معرض مصر الثالث لفنون النماذج المُصغّرة: كرنفال الحكايات المدهشة
[wpcc-script type=”ca89134bb6077ad2181ca4be-text/javascript”]

القاهرة ــ «القدس العربي»: من خامات متنوعة.. خشب، بلاستيك، معادن، صوف، كرتون، وصولاً إلى أعواد الكبريت يتم تشييد بنايات ومدن، سيارات وطائرات وبوارج. عوالم وبيئات مختلفة تخطها مخيلة رحبة وحرفية غاية في الإتقان. حالة الإدهاش هي المصاحبة دوماً عند رؤية ما أبدعته مجموعة من الفنانين، من خلال أعمالهم في «معرض مصر الثالث لفنون النماذج المُصغّرة»، الذي أقيم مؤخراً في قاعة آدم حنين في مركز الهناجر للفنون في دار الأوبرا المصرية. لنشهد حيوات غاية في التباين، لأعمال فنانين من جنسيات مختلفة. ورغم صِغر قاعة العرض، والدعاية غير الكافية للمعرض، إلا أن حالة التفاني من قِبل أصحاب الأعمال الفنية، تصبح هي السمة الغالبة، خاصة وهم يقومون بشرح أعمالهم للمتلقين في فرح طفولي، ليجعل من الأمر في النهاية أشبه بكرنفال كبير.
فكرة المشهد
العديد من الأعمال أطلق عليها أصحابها مُسمى (مشهد)، سواء للشارع المصري أو الباعة، أو حتى لمجموعة من الجنود. وبما أن الأمر يتعلق بمشهد، فالحضور للزمان والمكان هو المسيطر على العمل. فهناك من يستحضر شوارع القاهرة ــ وسط المدينة ــ في ستينيات القرن الفائت، أو كورنيش الإسكندرية، كما في أعمال الفنان سيف الدين خالد، الذي يحرص على تجسيد الحركة بأدق تفاصيلها، الناس، السيارات، وحتى أوراق الأشجار. وبينما يهتم خالد بالمدن وحيواتها، يأتي حسين القيسي ليجسد مشهداً من أحد الأحياء الشعبية، موضحاً تفاصيل البيوت المتهالكة والباعة الجائلين، وأصحاب الحِرف. وهو الأمر الذي يتكرر ولو في شكل غير مباشر في عمل أطلق عليه القيسي اسم (جندي ألماني يصيد السمك)، وهنا تتجلى مخيلة الفنان في خلق حالة من التناغم، بين حالة الجندي وحالة البحر ومخلوقاته، التي يحرص الفنان أشد الحرص على إظهار تفاصيلها، فحتى غير المرئي للمتلقي ــ قاع البحر ــ يحتل مساحة ليست بالهينة في العمل الفني. ومن المشهد يمكننا استنتاج الحكاية، أو الحكايات المختلفة للمكان وزمنه وشخوصه، الذين يمكن تخيل حياتهم أو قصصهم ــ كل حسب مخيلته ــ ليبدأ سرد الحكاية من تفصيلة بسيطة لهذا الشخص أو ذاك.. حالة صائد السمك، أو بائع العيش المعهود فوق دراجته، أو (بائعة البرتقال) للفنان محمد عبد الباري، هذا العمل المتماهي ولوحة دوتشي لودفج، التي تحمل الاسم نفسه.

الطبيعة الصامتة
وحتى نقترب أكثر من عالم اللوحات، تأتي أعمال كل من أسماء فهمي ومصطفى إسماعيل، فالأول كان عمله يمثل مكاناً داخلياً في البيت (المطبخ) بكل تفاصيله الدقيقة، وأيضاً من خلال زمن فائت، حيث نرى وابور الجاز، وأدوات المطبخ النحاسية. أما إسماعيل فيؤنسن الأشياء أكثر، ويجعلها وكأنها تشكو حالها في أسى ــ هنا تتجسد فكرة الزمن أكثر ـ من خلال عربة قديمة، وباب مغلق بجنزير ضخم، وأحجار رصيف ملّت مكانها فغادرته مُبتعدة.
عالم الحرب
الكثير من الأعمال الفنية تناولت الحرب وعالمها، سواء جنود من جنسيات مختلفة، أو آلات الحرب، كالمدرعات، الدبابات، وحاملات الطائرات، بل وصل الأمر إلى تجسيد حالة سقوط طائرة واشتعال النيران فيها، إلا أن أغلب هذه الأعمال ينتمي للحرب العالمية الثانية، ويتمثل في الجنود الألمان والآلات الحربية القديمة التي تنتمي لتلك الفترة.
المعالم الأثرية
واختار الفنان أحمد حسن أن يجسد المعالم الأثرية الشهيرة في عدة دول، كقصر البارون في القاهرة ــ مصر الجديدة ــ وكاتدرائية نوتردام في باريس. ولكن المثير هو أنه يقوم ببناء هذه النماذج بواسطة أعواد الثقاب، فهي فقط المادة التي تتشكل منها أعماله. والملاحظ على أغلب الأعمال الفنية على تنوعها هو الزمن الذي كان، ومحاولة تجسيد لحظات مضت، يحاول الفنان القبض عليها، واختلاق استمرارها وفق مخيلته وعمله الفني، وكأن المتلقي انتقل إلى زمن آخر يمكن رؤيته في أفلام سينما الأبيض والأسود.
