية” (Atomic Habits) والذي بيعت منه أكثر من ثلاثة ملايين نسخة حول العالم، ويُحدِّثنا فيه عما يجب علينا أن نركز عليه.

وهي نصائح جيدة في الحقيقة، فكلما تعمَّقتَ في دراسة الناجحين في جميع مناحي الحياة؛ من فنانيين ورياضيين وأصحاب مشروعات وعلماء، وجدت أنَّ التركيز هو العامل الأساسي للنجاح، ولكن ثمَّة مشكلة في هذه النصائح، وهي: كيف ستعرف ما الذي يجب التركيز عليه من بين الخيارات العديدة؟ وأين تُوجِّه طاقتك وانتباهك؟ وكيف تحدد الشيء الوحيد الذي يجب أن تلتزم بفعله؟

لن أدَّعي امتلاك الإجابات كلها، ولكن سأشارككم ما تعلَّمته حتى الآن:

حتى يأتي شيء ما بسهولة:

واجهتُ، مثل معظم رجال الأعمال، صعوبةً في العام الأول من المشروع، وأطلقت منتجي الأول دون أدنى فكرة لمن سأبيعه والمفاجأة الكبرى كانت عدم إقبال أحد على شرائه. وتواصلتُ مع أشخاص هامين وأسأت إدارة توقعاتي وارتكبت أخطاء غبية دمَّرت تدميراً أساسياً فرصة بناء علاقات جيدة مع أشخاص قد احترمتهم، وحاولت أن أتعلَّم البرمجة، كما أجريت تغييراً واحداً على موقعي، فحذفت كل ما فعلته خلال الأشهر الثلاثة السابقة. ببساطة؛ لم أكن على دراية بما أفعل.

في أثناء العام الذي قضيته وأنا أرتكب أخطاء عديدة تلقَّيت نصيحة مفيدة وهي: “جرِّب كل الأمور حتى تجد شيء يعجبك”، أخذت النصيحة على محمل الجد وجرَّبتُ أربع أو خمس أفكار عمل مختلفة خلال الـ 18 شهراً التي تلت ذلك، فقد كنت أود أن أعطي كل فكرة فرصة لمدة شهرين أو ثلاثة، فضلاً عن عملي مستقلاً كي أتحمَّل تكاليف معيشتي ودفع الفواتير والاستمرار في عملية تجربة الأفكار.

وفي نهاية المطاف، وجدت نتيجة تلك النصيحة وكنت قادراً على التركيز على تأسيس عمل واحد بدلاً من محاولة العثور على فكرة؛ وبعبارة أخرى كنت قادراً على التعامل مع الأمور ببساطة.

كان هذا أول شيء اكتشفته حول معرفة ما يجب التركيز عليه؛ فإذا كنت تريد أن تتقن الأساسيات الضرورية لمَهمة ما وتفهُّمها بعمق فمن الجيد أن تبدأ عن طريق تجريب عدة أشياء مختلفة.

إذا جرَّبتَ عديداً من الأشياء المختلفة، يمكنك أن تشعر بالأشياء التي تستطيع فعلها بسهولة وتُهِّيئ نفسك للنجاح، فالتركيز على الأمور المُجدية أهون بكثيرٍ من مواجهة الصعوبات الناجمة عن الأفكار السيئة.

شاهد الفديو: 10 أسباب تجعلك فخوراً بارتكاب الأخطاء

[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”200″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/I_sn6WxsAoQ?rel=0&hd=0″]

قرر ما يجب التركيز عليه:

على فرض أنَّك مستعد لتجربة الأشياء واختبارها نوعاً ما، فالخطوة التالية هي أن تسأل نفسك: كيف أعرف الأعمال التي أستطيع أن أؤديها بسهولة؟ والإجابة المثلى التي يمكن أن أقدمها لك هي: الانتباه، وهذا يعني قياس أمرٍ ما.

عليك متابعة الجهود المبذولة في التسويق والترويج إذا كنت رجل أعمال، ومتابعة تمريناتك الرياضية إذا أردت اكتساب كتلة عضلية، أما إذا كنت تتعلَّم على آلة ما فينبغي أن تتابع صفوف التدريب. وحتى حينما تقيس أعمالك، ستصل إلى مرحلة يتوجب عليك فيها اتخاذ قرار حول ما يجب التركيز عليه.

شخصياً، أجد لحظة القرار هذه واحدة من مسببات التوتر الأساسية في تنظيم المشروعات؛ حيث تتبادر أسئلة مثل: هل نستمر بتجربة أشياء جديدة أم نراهن على استراتيجية محددة؟

يريد الجميع أن يعرف الوقت المناسب للتعامل ببساطةٍ مع الأمور والتركيز على شيء واحد، ولكن الواقع أنَّ هذا الموضوع مُبهَم للجميع وهو ما يجعل النجاح صعباً للغاية، ذلك أنَّ ريادة الأعمال ليست مثل الطبخ؛ فليس هناك وصفة للنجاح ولا حتى كُتيِّب أو دليل.

إنَّ أفضل خيار يمكنك فعله هو أن تأخذ قراراً، فليس في الإمكان تجربة كل شيء؛ وذلك لأنَّك في مرحلة ما تحتاج إلى الاختيار لا إلى مزيد من المعلومات.

حجم العمل:

نصل الآن إلى المرحلة التي يصبح فيها معرفة ما ينبغي التركيز عليه ممكناً فعلاً، فقد جربت ما يكفي من الأفكار لاكتشاف خيار أو اثنين يوفِّران نتائج جيدة نوعاً ما، كما تغلَّبت على عقبة الرغبة في مزيد من المعلومات والخوف من الالتزام بشيء ما وآن أوان استعدادك لمرحلة الاختيار، سواء أكان اختيار وظيفة ما أم بدء عمل جديد أم التسجيل في صف جديد.

لقد حان وقت العمل المضني وتقدير حجم العمل، ولا يكفي أن تفعل ذلك مرَّةً أو مرتين، ولا حينما يكون أداء العمل سهلاً؛ بل المسألة تتعلق بالعمل ذي الحجم الثابت والمتكرر؛ لذا ينبغي أن تعتاد الملل الناتج عن هذا العمل وتتأقلم معه لتبقى في الركب.

ستفهم بعد هذا التكرار أساسيات مَهمَّتك، وقد تعي معنى العظمة قبل هذه المرحلة، لكنَّك لن تفهم كيف تُحقِّقها حتى تبدأ العمل بنفسك. وعلى حد تعبير مقدِّم البرامج الإذاعية إيرا جلاس (Ira Glass): “أنت تمتلك من الإحساس ما يكفي لمعرفة إن كان ما تفعله يُعَدُّ محبِطاً أم لا”، وبذلك ستُسَدُّ الفجوة بين ما تعتقد بأنَّه جيد وما تستطيع تقديمه لنفسك من خلال بذل الجهد.

إذا أردت أن تبدو بمظهر رائع، عليك أن تُجرِّب الكثير من الملابس قبل أن تصل إلى الأساسيات البسيطة، وربما عليك أن تشتري الكثير من الملابس قبل أن تعرف ما الملابس التي تناسبك، ورغم أنَّني لست من المعجبين بالترويج للاستهلاك، ولكن إذا كانت هذه هي مجموعة المهارات التي تريد تطويرها، فمن المحتمل أن تأخذ منك بعض التجارب والجهد.

وإذا أردت أن تصبح طباخاً محترفاً فقد تصنع وجبات سيئة مئات المرات قبل أن تصل إلى وجبة العشاء البسيطة واللذيذة، وشخصياً لم أقابل طهاة أصبحوا ماهرين بعد تجربتهم العاشرة فقط؛ بل إنَّ التوصل إلى الفهم العميق لأساسيات الطبخ قد يستغرق وقتاً.

أما إذا رغبت في تأليف كتاب رائع فعليك أن تكتب باستمرار، وربما تحتاج إلى كتابة مئات الآلاف أو حتى الملايين من الكلمات قبل أن تصل إلى غاياتك ومن ثم تحرير تلك الأوراق وتقليصها إلى أفضل نسخة ممكنة.

لن تعرف أي جزء من أجزاء المَهمَّة هو الأساسي للنجاح إلا بعد أن تنتهي من التكرار.

الوصول إلى البساطة:

وأخيراً وبعد محاولة العديد من الأشياء ثم معرفة ما ينبغي التركيز عليه والتكرار بما فيه الكفاية، تبدأ الآن عملية التبسيط؛ أي غربلة ما هو أساسي وما هو غير ضروري.

وقد كتب الفرنسي بليز باسكال (Blaise Pascal) في رسائله الإقليمية الشهيرة: “لو كان لدي المزيد من الوقت، لكنت كتبت لكم رسالة أقصر؛ وذلك لأنَّه غالباً ما يكون إتقان الأساسيات أصعب الرحلات وأطولها على الإطلاق”.

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!