موقع روسي: لماذا استبعد الخبراء احتمال نشوب نزاع مسلح بين روسيا وأوكرانيا؟

اعتبر خبراء روس وأجانب أنه من غير المحتمل شن عملية عسكرية روسية كاملة في أوكرانيا، وكان ينظر لتلك الادعاءات على أنها حملة أخرى معادية للروس روج لها دعاة ومتطرفون، لكن اتضح لاحقا أنها توقعات صحيحة.
دبابات روسية مدمرة في منطقة سومي بأوكرانيا (رويترز)

اعتبر خبراء روس وأجانب أنه من غير المحتمل شن عملية عسكرية روسية كاملة في أوكرانيا، وكان ينظر لتلك الادعاءات على أنها حملة أخرى معادية للروس روج لها دعاة ومتطرفون، لكن اتضح لاحقا أنها توقعات صحيحة، فلماذا حدث مثل هذا “الخطأ الجوهري؟

بهذه العبارات افتتح موقع “المجلس الروسي” (Russian Council) تقريرا له عن تقديرات الخبراء الخاطئة بشأن احتمال اندلاع حرب بين روسيا وأوكرانيا، إذ أكد أنه رغم سوء تقديرهم فإن هؤلاء الخبراء لم يكونوا مخطئين في تقييم العواقب، فحتى قبل بدء “العملية الخاصة” في إقليم دونباس كان واضحا لهم أنها ستلحق أضرارا جسيمة بكلا البلدين.

وقد انطلق المحللون من حقيقة أن فهم مثل هذا الضرر هو حجة قوية لعدم البدء في نزاع مسلح مع أوكرانيا، وهو تقييم دقيق للعواقب لكنهم أساؤوا تقدير موقف أولئك الذين اتخذوا قرار بدء الحرب.

وقد بدا استخدام القوة غير مرجح حتى بعد اعتراف روسيا بكل من جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك، وحدد الموقع قبل 3 أشهر من بدء الحرب 7 عواقب ونتائج محتملة في حال اندلاعها:

أولا: إطالة أمد الصراع، ألحق الجيش الروسي أضرارا جسيمة بالقوات المسلحة الأوكرانية، ومع ذلك ما زالت هذه القوات تتمركز في المدن الكبيرة، والتي من الممكن أن يؤدي اقتحامها إلى خسائر عسكرية ومدنية كبيرة.

ثانيا: توحد الغرب في مسألة المساعدات لأوكرانيا ومضاعفة حجمها، وهو غير مستعد بعد لمواجهة مسلحة مع روسيا، لكنه سيوفر دعما ماليا وعسكريا كبيرا لأوكرانيا، والإمداد بالمعدات العسكرية ممكن عمليا لأن الحدود الغربية لا تخضع لسيطرة القوات الروسية.

ومن بين الأسلحة التي سيتم إرسالها إلى أوكرانيا ستكون عينات سوفياتية من دول حلف وارسو السابق متوافقة إلى حد ما مع التكنولوجيا الأوكرانية، وكذلك الأسلحة الغربية التي لا يتطلب تطويرها تدريبا طويلا، بما في ذلك أنظمة الدفاع الجوي المحمولة والصواريخ الموجهة المضادة للدبابات.

ثالثا: العزلة الدبلوماسية لروسيا، يُنظر إلى تصرفات موسكو بشكل صريح أو افتراضي على أنها عدوان على دولة ذات سيادة، والموقف السياسي للغرب من هذه القضية لا لبس فيه وموحد، والدول غير الغربية إما أن تنضم إلى وجهة النظر هذه أو ستنسحب من التقييمات.

رابعا: فرض عقوبات غير مسبوقة على روسيا، والتبجح والتصريحات بأننا غير مبالين بالعقوبات أشياء لا تتوافق مع الواقع، وعلى عكس إيران التي تم فرض القيود عليها بشكل تدريجي فإن الضربة الاقتصادية لروسيا هائلة وحادة وهدفها زعزعة استقرار الاقتصاد في وقت قصير.

خامسا: ما زالت السيطرة على أراضي أوكرانيا -حتى في حالة هزيمة جزء كبير من القوات المسلحة الأوكرانية- موضع تساؤل، ويُظهر الوضع الحالي مدى تعقيد حل مثل هذه المشكلة، فتطويق المدن محفوف بالأزمات الإنسانية، ومن شأن اقتحامها أن يؤدي إلى سقوط المزيد من الضحايا المدنيين.

سادسا: يبدو أن المجتمع الأوكراني يتوحد على أساس المواجهة مع روسيا بغض النظر عن الاختلافات الإقليمية، وإذا كان مؤيدو القومية المتطرفة ومشاعر العداء لروسيا يمثلون أقلية فقد أصبحوا الآن هوية وطنية، وإن الخسائر المدنية تعزز هذا التوجه، كما أن الأوكرانيين منخرطون في المقاومة ويحصلون على الأسلحة والذخيرة.

سابعا: أدى التحرك العسكري ضد أوكرانيا إلى عمليات مثيرة للجدل في روسيا نفسها، وانقسم السكان إلى معارضين ومؤيدين للقرار، ويعبر القسم الأول عن احتجاجه بهذا الشكل أو ذاك ويشعر بالإحباط ويحاول إنكار ما يحدث.

وحتى الآن، لا توجد بيانات موثقة تُظهر المستوى الحقيقي للقلق في المجتمع الروسي والنسبة الحقيقية للمعارضين والمؤيدين لقرار خوض الحرب.

عاملان إضافيان

وإلى جانب عواقب الصراع التي تم التنبؤ بها قبل 3 أشهر ينبغي الآن إضافة عاملين آخرين:

الأول: التحرك نحو زيادة كبيرة في الوجود العسكري لحلف شمال الأطلسي “ناتو” (NATO) في أوروبا الشرقية، وحتى الآن ابتعد التحالف الغربي عن التدخل النشط، ومع ذلك فإن التوترات في العلاقات مع الكتلة ستنمو حتما، بما في ذلك في مجال الردع الإستراتيجي.

أما العنصر الآخر فهو التنمر واضطهاد المواطنين الروس في الخارج، خاصة في الدول الغربية، إذ أدت الأحداث الجارية إلى ارتفاع مستوى العدوانية التي سيتم التنفيس عنها ضد الناس العاديين لمجرد أنهم روس.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *