في 24 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي قتل 27 شخصا بعد غرق قاربهم، والآن ها هي شهادات عديدة من أقارب الضحايا وسجلات المكالمات الهاتفية تؤكد أنهم طلبوا بالفعل النجدة من البريطانيين والفرنسيين، لكن دون جدوى.
وفي انتظار نتائج التحقيق القضائي الذي يجب أن يحدد هويات الضحايا وشبكات التهريب المتورطة وظروف المأساة يقول تقرير في صحيفة لوموند الفرنسية (Le Monde) إن المؤشرات تدل على أن المهاجرين استخدموا بالفعل هواتفهم لطلب المساعدة أثناء غرق زورقهم المطاطي بعد أن لم يبق أمامهم إلا التشبث بما كان لا يزال طافيا منه، لكنهم جميعا قضوا أخيرا نحبهم باستثناء اثنين منهم، وقد تم انتشال 27 جثة هامدة، من بينها جثث 6 نساء وفتاة، ليتبين بعد ذلك أن أغلبية هؤلاء المهاجرين كانوا من كردستان العراق.
وبعد فترة وجيزة من المأساة أجرى الموقع الإعلامي الكردي “رووداو” مقابلة مع الناجيين الوحيدين كشفا خلالها أن المهاجرين طلبوا المساعدة، وأوضح أحدهما -واسمه محمد شيخة أحمد، وأصله من كردستان العراق- أنهم اتصلوا بالشرطة الفرنسية وأرسلوا لهم موقعهم، لكن الفرنسيين قالوا “إنكم في الجانب الإنجليزي من المانش”، مشيرا إلى أنهم اتصلوا بعد ذلك بالبريطانيين فقالوا “اتصلوا بالفرنسيين”.
وأضافت لوموند أن الناجي الثاني -وهو الصومالي محمد عيسى عمر- قال “لقد غرقنا في المياه البريطانية، وطلبنا المساعدة وطلبوا منا إرسال موقعنا”.
وأشار عمر إلى أنه تم إجراء مكالمات للحصول على مساعدة بريطانية وفرنسية، موضحا أنه ظل في الماء لأكثر من 10 ساعات، قبل أن يعثر عليه قارب صيد.
وبحسب مصدر قضائي، فإن أقوال الناجين أكدتها ملفات تحقيق الشرطة وسجلات الهواتف، وقالت وكالة خفر السواحل البريطانية “إم سي إيه” (MCA) في بيان أصدرته في 3 ديسمبر/كانون الأول الجاري إن “كل مكالمة تم تقييمها ومعالجتها”.
وأضافت الوكالة أنها تلقت في ذلك اليوم أكثر من 90 طلب نجدة من بحر المانش.
وأشارت إلى أنها استخدمت سفينة لحرس الحدود وطائرة مروحية، مضيفة أنه “تم العثور على 3 قوارب صغيرة وتم إنقاذ ركابها، ولم يتم اكتشاف زوارق صغيرة أخرى أو أشخاص في المياه في منطقة البحث”.
وردا على سؤال من صحيفة لوموند، أوضحت السلطات المختصة في الجانب الفرنسي أنها لم تتلق أي نداء استغاثة، ولم تكن على علم بوجود قارب يواجه صعوبات، مضيفة أنها في ذلك اليوم -أي 24 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي- أنقذت 106 أشخاص “خلال 3 عمليات مختلفة”.
وتنفي السلطات البريطانية أنها سجلت حالة طلب فيها مستنجد الاتصال بالسلطات الفرنسية بدلا منها، كما يقول الفرنسيون إنهم يتعاملون بشكل فوري مع نداءات الاستغاثة ويحركون الوسائل الضرورية لذلك.
غير أن زينة مامان محمد -وهي أخت أحد الذين لقوا حتفهم في القارب المذكور- تقول إنها متأكدة الآن أن “إهمالا” هو الذي سبّب موت أخيها.
وفي هذا الصدد، تذكر الصحيفة أن أحد المهاجرين -الذين كانوا في قارب آخر كاد يلقى نفس مصير القارب الذي غرق في 24 نوفمبر/تشرين الثاني- قال لها إنه ومن معه كانوا كلما استنجدوا بالفرنسيين قالوا لهم اتصلوا بالبريطانيين، وعندما يتصلون بالبريطانيين يقولون “اتصلوا بالفرنسيين”.. “إنهم كلهم يستهزؤون بنا”، على حد تعبيره.