مقتل القناص الإسرائيلي في غزة.. تآكل للردع وأزمة ثقة بجيش الاحتلال

كشف مقتل القناص الإسرائيلي بارئيل شموئيلي إلى أي مدى قد وصلت حالة عدم الثقة بين الجمهور الإسرائيلي من جهة، وبين الحكومة وقيادة الجيش من جهة أخرى.
مقتل الجندي الاسرائيلي قبل ايام على حدود غزة - شاب فلسطيني يطلق النار من فتحة في الجدار
الشاب الفلسطيني يطلق النار من فتحة في الجدار على الجندي الإسرائيلي (مواقع التواصل)

كشف مقتل القناص الإسرائيلي بارئيل شموئيلي إلى أي مدى قد وصلت حالة عدم الثقة بين الجمهور الإسرائيلي من جهة، وبين الحكومة وقيادة الجيش من جهة أخرى.

وقد اقترنت حالة عدم الثقة هذه بموجة من الغضب والسخط لدى الشارع الإسرائيلي عامة، ولدى عائلة الجندي شموئيلي خاصة التي اتهمت الجيش بأنه زج بابنها على الحدود مع غزة دون توفير سبل الحماية له من الفلسطينيين المتظاهرين على طول الشريط الحدودي.

وقبل أيام من الإعلان عن وفاة الجندي شموئيلي وبينما كان يتلقى العلاج قالت والدته نيتسا شموئيلي إن رئيس الحكومة نفتالي بينيت اتصل بنا، لكنه لا يعرف اسم الجندي ولا في أي مستشفى يرقد، مضيفة أن بينيت تثاءب خلال المكالمة عدة مرات، يا له من عار على إسرائيل!

وفي مقابلة على قناة كان الإسرائيلية دعا يوسي شموئيلي (والد القناص المقتول) رئيس الحكومة ورئيس هيئة الأركان العامة وكبار الضباط في الجيش الإسرائيلي إلى الاستقالة.

وتقول صحيفة يديعوت أحرونوت إن مئات المشاركين في مراسم دفن الجندي وجهوا الشتائم وعبارات الازدراء ضد رئيس الحكومة والمفتش العام للشرطة وقائد المنطقة الجنوبية ووزير الأمن الداخلي.

وأكد مسؤولون حضروا الجنازة أن المعاملة التي تعرض لها كل من قائد المنطقة الجنوبية والمفتش العام للشرطة كانت عدائية وتحريضية.

رصاصة فلسطيني

وكانت مشاهد مصورة قد أظهرت فلسطينيا وهو يطلق النار من مسدسه (يوم 21 أغسطس/آب الماضي) على الجندي بارئيل شموئيلي (21 عاما) عبر ثغرة في الجدار الإسمنتي المحيط بقطاع غزة أثناء قنصه متظاهرين فلسطينيين.

وقد لقي الجندي شموئيلي حتفه في مستشفى سوروكا ببئر السبع بعد 9 أيام من إصابته على الشريط الحدودي.

وكان الفلسطينيون يومها يتظاهرون في الذكرى السنوية الـ52 لإحراق المسجد الأقصى.

وأصيب 41 متظاهرا فلسطينيا برصاص القناصة الإسرائيليين في ذلك اليوم، واستشهد اثنان منهم في وقت لاحق -أحدهما طفل- متأثرين بجراحهما.

فشل استخباراتي

وعلقت صحيفة “إسرائيل اليوم” الخميس على نتائج التحقيق في مقتل القناص شموئيلي بأنه فشل عملياتي واستخباراتي.

كما أن صحيفتي يديعوت أحرونوت وهآرتس اعتبرتا أن حادثة مقتل الجندي تشي بفشل ذريع لدى قيادة الجيش الإسرائيلي.

وأظهرت نتائج التحقيق أنه لم تصل أي معلومة استخباراتية للجيش الإسرائيلي بأن هناك فلسطينيا مسلحا في نيته الاقتراب من الجدار لتنفيذ عملية إطلاق نار.

وفي ما يتعلق برد فعل عائلة الجندي المقتول على نتائج التحقيق الذي أجراه الجيش الإسرائيلي، كشفت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن اللقاء الذي جمع بين قائد المنطقة الجنوبية إليعازر توليدانو وعائلة شموئيلي كان مشحونا للغاية.

وبحسب يديعوت أحرونوت، فإن العائلة لم ترغب حتى بسماع بقية حديث ضباط الجيش الإسرائيلي.

رفض الاتهامات

بدوره، لم يحافظ الجنرال قائد هيئة الأركان العامة في الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي على صمته كثيرا، حيث تطرق إلى اتهامات عائلة الجندي، ورفضها جملة وتفصيلا.

وقال كوخافي -خلال مراسم تنصيب قائد سلاح البحرية الجديد- إن تعليمات إطلاق النار لدى القادة والجنود في الجيش الإسرائيلي واضحة، وأي ادعاءات أخرى ما هي إلا محض افتراء وكذب.

واستدراكا للخطأ، قام كوخافي بزيارة عائلة الجندي شموئيلي في منزلها، واعترف أمامها، قائلا: نعم، لقد وقعت أخطاء تسببت بمقتل ابنكم.

لكن هذا الاعتراف لم يزد العائلة إلا إصرارا على إجراء تحقيق مستقل، مطالبة بمحاسبة الضباط المرتبطين بالحادث.

وكشفت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن الجيش يفكر في نشر مشاهد من حادثة مقتل شموئيلي، في محاولة لاحتواء انتقاد الجمهور.

تآكل الردع

واعتبر الشارع الإسرائيلي مقتل القناص شموئيلي من مسافة صفر على الشريط الحدودي إهانة لدولة إسرائيل وترجمة فعلية لتآكل الردع أمام قطاع غزة.

ويبدو جليا أن الحكومة الإسرائيلية تواجه معضلة حقيقية في كيفية التعامل مع حادثة مقتل الجندي بارئيل شموئيلي، إذ تريد من ناحية أن تنتقم للجندي لإرضاء عائلته والجمهور الإسرائيلي، واستعادة هيبة الجيش الإسرائيلي، وترميم حالة الردع التي تآكلت بصورة سريعة وغير متوقعة.

من ناحية أخرى، تخشى أن يجلب الانتقام للجندي ردا من قبل فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة يتمثل بإطلاق رشقات مكثفة من الصواريخ على إسرائيل، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى مواجهة عسكرية مفتوحة بين الطرفين.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *