‘);
}

أسباب غزوة أحد

كان كفار قريش يحترقون في مكة غيظاً من المسلمين على ما فعلوه بهم في معركة بدر، فقد أُصيبت قريشٌ فيها بمأساة الهزيمة، وقُتل فيها صناديدها وساداتها، وكانت نفوس المشركين تشتعل بنار الانتقام، وأخذ الثأر لقتلاهم، حتى إن قريشاً منعت الناس من البكاء على قتلاهم، ومنعت الناس من الاستعجال في فداء الأسرى، حتى لا يشعر المسلمون بمدى ألمهم وحزنهم، واتّفقت قريشٌ على أثر غزوة بدرٍ أن تقوم بحربٍ شاملةٍ ضدّ المسلمين؛ حتى تشفي غيظها وغضبها، وتروي غليلها، وبدأت قريش بالاستعداد والتجهيز لقتال المسلمين، وكان أكثر زعماء قريش رغبةً في قتال المسلمين هم: عكرمة بن ابي جهل، وصفوان بن أمية، وأبو سفيان بن حرب، وعبد الله بن أبي ربيعة، وأول ما فعله زعماء قريشٍ أنهم احتجزوا القافلة التجارية التي نجا بها أبو سفيان بن حرب من المسلمين، والتي كانت السبب لمعركة بدر، وخاطبوا من كانت أموالهم في القافلة قائلين: إن محمداً قد وَتَرَكم، وقتل خياركم، فأعينونا بهذا المال على قتاله، لعلّنا أن نأخذ منه ثأرنا بمن قتلهم منَّا، فأجابهم الناس لذلك، وكانت قافلة قريش مكوّنةً من ألف بعيرٍ، إضافةً إلى خمسين ألف دينار، وأنزل الله -تعالى- في ذلك قوله: (إِنَّ الَّذينَ كَفَروا يُنفِقونَ أَموالَهُم لِيَصُدّوا عَن سَبيلِ اللَّـهِ فَسَيُنفِقونَها ثُمَّ تَكونُ عَلَيهِم حَسرَةً ثُمَّ يُغلَبونَ).[١][٢]

تجهّزت قريش لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعثت أُناساً يسيرون في القبائل العربية يدعونهم إلى نصرتهم، والقتال معهم، وذهب صفوان بن أمية إلى أبي عَزَّة الجُمَحي فقال له: يا أبا عَزَّة إنك امرؤٌ شاعر، فأعِنَّا بشعِرك، واخرج معنا، فرفض وقال: تفضّل عليَّ محمدٌ يوم بدر، وعاهدته ألا أُناصر عليه عدواً أبداً، وإني حافظٌ عهده، فقال له صفوان: اخرج معنا، ولك عهدي إن عدت أن أُغنيك، وإن قُتلت أن أجعل بناتك مع بناتي، يُصيبهنَّ ما أصاب بناتي من خيرٍ أو شرٍّ، فانطلق أبو عَزَّة، ومُسافع بن عبد مناف، وهُبيرة بن أبي وهب يستنفرون قبائل بني كِنانة وأهل تِهامة بأشعارهم وقصائدهم، ويُحرِّضونهم ويدعونهم إلى قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودعا جُبير بن مُطعِم غلاماً له من الحبشة يُسمّى وحشياً، وكان يُجيد الرميَّ بالحربة، وقلَّما يُخطئ هدفه، فقال له: اذهب مع الناس، فإن قتلت حمزة عمَّ محمد؛ لأنه قتل عمِّي طُعيمة بن عدي يوم أحد، فأنت حرٌّ طليق.[٣]