موضوع عن الرضا ، الرضا من أهم العبادات التي ينال بها الإنسان الثواب من الله سبحانه وتعالى؛ فإذا وجدهم راضيين بما قسمه لهم من سراء، وضراء فرح بهم وبطاعتهم له في كل تصريف منه لأمورهم، وإذا أراد الله بعباده خيرًا زرع في قلوبهم صفة الرضا؛ حتى تكون مصدر سعادتهم في الدنيا، وفي الآخرة؛ فالرضا سر السعادة الذي يحيا به المؤمن في كل أوقات حياته حتى يلقى ربه، وهو راضيًا بما أكرمه الله به في الآخرة من جميل الجزاء بالجنات، والأنهار، والخلود فيها، وتسعد موسوعة بتقديم هذا المقال إليكم عن عبادة الرضا.
موضوع عن الرضا
معنى الرضا
الرضا في اللغة: كلمة رضا مصدرها (ر ض و)، وهي طمأنينة القلب.
الرضا في الاصطلاح: الرضا هو الشعور الداخلي بالسعادة، وتقبلك لكل أقدار الله سبحانه وتعالى في السراء، والضراء بصدر رحب. والرضا هو الاطمئنان لإرادة الله وتصريفه لأمورك في كل شيء، فإنما أمره كله خير.
مصدر الرضا
في الحديث القدسي لرب العالمين عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:”أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي، إِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ، ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ، ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ هُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا، تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا، تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً”.
وفي هذا الحديث طمأنينة من الله تعالى لعباده بأن إذا أحسنوا الظن بربهم يجدوا ما تمنوا من الله، ويفيد الحديث أيضًا أن الله قريب لعباده، ويتقرب إليهم كما يتقربوا إليه؛ مما يعزز حب العباد لله سبحانه وتعالى؛ الأمر الذي يجلب الرضا إلى قلب المؤمن في كل وقت، وفي كل الموافق، والأحداث التي يمر بها في أيامه أن الله معه فلا يقلق أبدًا، ولا يجزع.
قال الله تعالى:”فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ” الأية رقم 87 من سورة الصافات.
وهذه الأية تبعث على الراحة، والطمأنينة، والرضا لأمر الله سبحانه وتعالى، وتصريفه لأمورنا جميعها؛ فهل نظن بالله سبحانه وتعالى غير الخير؟؛ فحاشاه أن يقضي أمرًا ويكون شرًا لنا، وهذا الاعتقاد هو أصل الرضا، ومصدر السعادة.
السعادة في الرضا
عن أبي يحيى صهيب بن سنان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:”عَجَباً لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْراً لَهُ”.
فتكمن السعادة في الرضا بقضاء الله، والطمأنينة لتصريفه أمورنا؛ فإذا أصاب المؤمن شيء من الخير، والهناء شكر الله تعالى لرضاه بما قسمه الله له من السراء وحسن التدبير؛ فيزيده الله من السعادة، والشعور بها جزاءً لحمده، فقال الله تعالى “لئن شكرتم لأذيدنكم”.
وإذا أصابه مكروه، أو شر يصبر، ويحمد الله على ما أصابه؛ فهو الذي لا يُحمد على مكروه سواه، وهذا نابع من الرضا بقضائه، وإن كان شر؛ فعندما تَوفى اللهُ تعالى إبراهيمَ بن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال النبي:”إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون”.
وهذا من صميم الإيمان، والرضا بقضاء الله سبحانه وتعالى؛ فلنأسى برسول الله سبحانه وتعالى في جميع أفعاله، ونرضى بكل شيء يقسمه الله لنا.
رضا الله سبحانه وتعالى عن عباده وجزاؤهم
قال الله تعالى في الآية رقم 100 من سورة التوبة:”وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ”.
والآية تعني وجب رضا الله تعالى عن عباده الذين اتبعوا تعاليم دينه، وأحسنوا عبادته، وطاعته سبحانه؛ فيرضى الله عنهم، وهذه أكبر النعم من الله عز وجل لعباده.
“ورضوا عنه”، ومعناها أنهم يرضون بما آتاهم الله من فضله، لما أنعم عليهم من جميل الجزاء، كما أنهم راضيين برضاء الله سبحانه وتعالى عنهم، وبما وعدهم من جنات، وأنهار يُخلدون فيها؛ فهذا جزاء الرضا عن كل أمورك.