لماذا يكذب الأطفال؟؟

إن من أسوأ العادات التي يكتسبها الطفل هي عادة الكذب...كيف يكتسبها؟؟ولماذا يكذب؟؟وكيف نساعده على التخلص من هذه العادة السيئة؟!!

Share your love

 إن صفة الكذب من أسوأ الصفات التي يمكن أن يكتسبها الطفل…
وحين يستسهل الوقوع في الكذب فإنه يصبح قادراً على ارتكاب كل الأخطاء الكبيرة والصغيرة، وهذا واضح في قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: [إن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابًا]…كما أنه يصبح إنساناً غير موثوق به فيفقد بذلك التقدير من الآخرين. 
إن الكذب عند الأطفال ما هو إلا محصلة لعوامل بيئية وعوامل ذاتية دفينة داخل نفس الطفل.وكلما تحلى البيت بمكارم الأخلاق وحرص عليها كلما قل تأثير العوامل البيئية في غرس صفة الكذب عند الطفل…
 
ماهي العوامل التي تؤثر في الطفل فتجعله يكذب؟؟
1- تأثير العوامل البيئية المحيطة بالطفل(البيت ـ المدرسة ـ المجتمع)
البيت: إن الطفل الذي ينشأ في أسرة تلتزم الصدق على نحو تام تقوى لديه الحاسة الخلقية، ويكتمل لديه الالتزام الخلقي، والأسرة التي تمارس الكذب لا تساعد أبناءها على امتلاك فضيلة الصدق…
ومثال ذلك: عندما يرد الطفل على الهاتف ويسأل الطالب عن الأب فيشير الأب إلى ابنه بأنه غير موجود، ويظن الأب أن الطفل لا يتأثر بهذا الموقف، وهو لا يعلم أن كل هذه المواقف تنطبع في نفس الطفل الشفافة لتخرج بعد ذلك ليكذب على والده…
وكذلك عندما يرى الأم تكذب عل الأب خوفاً من غضبه، والأب يكذب على الأم، وإخوته الكبار يكذبون على بعض حتى ولو على سبيل المزاح، كل هذه الصور تنطبع في ذاكرة الطفل، لأنه في هذه السن يعتاد الالتقاط والتقليد…ولهذا يجب الانتباه جداً لكل تصرفاتنا والابتعاد عن الكذب مهما كان بسيطاً…
 
المدرسة: إن ما يراه الطفل في المدرسة سواء من زملائه الذين يكذبون على المدرس حتى لا يضربهم، أو المدرس الذي يكذب عليهم حتى يخيفهم ويزيد هيبته عندهم، والمدرس يكذب على المدير، والمدير يكذب على ولي الأمر وهكذا…كل هذه الصور السيئة تنطبع في نفس الطفل الشفافة وتغرس جذور هذه صفة الكذب الذميمة فيه.
 
المجتمع: كذلك ما يراه الطفل في الشارع، فمثلاً في السوق يجد البائع يكذب ليزين سلعته وهي رديئة… وما يراه الطفل على شاشات التلفاز من كذبات تلو كذبات وألعاب سحرية ومن مسلسلات وقصص كاذبة، كل هذه العوامل المحيطة بالطفل تؤثر على نفسيته مع غياب القدوة الصالحة من الأهل التي تحثه على مكارم الأخلاق وتشرح له الخطأ من الصواب..
 
هناك فرق بين الكذب والمراوغة…فكيف ذلك؟
للأسف إن المجتمع ينظر إلى الصادق غالباً على أنه طيب القلب أو ساذج لا يستطيع أن يراوغ أو يحاور، وبالتالي ينظرون إليه أنه لن يكون ناجحاً في حياته ومدبراً لأموره…وعلى العكس تماماً ينظر المجتمع إلى الكاذب بأنه المعجزة الداهية الذي يستطيع أن يلف ويدور ويداهن ويكسب ويربح أو كما يقولون” شاطر “..وغاب عن أنظار الناس أن هناك فارقاً كبيراً بين الكذب والفطنة، فالمؤمن فطن ولكنه ليس بكذاب ..
كما قال عمر رضي الله عنه: [لست بالخب ولا الخب يخدعني].و هذا لا يعني أن نعزل الطفل تماماً عن المجتمع حتى لا يتأثر بهذه العوامل فآثار العزلة السلبية أكبر بكثير من آثار الخلطة على الطفل .. ولكن خير الأمور أوسطها، ويكون الحل باتخاذ الوسائل العملية التي تحول دون تأثر الطفل بهذه العوامل.
 
2- الكذب بسبب دوافع نفسية ليس لها علاقة ببيئة الطفل:
للطفل دوافع ذاتية للكذب لا يستمدها من قدوة سيئة أمامه، وكذلك لا ترده عنها القدوة الصالحة تلقائياً بغير تلقين وتوجيه وجهد يبذل.
ـ يكذب الطفل أحياناً دون أن يقصد الكذب بدوافع من قوة خياله الذي يجسم ويصور له أشياء لم تحدث، فيراها كأنها حدثت بالفعل ويقصدها على أنها واقع…وعند ذلك لا ينبغي أن يجابهه الوالدان بأنه كذاب، بل تكون نصيحتهما له أن يتذكر جيداً وأن يدقق في التذكر لعل الأمر ليس كما يقول حتى يرداه إلى حقيقة الواقع.
ـ يكذب الطفل أحياناً وهو على وعي بالكذب وذلك تحقيقاً لأمان ورغبات لا تتحقق في واقع حياته ويزعم أنه يمتلك كذا أو يصنع كذا، مما يحقق بطولة وهمية، أو تعظيماً لشخصه على غير الواقع، وغالباً ما يكون هذا الكذب والمبالغة مع أقران الطفل الذي يشعر في داخل نفسه أنه أقل منهم…
 
وعلاج هذه الحالة المرضية ليس بمواجهة الطفل بأنه كذاب وإنما على الوالدين دراسة الأسباب الدفينة التي تجعله يضخم الواقع بالوهم.وأن يعالجاه بإعادة الثقة إليه واعتداده بنفسه على حجمها الطبيعي الواقعي في شيء يملكه بالفعل ويقدر عليه، فلن يحتاج بعد ذلك إلى الادعاء.
– وقد يكذب الطفل ليستولي على مزيد من النقود ينفقها في أشياء يشتهيها ولا يحصل عليها في حدود ما يعطى له من المصروف…ولعلاج ذلك الطبع لا بد من تقويمه بشيء من الحسم ولكن مع كثير من النصيحة، وبالتلقين بأنه أمر رديء جداً يفقده ثقة والديه وثقة أحبائه ويدعو إلى احتقارهم له وهكذا حتى يكف…
– أيضاً من الأمور التي نجدها عند أغلب الأطفال هي الكذب خوفاً من العقاب سواء في البيت أو المدرسة..ولهذا نؤكد على عدم ضرب الطفل وعقابه العقاب المبرح لأن هذا سيدفعه كثيراً للكذب…
 
وكل حالة من حالات الكذب لها ما رواءها من أسباب ولا بد من دراسة الأسباب لاختيار الأسلوب المناسب في العلاج…
ما هي الوسائل العملية التي تعين الآباء على محو آثار صفة الكذب عند الأطفال؟
هذه بعض الوسائل التي تعين الآباء على محو آثار هذه الصفة عند الطفل والحد من تأثير العوامل البيئية عليه:
 
ـ ربط الطفل بقدوة صالحة تحثه على مكارم الأخلاق سواء في البيت أو المدرسة أو المسجد، فمثلاً يعتاد الوالدان الصدق ولا يكذبون أمام الطفل ولو بالمزاح، ففي الحديث روى أحمد وابن أبي الدنيا عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [من قال لصبي: هاك، ثم لم يعطه فهي كذبة].
 
ـ اقتناء القصص القصيرة وأفلام الكرتون ووسائل الإيضاح التي تحث الطفل على الصدق، وأيضاً القصص الواقعية الحقيقية والبطولات الإسلامية كقصة خالد بن الوليد ـ وصلاح الدين.
 
ـ تقبيح صورة الكاذب أمام الطفل، وبيان أن الكاذب منبوذ من الجميع والصادق هو المفضل عند الله سبحانه وتعالى وله مرتبة في الجنة وهو المحبوب من الكل، وقد صح عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان إذا اطلع على أحد من أهل بيته كذب كذبة لم يزل معرضاً عنه [أي مجافياً له] حتى يحدث توبة.
 
ـ متابعة الطفل في المدرسة ومعرفة أصدقائه والتأكد من سلامة أخلاقهم…فالصحبة تؤثر على أخلاقه.
 
ـ البحث عن مشاكل الطفل النفسية وعلاجها بصورة ملائمة فكل حالة من حالات الكذب لها ما رواءها من أسباب فلا بد من دراسة الأسباب لاختيار الأسلوب المناسب في العلاج.
 
ـ اشتراك الطفل في الألعاب الرياضية حتى تزداد ثقته بنفسه.
 
ـ أن يعامل الطفل بمبدأ حسن النية وإحسان الظن وألا يواجه الطفل بكذبه دائماً بل تحفيزه دائماً بأنه صادق، مع العفو عن ذلته إن صدق فإذا لم تنفع معه أساليب النصح فعلينا أن نستخدم حينئذ العقوبة الرادعة..وتكون العقوبة بمنعه مما يحب أو حرمانه من بعض الأشياء التي اعتاد على اقتنائها…والمراقبة الدائمة له، ومكافأته عندما يترك الكذب ويصدق…
 

 

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!