منافس لصهر أردوغان وأخطأ في أزمة كورونا.. ماذا وراء الاستقالة المرفوضة لوزير الداخلية التركي؟

استقالة وزير الداخلية التركي سليمان صويلو التي رفضها الرئيس رجب طيب أردوغان، فتحت الباب أمام الحديث عن مكانة الوزير وقوته في الحياة السياسية، لا سيما نفوذه داخل أروقة الحزب الحاكم.

Share your love

صويلو يحظى بثقة الرئيس أردوغان وبتأييد كبير في الشارع التركي (رويترز)

زاهر البيك-أنقرة
 
استقالة وزير الداخلية التركي سليمان صويلو التي رفضها الرئيس رجب طيب أردوغان، فتحت الباب واسعا أمام الحديث عن مكانة الوزير وقوته في الحياة السياسية التركية، لا سيما نفوذه داخل أروقة حزب العدالة والتنمية الحاكم.
 
وكان وزير الداخلية صويلو أعلن استقالته من منصبه، وقال في بيان له “أتحمل كامل المسؤولية عن تطبيق قرار حظر التجوال يومي العطلة الهادف إلى منع انتشار الوباء”، طالبا من الرئيس والشعب التركي أن يعذروه على سوء تطبيق القرار.
 
ويتعلق “سوء التطبيق” بكون وزارة الداخلية أعلنت قرار فرض حظر التجول الكامل في 31 ولاية بالبلاد قبل ساعة واحدة فقط من دخوله حيز التنفيذ، مما أدى إلى تدفق حشود كبيرة إلى الشوارع سعيا لشراء السلع الغذائية، دون أخذ تدابير التباعد الاجتماعي بعين الاعتبار.
 
وانتقد آلاف المعارضين ومستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي طريقة تطبيق القرار الحكومي، واتهموا السلطات بتهديد حياة آلاف الناس.
 
وعقّب رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو على استقالة وزير الداخلية التركي قائلا “استقالة صويلو لأجل إنقاذ أردوغان”، في حين أكدت زعيمة الحزب الجيد ميرال أكشنار أن “رئيس النظام أردوغان ارتكب أخطاء فادحة خلال معالجته أزمة وباء كورونا، فهو يتصرف وكأن الدولة مزرعته الشخصية يفعل فيها ما يشاء”.
 
يشار إلى صويلو تولى منصب وزارة الداخلية عام 2016 في وقت كانت تشهد فيه البلاد أسوأ أوضاعها الأمنية مع تصاعد هجمات تنظيم الدولة الإسلامية وحزب العمال الكردستاني.
 
وخلال أشهر قليلة، نجح صويلو في وقف هجمات تنظيم الدولة وتوجيه ضربات قوية إلى القدرة القتالية لحزب العمال داخل الأراضي التركية، وهو ما رفع من رصيده في الشارع التركي بشكل كبير، وبات يعتبر من أبرز وأنجح وزراء الداخلية الأتراك في محاربة “الإرهاب”، إلى جانب حربه على تجارة المخدرات.
 
وعقب محاولة الانقلاب الفاشلة منتصف عام 2016، أبدى صويلو قبضة حديدية في الحرب على “تنظيم فتح الله غولن”، وأثبت ولاءً كبيرا لأردوغان في تحقيق مطلبه بالقضاء على التنظيم في بنية الوزارة والبلاد بشكل عام، وهو ما جعله محل ثقة وتقدير من قبل الرئيس.
 
سجل ناجح
وعن مسار الوزير صويلو، اعتبر الكاتب الصحفي التركي حقي أتاباش سجل الوزير صويلو الناجح في محاربة الإرهاب وتنظيم غولن من أبرز أوراق القوة التي يمتلكها، وهو ما دفع الرئيس لرفض استقالته، قائلا إن إبعاده عن المشهد السياسي في الوقت الحالي يعد مجازفة.
 
وأضاف للجزيرة نت أنه “مع تزايد شعبيته وقوته داخل الدولة، تزايد نفوذه داخل حزب العدالة والتنمية الحاكم، وبات أحد أبرز ثلاثة أقطاب داخل الحزب. ووصل الأمر للحديث عن منافسته على رئاسة الحزب مستقبلا بعد حقبة أردوغان”.
 
وتؤكد تقارير من داخل الحزب، أن صويلو على خلاف كبير مع بيرات البيرق صهر الرئيس أردوغان. وكشفت وسائل إعلام تركية عام 2018 أن صويلو قدم استقالته لأردوغان على خلفية خلافه مع البيرق، لكن الرئيس رفض الاستقالة وسيطر على الخلافات بينهما.
 
وعن ذلك قال الكاتب أتاباش “في حين يتفاخر صويلو بنجاحه في قيادة وزارة الداخلية، وبخطاب قومي عزز شعبيته بشكل لافت، يواجه بيرات البيرق صعوبات بالغة في اقناع الشارع التركي بنجاحه في قيادة وزارة الخزانة والمالية بسبب الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، وما رافقها من تراجع في قيمة العملة التركية”.
 
وأضاف أنه بات واضحا أن صويلو يتسلح بشعبيته المتصاعدة في الشارع التركي، حيث نشرت قرابة مليون تغريدة على موقع تويتر خلال ساعة واحدة فقط تطالب الرئيس بعدم قبول الاستقالة.
 

وقد خرج أنصاره للتصفيق على الشرفات في مناطق واسعة من عموم البلاد عقب رفض الرئيس الاستقالة، في مشهد مغاير تماما لوزير المواصلات والبنية التحتية التركي الذي أقاله أردوغان بصمت قبل أسبوعين دون أي ضجيج رسمي أو شعبي.

 
ولفت الكاتب الصحفي التركي إلى أن هذه الشعبية المتزايدة لصويلو تدفع الرئيس التركي للخشية من أن تؤدي استقالته من الوزارة للتمهيد لاستقالته من حزب العدالة والتنمية الذي عانى في الأشهر الأخيرة من الانشقاقات بعد أن ابتعد عنه بعض قادته البازرين.
 
ومن بين هؤلاء رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو، ووزير الاقتصاد السابق علي باباجان، وكلاهما شكّل حزبا سياسيا جديدا. وبالتالي فإن آخر ما يحتاجه أردوغان هو حصول انشقاق جديد يدفع صويلو لتشكيل حزب سياسي ثالث من رحم العدالة والتنمية.
 
نظام ديمقراطي
غير أن القيادي في حزب العدالة والتنمية الحاكم رسول طوسون نفى وجود أسباب أخرى لتقديم الوزير صويلو استقالته غير تلك المتعلقة بمسؤوليته تجاه خطئه في الإعلان عن حظر التجوال.
 
وأكد طوسون للجزيرة نت أن صويلو من الوزراء الناجحين، لكنه يستقيل لارتكابه خطأ، مشيرًا إلى طبيعة النظام الديمقراطي الذي يحكم البلاد.
 
وقال “أسسنا حزب العدالة والتنمية قبل 18 سنة ليكون حزبا ديمقراطيا محافظا”، مشددا على عدم  وجود تيارات متنافسة ومتباينة داخل الحزب، وأن خصوم الحزب يبثون إشاعات تتعلق بوجود تيار قومي وليبرالي وإسلامي داخل الحزب، “لكن هذه الأكاذيب ليس لها أرجل تقف عليها، فالحزب متحد ولم يؤثر في قوته ووحدته وشعبيته انشقاق قيادات كبيرة في وقت سابق”.
 
وأوضح القيادي في حزب العدالة والتنمية أن هناك تنسيقا عاليا بين وزراء الحكومة تحت قيادة الرئيس أردوغان بدليل تعاونهم ونجاحهم في مواجهة وباء فيروس كورونا، “وما يشاع عن خلاف البيرق وصويلو ليس دقيقا، لكن ربما يكون هناك تنافس بينهما، وهذا أمر طبيعي”.

شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!