‘);
}

أبو الطب العربي

هو أبو بكر محمد بن زكريا الرازي، وُلِدَ عام 864م/250هـ في مدينة الرَّي التي تبعد نحو 6كم جنوب شرقي مدينة طهران، ونُسِبَ إليها، وكان الرازي يحب العلم والعلماء منذ أن كان طفلاً، وكان قد درس العلوم الشرعية والطب والفلسفة في بلدته الري؛ إلّا أنّ حبه وفضوله نحو العلم جعله غير مكتفٍ بما حصل عليه، ولم تكن مدينة الري بتلك المدينة التي تحتوي على مختلف علوم الأرض؛ الأمر الذي جعل الرازي يتّجه نحو بغداد عاصمة العلم في ذلك الوقت، وقد تعلّم فيها علوماً كثيرة، وانصبّ اهتمامه على الطب، وكان أستاذه الأول فيه هو علي بن زين الطبري، والذي كان يمتلك أول موسوعة طبّيّة عالمية.[١]

أمضى أبو بكر الرازي عدة سنوات من عمره ليتعلّم كل ما خطر على باله من أمور الطب، حتّى أنّه تفوق في المجال الطبي تفوقاً عظيماً ملحوظاً، أما علم الفلسفة فقد اهتمّ به أيضاً لكونه علم يشتمل على آراء العديد من الفلاسفة اليونان، وكان أستاذه الأول في علم الفلسفة هو البلخي، كما كان علم الكيمياء من العلوم التي أولاها اهتماماً كبيراً، بالإضافة إلى دراسة الأعشاب، وبعد أن درس الرازي الطب وتفوّق فيه عاد إلى بلدته الري، واستلم منصباً مرموقاً فيها، وهو مدير مستشفى مدينة الري، والذي كان من المستشفيات المتقدّمة في الإسلام آنذاك، وقد نجح الرازي في علاج الكثير من الحالات المستعصية؛ الأمر الذي أدّى إلى زيادة شهرته، حتى سمع به عضد الدولة بن بويه وهو كبير الوزراء في الدولة العباسية، وحينها طلب منه القدوم إلى بغداد ليتولّى منصب رئيس الأطباء في المستشفى العضدي الذي كان أكبر مستشفى في العالم في ذلك الوقت، كما أنّه كان جامعة يُدرّس فيها الطب، وفيه أصبح أبو بكر الرازي مرجعاً علمياً على مدى عدة قرون ليس على مستوى بغداد فقط وإنما على مستوى العالم بأسره.[١]

وقد رأى الرازي في نفسه الصفات التي تؤهّله لأن يكون النسخة الإسلامية عن أبقراط في الطب، وسقراط في علم الفلسفة؛ إلّا أنّ كتاباته الفلسفية تم إهمالها فترة من الزمن ولم يتجدد الاهتمام بها حتى مطلع القرن العشرين،[٢] وقد كان الرازي يتمتّع بقدرة كبيرة على التصنيف، وكان يعتمد في تأليفه على النزاهة العلمية، فيُعطي كل ذي حق حقه، ويعمد إلى ذكر المراجع التي كان يستفيد منها سواء كانت هندية أم فارسية أم عربية، كما كان يتّبع طرقاً علمية بحته في تصنيفاته ومؤلفاته، ومن مؤلفاته الطبية كتاب الحاوي في الطب، وهو من أعظم كتب الرازي الطبية؛ حيثُ ظهرت فيه قدرته الهائلة على تشخيص الأمراض وعلاجها، ويتألف الكتاب من ثلاثين مجلداً توفي الرازي قبل تنقيحها، وقد تُرجِمَ إلى اللاتينية، وكان من أعظم الكتب التي تمّت طباعتها منذ اختراع الآلة الطابعة، ومن مؤلفاته الغنية أيضاً كتاب المنصوري في التشريح والذي يتكون من عشرين مجلداً، وكتاب منافع الأغذية، وكتاب بُرءُ الساعة، وموسوعة الفاخر الطبية، وكتاب الحصبة والجدري والذي يُعتبَر من أروع المؤلفات في الطب الإسلامي.[٣]