
من يحرك خيوط المؤامرة ويسعى من وراء ستار إلى صب الزيت على النار؟ من المستفيد من جزائر غير مستقرة؟ ومن يخاف من جزائر قوية ثابتة على مبادئ الأمة؟
هي أسئلة لا بد من طرحها إلى جانب عدة تساؤلات أخرى كثيرة، بعد رصد تحرك جهات مشبوهة وتسلسل أحداث متعاقبة، تجعل من فرضية المؤامرة ليست مجرد نظرية وليدة شكوك وهواجس فحسب، بل واقعا نعيشه ويترسخ أكثر يوما بعد يوم.
منذ أيام، شرعت جهات من وراء البحار وتساندها أخرى من الداخل، في الترويج للدعوة إلى “الخروج للشارع من أجل الاحتفال بحلول ذكرى 22 فيفري“، باعتباره تاريخ ميلاد الحراك الشعبي المبارك.
أسئلة لا بد منها
لكن لماذا الخروج إلى الشارع هذه المرة وما هي الأهداف؟ هو الخروج لتحقيق مطالب اجتماعية؟
لا بد من الرد بوضوح على هذه الأسئلة حتى يتبين الخيط الابيض من الخيط الأسود.
وتزامنت مع تلك الدعوات، ظهرت دعوات أخرى إلى الإضراب بسبب الظرف الاقتصادي الصعب، الذي كان من نتائج الأزمة الصحية الناجمة عن تفشي وباء كورونا؟
مخططات انتقامية لتركيع الجزائر بسبب “اللاءات”
منذ أشهر، وتحديدا يوم 20 سبتمبر الماضي، عندما أطلق رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، “لاءاته” المنددة والرافضة للتطبيع مع دولة الكيان الصهيوني، ورفض انضمام الجزائر لقطيع التطبيع والمطبعين من الدول العربية، توقع متابعون وخبراء أن تتعرض الجزائر لحملات عقابية على موقفها التاريخي وإصرارها على التمسك بحق الشعب الفلسطيني في أراضيه وفي إقامة دولته.
ولم تكد تمر الأيام، حتى بدأت أولى مؤشرات تلك الحملات تظهر للعيان، فالبداية كانت بالكشف عن إبرام فرنسا صفقة مع جماعات إرهابية ناشطة بشمال مالي، تتضمن الإفراج عن رعية فرنسية وآخرين إيطاليين ورابع مالي، مقابل قيام الجيش المالي بالإفراج عن مئات الإرهابيين المسجونين لديه.
فرنسا.. حيثما وُجد الخطر تكون
بعد ذلك، لم تكد تمر الساعات حتى جرى الكشف عن بند آخر سري من بنود الاتفاقية بين فرنسا والجماعات الإرهابية الناشطة على الحدود الجنوبية للجزائر، حيث جرى الحديث عن تلقي الجماعات الإرهابية العشرات من ملايين الأوروهات، كفدية، مقابل إطلاق سراح الرعية الفرنسية.
بعد ذلك بأيام، أعلنت وزارة الدفاع الوطني عن توقيف إرهابي حاول التسلل إلى التراب الوطني، قادما من شمال مالي، لتكشف التحقيقات عن كونه أحد الذين تم الإفراج عنهم بموجب الصفقة السرية بين جماعات الإرهاب والسلطات الفرنسية.
ولم يكد الجزائريون ينسون تلك القصة المريبة، حتى تم الإعلان عن توقيف إرهابي آخر في تلمسان، نجحت قوات الأمن في تتبعه منذ دخوله التراب الوطني، قادما من شمال مالي، بعدما جرى الإفراج عنه في إطار صفقة باريس مع الإرهابيين.
ما علاقة محاولة اغتيال قيس سعيد بالجزائر؟
وبالحديث عن دول الجوار، ومساعي محاصرة الجزائر انطلاقا من تلغيم محيطها الإقليمي، تعرضت تونس وما تزال، لعدة حملات تجويع وتفقير، فضلا عن مخططات سياسية لدفع الوضع العام فيها نحو الانسداد.
وكان آخر مشهد من تلك المخططات هو محاولة الاغتيال التي تعرض لها الرئيس التونسي قيس سعيد الأسبوع الماضي، عندما جرى الكشف عن تلقي قصر الرئاسة التونسي ظرفا بريديا به مادة الريسين السامة والقاتلة.
ولا يخفي على أحد، بأن الرئيس التونسي قيس سعيد جاهر بكفره للنظام العالمي “الحڤار” وبمعاداته لدول الكيان الغاصب، حتى قبيل انتخابه، وهو ما أدى إلى محاصرته سياسيا والضغط عليه اقتصاديا وماليا، للرضوخ والاستسلام.
نهاية عهد “كل شيء على ما يرام”
وفي الجزائر، فإن الرئيس تبون الذي يؤمن بمقولة “تنصرون وترزقون بضعفائكم”، حرص منذ فوزه بانتخابات 12 ديسمبر 2019 على الدفاع عن الحلقة الأضعف في المجتمع وراح يركز على مناطق الظل رغم شح الموارد المالية وانتشار جائحة لم تبق ولم تذر، وساهمت بشكل كبير في تعطيل مسار الإصلاحات متعددة الأوجه التي تم فتح ورشاتها.
ولأن الرئيس تبون فضل نهج المصارحة والمكاشفة مع الشعب منذ توليه سدة الحكم، فإنه حرص على التعامل مع “الشعب السيد” وليس مع “الشعب المُقاد” مثلما كان الأوّلون يرونه، حتى أن الرئيس أبدى امتعاضه علنا من الحكومة الحالية، وراح يطلق عبارة “حكومة فيها وعليها”، وهي كلمات رغم قلتها وبساطتها، لكنها كانت ذات معان كبيرة ومدلولات لها ما بعدها، وتعبر عن عدم رضى بالطاقم التنفيذي أو على الأقل بأداء معظم عناصره، بحكم أن النتائج في بعض القطاعات لم ترق إلى مستوى التحديات.


