مشكل مسجد سيدي احميدة وصلته بذوي النفوذ والسلطة المحلية؟
الدكتور محمد وراضي
هوية بريس – الإثنين 18 يناير 2016
أصبح مشكل إمام مسجد سيدي احميدة، والمسكن الملحق به، بعد القرار الصائب الذي اتخذته وزارة الأوقاف، حين فصلت هذا الإمام عن عمله -لكونه متهما بممارسة الشعوذة- أصبح حديث الساكنة المنتمية إلى قبيلة احصين برمتها.
وحتى تكون هذه الساكنة على بينة مما جرى ويجري بخصوص الإمام المعزول، نخبر كيف أن من يعرفون بـ”نواب الجماعة السلالية” يوجدون في مختلف المناطق المغربية، وأن دورهم منحصر في حماية ممتلكات الجماعة، وخاصة منها الأراضي التي للجماعة بكل أفرادها حق الاستفادة منها، مثل “ضاية سيدي احميدة” بقبيلة احصين، ضاحية سلا شرقا. فلو حصل نزاع بين قبيلتين حول أرض محددة، فنواب القبيلتين هم الذين يتولون فض ذلك النزاع بعلم من السلطات المحلية وبحضورها.
فكان من الطبيعي أن تكون هناك علاقة بين النواب أولئك وبين السلطات في المنطقة. وهذا ما عرفناه وقد أصبحنا من سكانها منذ ثلاثة عقود. واتضح بالملموس عندما تم تفويت جزء من “من ضاية سيدي احميدة” لتبنى عليه أكاديمية محمد السادس لكرة القدم. وعندما عبر الجزء الآخر منها الطريق السيار الذي لا تزال الأشغال جارية بخصوص إنهائه. نقصد أن نواب الجماعة السلالية هم الذين تولوا التفاوض مع الجهتين اللتين أخذتا جزءين من “الضاية”. والنواب في أي تفاوض عليهم أن يدافعوا عن مصلحة الساكنة، دون أي تدخل منا في التفاصيل التي نذكر من بينها أن السكان المعدودين من الجماعة السلالية قد استفادوا ماديا مرتين، ولا يزالون ينتظرون التكملة. ودون أن نخوض فيما يقوله بعض السكان بخصوص ما رافق عملية استفادتهم من ملابسات!!! إذ من عادتنا نحن باستمرار أن نستحضر البراهين الكافية، وأن لا نعتمد على القيل والقال.
لكن الذي يلاحظ -ونواب الجماعة السلالية في المنطقة يقومون بدورهم المحدد قانونا وعرفا- هو أن بعضهم يستغل نفوذه لحشر أنفه في قضايا هي بالأساس داخلة في إطار حرية المواطنين واختياراتهم من جهة. وداخلة في اختصاصات السلطة المحلية من جهة ثانية. خاصة وأن العلاقة بين الطرفين الأخيرين كما هو بين جد قوية. إذ التشاور بينهما يجري كلما كان هناك داع إليه.
وحتى نوضح كيف يستغل بعض من نواب الجماعة السلالية نفوذه، نشير إلى أن “جمعية سيدي احميدة للتنمية البشرية” قررت ترميم المسجد وتوسيع مسكن الإمام الذي لم يكن يتوفر إلا على غرفة واحدة. وقبل الشروع في الترميم، حصلت الجمعية على ترخيص من وكالة تهيئة صفتي أبي رقراق، ومن العمالة، ومن مندوبية وزارة الأوقاب بسلا. دون أن تكون لنواب الجماعة السلالية في الموضوع، لا ناقة ولا جمل! وجل المساهمين المنتمين وغير المنتمين إلى الجمعية، ليسوا من الجماعة السلالية!!!
ورأت الجمعية تعليق لوحة تحمل اسمها لأن عملها القانوني يدخل في إطار “التنمية البشرية” كما أحضر أحد أعضائها لوحة رخامية كتب عليها قوله تعالى: “وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون”. تشجيعا من الجمعية للسكان المحسنين كي يهتموا ببيت الله الذي يؤدون فيه الصلوات الخمس. فبقيت اللوحتان في مكانهما دون أن يقدم أي كان على إزالتهما.
وقد سجل بعض أعضاء الجمعية كثرة غياب الإمام عن المسجد. حيث إنهم عندما يحضرون لمراقبة أشغال الترميم، ويحل وقت صلاة الظهر أو العصر، لا يجدون من يصلي بهم الصلاتين! فاستفسروا عن كثرة غياب الإمام، فأخبروا بأنه يسافر لأسبوع ولأسبوعين فأكثر، داخل المغرب وخارجه، لأنه يمارس الشعوذة! ولم يكن من الجمعية غير أن وجهت شكاية إلى المندوب الإقليمي لوزارة الأوقاف بسلا، وضحت فيها أنه لا يعلم الصبيان، ويغيب في كثير من الأحيان، وأنه يمارس الشعوذة! إلى آخر التهم التي حملتها تلك الشكاية التي توجد بين أيدينا نسخة منها لمن يرغب في الاطلاع عليها.
ولما انتهت الشكاية إلى المندوب، قامت قائمة نواب الجماعة السلالية، ورئيس مجلس المقاطعة السابق! والشيخ الذي يمثل السلطة المحلية، والذي يعد من أصدقاء الإمام المشعوذ الحميمين! واتجهوا إلى النائب، وشهدوا باستقامة الإمام، وبنية الجمعية في احتلال محل نواب الجماعة! وأن أغلب عناصرها غرباء عن المنطقة! إلى آخر ما راج من شتم ومن تهم رخيصة وجهت إلى الجمعية!
ولم يمض يوم أو يومان، حتى تم كسر اللوحة التي تحمل الآية القرآنية، بعلم من الإمام وبموافقته!!! كما تم إزالة اللوحة التي تحمل اسم الجمعية! ثم كان أن اتجه رئيس الجمعية وكاتبها العام، وثلاثة من أعضائها إلى القائد ليخبره بما جرى، ومعه صور اللوحة المهشمة -وتلك الصور لا تزال لدى القائد- فوعدهم بأنه سوف يستدعي المتهمون بالفعلة تلك. وأنه سوف يرغمهم على إعادة اللوحة المكتوبة عليها الآية القرآنية إلى مكانها. لكنه -للأسف الشديد- لم يف بوعده حتى الآن؟
ولما أصبحت رائحة شعوذة الإمام تزكم الأنوف… وأصبح يوصف من طرف الناس بالسحار! قصدنا المتدمرون من سلوكه، وطلبوا منا المساعدة للتخلص منه لأنه لم يعد صالحا للصلاة بهم لما يمارسه من أفاعيل تشير من حيث أنواعها وكيفياتها إلى تعاطيه للشرك البواح!!!
ولكي نعمل على إبعاد المشعوذ من الساكنة، وضعنا لائحة لجمع التوقيعات لدى أحد التجار. فأتاه كبير نواب الجماعة السلالية، فأشبعه لوما بحجة أنه أجنبي عن القبيلة! وأنه يتدخل فيما لا يعنيه. وأن شأن الإمام من اختصاص نواب الجماعة (= اختصاص جديد مبتكر!) فكان أن حولنا اللائحة من عنده خوفا من عواقب غير محسوبة! ووضعناها بين يدي تاجر آخر. ولم ينج هو بدوره من لوم ومن تقريع نفس الشخص عبر الهاتف! فكان أن تحدثنا إلى التاجرين كليهما كي يتجنبا رفع الشكاية إلى السلطة، والاكتفاء بإهمال ما يسمعانه وما يصل إليهما عن طريق بعض المواطنين! وفعلا جمعنا التوقيعات وانتهى الأمر إلى ما تعرفه الساكنة من عزل للإمام المشعوذ بعد هبوط وطلوع مستمرين لمدة سنة!!!
غير أن مسانديه المتمثلين في بعض من نواب الجماعة السلالية، ومعهم الشيخ، شجعوا الإمام المفصول على البقاء في المسكن التابع للمسجد، والذي لم يساهم أي نائب منهم في ترميمه، حيث تم إضافة غرفتين إليه من طرف جمعية سيدي احميدة للتنمية البشرية.
والغريب أن نواب الجماعة يدعون بأنهم عن حقوق جماعتهم يدافعون، ولكنهم يصرون الآن على بث التفرقة ومعاقبة الإمام الجديد الساكن بالقرية من خلال حرمانه من المسكن! أملا من هؤلاء النواب في تحقيق ما صرح به الشيخ لأحد أصدقائنا، ألا وهو إعادة الإمام المفصول إلى نفس المسجد، ما دام أي إمام معين من طرف وزارة الأوقاف، لن يستقر إن لم يجد له مسكنا! مما يعني أن النواب المذكورين ومعهم الشيخ، يقفون الآن وراء إحداث عدم الاستقرار وغياب طمأنينة المتلهفين إلى إمام قار يؤدون وراءه الصلوات الخمس وصلاة الجمعة، التي ظهر أن الإمام الجديد استطاع بفصاحة لسانه وبوضوح خطبه جلب الكثير من المصلين إلى حد أنهم يصلون خارج المسجد بأعداد متزايدة!
فإن كانت مهمة السلطة المحلية هي تثبيت النظام والاستقرار، ومراعاة المصلحة العامة، فإننا نهيب بها أن تحمل النواب المذكورين على دفع الإمام المفصول إلى إفراغ المسكن حتى لا يشقى الإمام الجديد، وتتعمق الهوة بينه وبين من يفترض أنهم يسعون إلى تحقيق مصالح الجماعة. كما نهيب بالسلطة المحلية، وبالرئيس المباشر للشيخ أن يجعل هذا الأخير بعيدا عن التدخل في أمور لا تعنيه، فقد رأيناه يؤنب المواطنين حينما كنا نجمع توقيعاتهم لرفع الشكاية ضد الإمام المفسد الفاسد! ثم رأيناه الآن يعمل جاهدا لمنع الإمام الجديد من مسكن تابع للمسجد.
وإن ادعى نواب الجماعة السلالية بأن المسكن في ملك هذه الجماعة، فعليهم تقديم الدليل أولا على صحة ما يدعون؟ ثم إن عليهم ثانيا -إن هم برهنوا فعلا على أنه تابع للجماعة- أن يعلموا بأن ما هو تابع للجماعة، لا يمكن أن يتصرف فيه بضعة أفراد مطلوب منهم مراعاة مصلحة الجماعة بخصوص أرض الجموع لا غير. اما إذا لم يبرهنوا على أن المسكن في ملك الجماعة السلالية -وهذا هو الأدهى والأمر- عندها نجد أنفسنا أمام القضاء إن لم تصل، لا السلطة المحلية، ولا نواب الجماعة السلالية، ولا وزارة الأوقاف إلى حل لهذا المشكل الخطير. حيث إننا سنكون أمام طرف هو المدعي وأمام طرف هو المدعى عليه في حضرة السلطة القضائية؟ وحيث نقول قبل ذلك وبعده “سوف يعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون“.